ارتفعت أسعار النفط، أمس الاثنين، بعد أن صرح مسؤولون بأن الولاياتالمتحدة اعترضت ناقلة نفط في المياه الدولية قبالة سواحل فنزويلا، مما زاد من حالة عدم اليقين بشأن الإمدادات، وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 57 سنتًا، أو 0.9 %، لتصل إلى 61.04 دولارًا للبرميل، بينما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 55 سنتًا، أو 1.0 %، ليصل إلى 57.07 دولارًا. وقال جون جوه، كبير محللي سوق النفط في شركة سبارتا كوموديتيز: "بدأ السوق يدرك أن إدارة ترمب تتخذ موقفًا متشددًا تجاه تجارة النفط الفنزويلية". وأضاف: "دعمت هذه الأخبار الجيوسياسية أسعار النفط، إلى جانب التوترات الروسية الأوكرانية المتصاعدة في سوق هابطة بشكل عام". وأفاد مسؤولون يوم الأحد أن خفر السواحل الأميركي يلاحق ناقلة نفط في المياه الدولية قرب فنزويلا، في عملية ستكون الثانية من نوعها خلال عطلة نهاية الأسبوع، والثالثة في أقل من أسبوعين في حال نجاحها. أوقفت الولاياتالمتحدة ناقلة نفط مملوكة لشركة صينية في البحر الكاريبي يوم السبت، وصعد أفراد على متنها، وفق ما أفادت به عدة وسائل إعلام، وذلك بعد أن أمر الرئيس دونالد ترمب بفرض حصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات والمتجهة من وإلى فنزويلا. وكانت الناقلة العملاقة "سينشريز" المحمّلة بما يصل إلى مليوني برميل من الخام الفنزويلي ترفع علم بنما، بينما تعود ملكية النفط إلى شركة صينية. وتعد هذه ثاني ناقلة يتم اعتراضها هذا الشهر على يد أفراد أميركيين. لكن بخلاف السفينة الأولى التي جرى اعتراضها في 10 ديسمبر، لم تكن "سينشريز" مدرجة سابقًا على قوائم أو إشعارات العقوبات الأميركية. من شأن حملة القمع الأميركية أن تعرقل تدفقات النفط من فنزويلا، مما قد ينذر ببعض الاضطرابات في إمدادات النفط العالمية. تمتلك فنزويلا أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، وهي ثاني عشر أكبر منتج للنفط الخام، وفقًا لبيانات موقع وورلد اوميتر الإحصائي. من جهتها، استهدفت أوكرانيا ناقلة نفط روسية في البحر المتوسط لأول مرة، في تصعيد جديد لهجماتها بطائرات مسيّرة على السفن التي تساعد في نقل الخام لصالح موسكو. تعرضت السفينة "كينديل"، البالغ طولها 250 مترًا (820 قدمًا)، لهجوم غير مسبوق على بُعد أكثر من 2000 كيلومتر (1250 ميلًا) من حدود أوكرانيا، وكانت فارغة ولا تشكل تهديدًا بيئيًا. صعّدت أوكرانيا هجماتها في الأسابيع الأخيرة على سفن تقول إنها جزء من أسطول الظل التابع لروسيا، معلنة سلسلة انفجارات في البحر الأسود في محاولة لخفض إيرادات النفط التي تساعد في تمويل حرب الكرملين. لجأت بعض السفن إلى الإبحار بمحاذاة ساحل تركيا عند مغادرة الموانئ في الممر المائي، في إشارة محتملة إلى محاولة تجنب التعرض لهجوم. وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم الجمعة إن هجمات الطائرات المسيّرة الأوكرانية على ناقلات تحمل النفط الروسي لن تؤثر على تدفقات الصادرات في البلاد. وأشار توني سيكامور، المحلل في شركة آي جي، إلى أن انتعاش أسعار النفط يعود إلى التطورات الجيوسياسية، بدءًا من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض حصار "شامل وكامل" على ناقلات النفط الفنزويلية الخاضعة للعقوبات، وما تلا ذلك من تطورات هناك، ثم تقارير عن غارة جوية أوكرانية بطائرة مسيرة استهدفت سفينة تابعة لأسطول الظل الروسي في البحر الأبيض المتوسط. وأضاف: "بدأ السوق يفقد الأمل في أن تُفضي محادثات السلام الروسية الأوكرانية، التي ترعاها الولاياتالمتحدة، إلى اتفاق دائم في أي وقت قريب". وتابع: "تساعد هذه التطورات في تخفيف المخاوف المستمرة بشأن فائض المعروض، وبالإضافة إلى الانخفاض الوهمي الذي حدث الأسبوع الماضي والذي فاجأ السوق، فإن ميزان المخاطر يقترب جدًا من التحول نحو الجانب الإيجابي في أسعار النفط الخام". خام برنت وخام تكساس وانخفض سعر خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنحو 1 % الأسبوع الماضي، بعد انخفاضهما بنحو 4 % في الأسبوع الذي بدأ في 8 ديسمبر. وصرح المبعوث الأميركي الخاص، ستيف ويتكوف، يوم الأحد، بأن المحادثات التي جرت على مدى الأيام الثلاثة الماضية في فلوريدا بين مسؤولين أميركيين وأوروبيين وأوكرانيين، والتي هدفت إلى إنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، ركزت على توحيد المواقف. وأضاف أن هذه الاجتماعات، بالإضافة إلى محادثات منفصلة مع المفاوضين الروس، كانت مثمرة. مع ذلك، صرح كبير مستشاري الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للشؤون الخارجية، يوم الأحد، بأن التعديلات التي أدخلها الأوروبيون وأوكرانيا على المقترحات الأميركية لم تُحسّن من فرص السلام. وقال محللو النفط لدى انفيستنق دوت كوم، ساهم احتمال تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران في تعزيز أسعار النفط، بعد تقارير أفادت بأن إسرائيل تخطط لاطلاع الولاياتالمتحدة على خططها لشن هجوم على إيران، وسط مخاوف بشأن برنامج طهران النووي. كما أثر احتمال عودة الإمدادات الروسية إلى الأسواق، وسط محادثات السلام بشأن الحرب الأوكرانية، سلبًا على أسعار النفط الخام. لكن هذا التأثير قابله احتمال حدوث المزيد من اضطرابات الإمدادات لفنزويلا بقيادة الولاياتالمتحدة. من جهة أخرى، أعادت "ميرسك" سفنها إلى البحر الأحمر لأول مرة منذ عامين، رغم عدم وجود خطط لدى الشركة حاليًا لإعادة فتح المسار الملاحي بشكل كامل. بدأت "ميرسك" في تحويل مسار السفن من خليج عدنوالبحر الأحمر للمرور عبر رأس الرجاء الصالح في يناير 2024، بعد مهاجمة جماعة الحوثي في اليمن السفن في المنطقة تضامنًا مع الفلسطينيين في غزة. وأوضحت الشركة أن سفينة "ميرسك سيباروك" التابعة لها أنجزت عملية العبور يومي الخميس والجمعة. وقالت الشركة في البيان: "بينما يُمثل ذلك تطورًا لافت، فهذا لا يعني أننا وصلنا مرحلة ندرس فيها إجراء تغيير واسع النطاق في شبكة المسارات من الشرق إلى الغرب، والعودة إلى ممر قناة السويس الملاحي". في سياق منفصل، قفزت صادرات المعادن النادرة الصينية بعد الهدنة الأميركية بنسبة 13 % في نوفمبر مقارنة بالشهر الذي سبقه، في مؤشر على أن تخفيف قيود التصدير بدأ يعيد الزخم لتدفّق هذه المواد الحيوية المستخدمة في المركبات الكهربائية والصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة. وبحسب بيانات الجمارك الرسمية، بلغ حجم الصادرات 6958 طنًا من المعادن النادرة، بما في ذلك المغناطيسات، وهو ثالث أعلى مستوى شهري لها. من جانب آخر، سجل أكبر حقل بحري في الصين إنتاجًا قياسيًا من النفط والغاز، حيث أعلنت الشركة الوطنية الصينية للنفط البحري، أن حقل بوهاي النفطي، أنتج أكثر من 40 مليون طن من المكافئ النفطي في عام 2025، محققًا رقمًا قياسيًا تاريخيًا. وقالت الشركة، الأحد، إن إنتاج هذا الحقل البحري، الذي يعد الرائد في البلاد من حيث الإنتاج والحجم، سيوفر دعمًا قويًا لأمن الطاقة الوطني والتنمية الاقتصادية والاجتماعية عالية الجودة. وأوضحت الشركة أن حقل بوهاي يشغل حاليًا أكثر من 60 حقل نفط وغاز منتج، بينما تجاوز إجمالي إنتاجه من النفط الخام 600 مليون طن، ونما إنتاج النفط والغاز في هذا الحقل بنسبة 5 % سنويًا خلال الأعوام الخمس الماضية. في الجزائر، تتجه البلاد للتركيز على إنتاج الغاز تماشيًا مع زيادة الطلب العالمي، وفق ما أكده سمير بختي رئيس "الوكالة الجزائرية لتثمين موارد المحروقات". وأوضح أن الأولوية في برامج الاستكشاف ستكون موجهة نحو الغاز، بينما يتركز تطوير الحقول المنتجة على البترول، وذلك بهدف الاستجابة لمتطلبات السوق العالمية. وأشار إلى أن هذه الاستراتيجية ستسمح للجزائر بتعزيز موقعها في سوق الغاز، إلى جانب تحقيق عائدات إضافية بالعملة الصعبة عبر التصدير. كما أشار إلى أن عملية ترشيح 24 رقعة نفطية وغازية أمام المستثمرين الأجانب ستستمر حتى يونيو 2026، ليتم بعدها دراسة الملفات واختيار ما بين 6 إلى 8 رقع للتطوير. وأضاف أن منافسة دولية ستُطلق في النصف الأول من 2026، بهدف توقيع عقود جديدة قبل نهاية السنة، مؤكدًا أن هذه الخطوة تأتي لتثمين موارد المحروقات وزيادة نشاطات الاستكشاف في الجزائر. من جهتها، أعادت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بهدوء، صياغة أحد الافتراضات الرئيسية المتعلقة بسوق النفط العالمي هذا الأسبوع، وتتوقع أن أوبك قادرة على إنتاج كميات نفط أكبر مما كان يُعتقد سابقًا. وفي توقعاتها قصيرة الأجل للطاقة لشهر ديسمبر، حدّثت إدارة معلومات الطاقة تعريفها وتقديرها لطاقة إنتاج النفط الخام لدى أوبك. وقامت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بتطوير مفهومين تستخدمهما لتقييم مخاطر الإمداد: الطاقة الإنتاجية المستدامة القصوى والطاقة الإنتاجية الفعلية. تمثل الطاقة الإنتاجية المستدامة القصوى الحد النظري الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه المنتج خلال عام واحد في حال سارت الأمور بسلاسة. أما الطاقة الإنتاجية الفعلية فهي أكثر عملية، إذ تمثل كمية النفط التي يمكن تشغيلها فعلياً خلال 90 يوماً والحفاظ عليها دون إلحاق الضرر بالحقول أو البنية التحتية. هذا الرقم الثاني هو ما تستخدمه إدارة معلومات الطاقة لتقدير كمية النفط المتاحة فعلياً للاستجابة لصدمات السوق.