حذّر المدرب والمبرمج المالي حسين الحربي، في تصريح خاص ل«الرياض»، من تصاعد ما يُعرف ب«متلازمة المحاكاة والتقليد في المشاريع»، واصفًا إياها بأنها من أخطر التحديات التي تواجه المشاريع الناشئة، لا سيما في القطاعات ذات الانتشار الواسع، مثل المطاعم، والعربات المتنقلة، والبقالات، ومحال الخضار، والمقاهي، ومستلزمات الملابس، والملابس الطبية والرياضية. وأضاف الحربي، استنادًا إلى خبرته العملية وتعاملاته المباشرة، أن بعض رواد الأعمال يفقدون عناصر ريادة الأعمال الأساسية، التي تشمل الفكرة المبتكرة، وتحمل المخاطر، والقدرة على التنظيم وإدارة الموارد، والقيادة، والابتكار، وتأمين التمويل، إلى جانب العوامل البيئية الداعمة، مثل الدعم الحكومي، وسهولة الوصول إلى الأسواق والمواهب، مؤكدًا أن هذه العناصر تُشكّل منظومة متكاملة لتحويل الأفكار إلى مشاريع ناجحة ومستدامة. وأوضح أن هذه المتلازمة تقوم على تقليد أفكار تجارية تبدو ناجحة في ظاهرها، دون تقديم قيمة مضافة أو ابتكار حقيقي، مبينًا أن كثيرًا ممن يطلقون على أنفسهم «رواد أعمال» ينساقون خلف نجاحات سريعة يلمسونها في السوق، من دون تحليل دقيق لعوامل النجاح، أو دراسة واقعية لإمكانية تكرار التجربة في بيئات مختلفة. وأشار الحربي إلى أن من أبرز تداعيات هذه الظاهرة تراجع مستوى الابتكار، وإضعاف المنافسة الحقيقية، وخلق حالة من الركود الفكري، إضافة إلى تكرار المشاريع وتشابه المنتجات، ما يؤدي إلى تشبّع السوق وتشتيت العملاء بدلًا من استقطابهم. كما أن الاعتماد على النسخ الأعمى غالبًا ما ينتهي بالفشل، نتيجة ارتفاع التكاليف، وضعف العوائد، وعدم مواءمة الفكرة لخصوصية السوق المحلي. وأكد أن المشكلة لا تكمن في الاستفادة من التجارب الناجحة، بل في الاكتفاء بمظاهر النجاح دون فهم عميق لأسبابه، أو إعداد دراسات جدوى دقيقة، أو تطوير نموذج عمل يتناسب مع البيئة المستهدفة. وحذّر من الانجراف خلف ما يُعرف بتجارة «حط طاقية هذا على هذا»، واصفًا إياها بأنها نموذج متكرر للفشل، حيث تُستنسخ المشاريع بلا فكرة واضحة، وتُدار بلا رؤية، فتتشابه في الشكل وتنهار في المضمون. واختتم تصريحه بالتأكيد على أن مواجهة «متلازمة التقليد» تتطلب وعيًا رياديًا أعلى، سواء عبر تطوير الأفكار وإضافة قيمة حقيقية، أو البحث عن أسواق جديدة واحتياجات غير مخدومة، مشددًا على أن الابتكار، لا المحاكاة، هو الطريق الأكثر أمانًا لاستدامة المشاريع وتحقيق النجاح. حسين الحربي