في كل مرحلة جديدة يمر بها مطار الملك خالد الدولي، نلاحظ أن التطوير لم يعد محصورًا أو محددًا في الشكل أو التوسع العمراني فقط، بل أصبح جزءًا من طريقة التفكير في إدارة الحركة وتجربة السفر، فالمطار اليوم يعمل في بيئة تشهد نموًا متسارعًا في أعداد المسافرين، وتنوعًا أكبر في وجهات السفر، وتوقعات أعلى من المسافر الذي يبحث عن تجربة واضحة وسلسة منذ لحظة وصوله وحتى صعوده للطائرة، ضمن هذا السياق، لقد جاءت عملية مناقلة الصالات كأحد القرارات التشغيلية الذكية لتكون أكبر تحول في تاريخ مطار العاصمة. فالقرار في ظاهره مناقلة بين الصالات، لكنه في جوهره هي خطوة تنظيمية عميقة تهدف إلى رفع كفاءة التشغيل، وتحسين انسيابية حركة المسافرين، والاستعداد لمراحل النمو المتسارعة التي تشهدها العاصمة الرياض.. وبموجب الخطة الجديدة، ستنتقل الرحلات الدولية للناقلات الأجنبية إلى الصالة رقم 5، فيما تُخصّص الصالتان رقم 3 و4 للرحلات الداخلية للناقلات الوطنية، وتخصص الصالتان رقم 1 و2 في خدمة الرحلات الدولية للناقلات الوطنية. هذا التوزيع لا يهدف إلى تغيير المواقع فقط، بل إلى خلق فصل تشغيلي واضح بين أنماط الرحلات، بما يحدّ من التداخل، ويُسهّل إدارة التدفقات البشرية والتشغيلية داخل المطار. هذا التنظيم الجديد سينعكس مباشرة على تجربة المسافر. فحين يعرف المسافر صالته بوضوح، ويصبح التنقل بين صالات المطار أكثر سرعة وأمان، تصبح الرحلة أكثر سلاسة وتنظيمًا. المسارات الأقصر، والإجراءات الأوضح، والبيئة التشغيلية المتجانسة داخل كل صالة، كلها عناصر تعزز شعور المسافر بالراحة وتقلل من الضغط المرتبط بالسفر. أما على المستوى التشغيلي، فالقرار يحمل أثرًا مباشرًا على كفاءة التشغيل اليومية. سوف يؤدي ذلك إلى تقليل الحركة المتقاطعة بين الصالات يسهم في تسريع إجراءات التشغيل الأرضي، ورفع دقة مواعيد الرحلات، وتحسين إدارة أوقات الذروة. وهي عناصر تنعكس في النهاية على رضا المسافرين وشركات الطيران، وكفاءة استخدام البنية التحتية، مع أهمية العائد الاقتصادي للمطار، والذي فرض الحاجة إلى حلول مرنة تواكب هذا التوسع دون اللجوء دائمًا إلى الإنشاءات الثقيلة. فإعادة تنظيم ما هو قائم أحيانًا يكون أكثر فاعلية من إضافة مساحات جديدة، خاصة عندما يُبنى القرار على دراسات تشغيلية وتجارب محاكاة دقيقة. ومع اقتراب تنفيذ مناقلة الصالات خلال الربع الأول من عام 2026، يدخل مطار الملك خالد الدولي مرحلة جديدة من التطوير النوعي العالي الكفاءة، تُركز على تحسين تجربة المستفيد، ورفع كفاءة التشغيل. في عالم الطيران الحديث، لا تُقاس قوة المطارات بحجم مبانيها فقط، بل بقدرتها على إعادة ترتيب نفسها بذكاء، وانسيابية الحركة، ومناقلة الصالات تمثل مثالًا واضحًا على أن التطوير الحقيقي يبدأ أحيانًا بقرار تشغيلي في الوقت المناسب.