انطلقت اليوم في مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بالعاصمة الفرنسية باريس، فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، تحت شعار: "آفاق مبتكرة للغة العربية: سياسات وممارسات لمستقبل لغوي أكثر شمولًا"، وذلك بتنظيم مشترك من مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية ومنظمة اليونسكو، وبالتعاون مع الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى المنظمة. وشهد الحفل حضور معالي المدير العام لمنظمة اليونسكو الدكتور خالد أحمد العناني، وسعادة المندوب الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو الدكتور عبدالإله بن علي الطخيس، وسعادة المدير العام لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية الأستاذ صالح إبراهيم الخليفي، إلى جانب نخبة من المسؤولين الدوليين وصنّاع السياسات والخبراء والمثقفين والمهتمين بالشأن اللغوي من مختلف دول العالم، تأكيدًا على المكانة العالمية التي تحظى بها اللغة العربية ودورها في ترسيخ التنوع الثقافي وتعزيز الحوار بين الحضارات. وأكد معالي الدكتور خالد العناني في كلمته خلال الحفل أهمية الشراكة مع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية، ودورها في تمكين منظمة اليونسكو من تطوير برامج مستدامة ذات رؤية طموحة، مشيرًا إلى أنه سيتم إطلاق عدد من المشاريع المحورية الداعمة للغة العربية، ومثمنًا في هذا السياق دعم المؤسسة المستمر للمبادرات اللغوية والثقافية. من جهته، أوضح سعادة الدكتور عبدالإله بن علي الطخيس أن المملكة العربية السعودية تولي عناية خاصة باللغة العربية، انطلاقًا من كونها لغة حضارة وعلوم، ووعاءً لقيم التعايش والتسامح، مؤكدًا أن جهود المملكة في هذا المجال تستند إلى رؤية استراتيجية لتعزيز الحضور الدولي للعربية. وبيّن الأستاذ صالح الخليفي أن الاحتفاء باللغة العربية ليس مجرد مناسبة بروتوكولية، بل يعكس وعيًا حضاريًا بحجم التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم، والدور الجوهري للغات في بناء هوية الأمم وتمكين الأجيال من الإسهام الفاعل في إنتاج المعرفة، داعيًا إلى تبني سياسات لغوية مبتكرة تعزز مكانة العربية في التعليم والإعلام والتقنية، وتواكب التطورات الرقمية المتسارعة. وأضاف أن الشراكة الاستراتيجية بين المؤسسة ومنظمة اليونسكو، التي تدخل مرحلة جديدة، أسهمت في تنفيذ برامج ومبادرات لغوية نوعية ذات أثر عالمي، مشيرًا إلى أن المرحلة القادمة ستركّز على تطوير أدوات وسياسات مستدامة تعزز جاهزية اللغة العربية لمستقبل رقمي متسارع، مع الحفاظ على عمقها الحضاري ورصيدها الثقافي. وأكد الخليفي أن احتفالية هذا العام تأتي في سياق تسارع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتغير أنماط التعليم والإعلام، ما يستدعي تعزيز السياسات اللغوية الرقمية، وتطوير أدوات تحافظ على مكانة اللغة العربية في الفضاء الرقمي العالمي، مشيرًا إلى أن هذه الفعالية تمثل انطلاقة لمسارات جديدة سيتم العمل على تحويلها إلى مبادرات عملية من خلال الشراكة مع منظمة اليونسكو والمنظمات الإقليمية المعنية، ومنها منظمة الإيسيسكو. وشهدت الفعالية تنظيم عدد من الجلسات الحوارية المتخصصة، حيث تناولت الجلسة الأولى بعنوان "تمكين اللغة العربية لتعزيز الشمول والابتكار" دور السياسات اللغوية متعددة التخصصات في دعم اللغة العربية وتعزيز مكانتها في المجتمعات متعددة اللغات، إلى جانب أهمية التخطيط الاستراتيجي لرفع حضور اللغة العربية في القطاعات الأكاديمية والتقنية والثقافية، وبناء شراكات فاعلة بين المؤسسات الوطنية والدولية. كما تناولت الجلسة الثانية التي جاءت بعنوان "اللغة العربية في العصر الرقمي: الإعلام والتكنولوجيا والتفاعل الثقافي" التحول الرقمي الذي تشهده اللغة العربية في المنصات الإعلامية والسرديات الرقمية، ودور صناع المحتوى في تعزيز استخدام اللغة العربية لدى الأجيال الشابة، إلى جانب أهمية توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الحديثة في تعليم اللغة العربية وتوسيع نطاق استخدامها، وتعزيز الوعي الإعلامي في المجتمعات الناطقة بالعربية. وتخلل الفعالية عدد من العروض الثقافية والحوارات الفكرية، من أبرزها إلقاء قصيدة شعرية احتفائية باللغة العربية عكست جماليات اللغة وعمقها الإبداعي، وأبرزت ارتباطها الوثيق بالهوية الثقافية والحضارية. ويأتي تنظيم هذه المناسبة في إطار الشراكة بين مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية ومنظمة اليونسكو، تأكيدًا على التزام الجانبين بتعزيز حضور اللغة العربية عالميًا، ودعم السياسات والممارسات اللغوية المبتكرة، بما يعزز مكانتها ويصون إرثها الحضاري العريق.