من يتابع ردود الأفعال الإعلامية والجماهيرية تجاة الاتحاد السعودي لكرة القدم، سيلاحظ أن أهم موضوعين ينتقد الاتحاد بسببهما هما، أولاً: المنتخب السعودي ونتائجه المتعثرة في تحقيق البطولات الإقليمية والقارية، ثانياً: عمل اللجان القضائية (الانضباط والاستئناف) ولجان المسابقات والاحتراف والتحكيم، وأنها تكيل بمكيالين في بعض القضايا حسب إدعاء بعض النقاد والجماهير. وفي كل مرحلة مفصلية تمر بها كرة القدم السعودية، نعود لطرح السؤال ذاته: هل نملك رؤية طويلة الأمد لكرة القدم السعودية، أم أننا لا نزال نعمل بعقلية الدورة الانتخابية؟ والحقيقة أن كرة القدم السعودية تسير وفق خطط يضعها كل مجلس إدارة يأتي لاتحاد كرة القدم السعودية، لكن هذه الخطط مرتبطة بهذا المجلس وذاك وهنا مكمن الخلل، فنحن بحاجة ماسة إلى رؤية لكرة القدم السعودية تبنى على مدار 15 عاماً وتسمى برؤية 2040، وهذه الرؤية ليست ترفًا، بل ضرورة استراتيجية، إذا كنا فعلاً نريد أن يكون المنتخب السعودي مشروعًا مستدامًا لا نتيجة ظرف أو جيل عابر. وأرى أن جوهر هذه الرؤية يجب أن ينطلق من الجمعية العمومية، باعتبارها الجهة الأعلى تشريعيًا، وليس من مجلس اتحاد يتغير كل أربع سنوات. فالجمعية العمومية مطالَبة بوضع خطوط عريضة واضحة، واستراتيجية ممتدة حتى 2040، تكون ملزمة لكل مجلس قادم، بحيث تضمن الاستمرارية والاستقرار، وتمنع التعديلات في الأنظمة وتغيير المسارات مع كل إدارة جديدة، وفق أهواء معينة. وينبغي أن تكون أولوية هذه الرؤية هو المنتخب السعودي، وبناؤه الحقيقي بشكل احترافي وقوي، بحيث يبدأ البناء من القاعدة من خلال الفئات السنية، الأكاديميات، المدارس الكروية، والمنافسات المنتظمة القوية في مختلف الأعمار. مع الاستثمار في اللاعب من عمر مبكر. إضافة الى خلق بيئة تنافسية عادلة في جميع المسابقات السعودية، لأنها الطريق الوحيد لصناعة منتخب قادر على المنافسة القارية والعالمية بشكل مستدام. وبلا شك إنه لا يمكن الحديث عن تطوير فني دون عدالة تنظيمية وقانونية، وهنا يأتي دور التشريعات والأنظمة المرتبطة باللجان القضائية، مثل لجنة الانضباط ولجنة الاستئناف، إضافة إلى لجنة التحكيم ولجنة المسابقات والاحتراف. فالمطلوب أن تكون هذه اللجان مستقلة، واضحة الصلاحيات، ثابتة اللوائح، يتمتع أعضاؤها بنزاهة عالية بحيث يطبق القانون بعدل وشفافية، دون اجتهادات موسمية أو ضغوط آنية. ويكون دور رئيس مجلس الاتحاد وإدارته، تنفيذيًا بحتًا، حيث يعملون على تطبيق الاستراتيجية، إدارة الملفات، وتحقيق الأهداف المرسومة، لا إعادة صياغة القوانين أو تغيير الهوية التنظيمية حسب الرغبة. فالاتحاد ليس ملكًا لإدارة، بل مؤسسة وطنية تمثل كرة القدم السعودية. ختاماً.. من المهم أن نستوعب أن رؤية 2040 تعني أن نؤسس اليوم، ونحصد غدًا، وأن نؤمن بأن الاستقرار في الفكر والتشريع هو الطريق الأقصر نحو الإنجاز داخل الملعب وخارجه.