قرر أن يحاكي مشروعا تجاريا ناجحا وفق تقديره، وانتهى به المطاف نحو خسائر فادحة، يصف صاحب التجربة ما آل إليه حاله بالمجازفة باهظة الثمن، يقول محمد الجهني: انبهرت بمشروع تجاري في إحدى المناطق، فأردت محاكاتها في منطقتي، جازفت بمالي الذي ادخرته لسنوات طويلة، واقترضت أمولا طائلة، حتى اكتمل الحلم الذي استنزف وقتا وجهدا، إلا أن التنافسية كانت على أشدها والبون شاسع بين مبيعاتي المتراجعة، ومبيعات المنافسين من أبناء السوق فهم يعرضون سلعهم بأسعار تقارب قيمة الشراء مما يعد ضربة قاصمة لتجارتي المكلفة، حاولت مسايرة السوق، إعادة ترتيب الأوضاع المالية حتى أحاطت بي متطلبات مالية متعددة، أقساط التمويل البنكي ودفعات القروض والمديونيات وأجرة العاملين وفواتير الخدمات وإيجار المحل، لأخرج من السوق بديون مثقلة، مضيفا: الدرس الذي تعلمته أن التقليد والمحاكاة مغامرة نهايتها الفشل الذريع، فكل مشروع تجاري يجب أن يدرس جيدا ومقومات النجاح في منطقة تختلف عنها في أخرى. تجارب فاشلة محمد ليس أسوأ حالا من السيدة أم عبدالله التي عانت صحيا بسبب وصفة عشبية ضارة، استدلت عليها من خلال إحدى مشاهير السناب شات والتي خرجت بقوام متناسق ومظهر لافت، فاستنسخت تجربتها دون التيقن من مصداقيتها، وخلال فترة زمنية محدودة داهمتها آلام مبرحة ومغص متكرر اضطرت معه للتوقف عن تناول المستحضرات العشبية وخضعت لفحوصات طبية ألزمتها السرير الأبيض، أما أبو يوسف فكانت بداية التقاعد درسا جديدا كلفه الكثير، فبعد أن تسلم حقوقه المالية، أنصت لنصيحة أحد أصدقائه بالاقتران بفتاة في مقتبل عمرها تجدد مشيبه وتعيده للحياة شابا يافعا، فاستصحب الهدايا الثمينة وطرق باب أسرة فقيرة واستمال والد الفتاة، حتى كان له ما أراد، ولم تمضِ سوى أيام ليتيقن أن المسافة بينهما ليست زمنية فقط بل تجاوزتها إلى صعوبة التفاهم والمجاراة في الأنشطة الحياتية والاجتماعية، واختلاق الأفكار وتباعد الأهداف، حتى أحس الطرفان بخيبة أمل وتعاسة مشتركة أسدلت الستار على تجربة فاشلة انتهت بالطلاق. استنساخ وانهزامية وأكد الأكاديمي د. فهد بن محمد السليم أن الانهزامية في تتبع تجارب الغير ومحاولة استنساخها دون تأثير فعلي في صناعة القرار جموح نحو الهاوية، فما يرتديه الغير من لباس وإن كان جميلا منمقا يستلزم أن يكون مناسبا للسن والمظهر والطول والعرض، وكذلك الإفادة من خبرات الآخرين فالاستنساخ والتطبيق الحرفي وبناء القرارات المصيرية سينجم عنه بلا شك سقوط مدو، وهذا يجعلني أؤكد على الانتقائية في استحضار التجربة ودراسة كل عنصر من عناصرها، فاستقلالية القرار لا تعني بالضرورة البدء من الصفر، ولا تمنع الاستفادة من التجارب، فالحياة قصيرة، وليس فيها وقت كاف لتكرار الأخطاء، ولكن التجربة يجب أن تخضع للتقييم العلمي، والتدقيق العقلاني بالإضافة إلى استشارة المختصين للوصول إلى القرار الناضج الجاهز للتطبيق، مشيرا إلى أن العاقل يجب لا يكون إمعة لا يمتلك فكرا أو قرارا مستقلا، فكل تجربة محاطة بمناخها الخاص، كذلك فيما يخص الظروف والملابسات المحيطة بالتجربة الاجتماعية مثلا فإن القرارات مصيرية ولا سيما الزواج وهذا يستدعي الاتزان والتعقل والمقارنة بين النفع والضرر. قناع التجربة وأشار المهتم بالشأن الاجتماعي باسل بن صالح المطرفي إلى أن محاكاة تجارب الآخرين دون دراسة واعية وتأن في اتخاذ القرار ينتهي بفشل ذريع، وللأسف فإن البعض ينجرف نحو تقليد الغير، ما إن يرى مشروعا تجاريا على سبيل المثال حتى يشيد مماثلا له، وينسحب ذلك على تقليد وجهات السفر وعمليات التجميل والمواقع والتطبيقات المتعددة التي باتت نسخا متماثلة من بعضها البعض، دون إضافات نافعة ومفيدة، حتى تتلاشى الخصوصية وتنتهي ويلحق الضرر بالمحاكي، تقليد الآخرين في تجاربهم نتيجته الحتمية الفشل حتى وإن حقق نجاحا وقتياً فالإمكانات والأدوات لدى الأشخاص مختلفة، وكذلك البيئة المعينة والظروف المحيطة، فالناجح عادة يمتلك من المقومات والقدرات ما يساعده على النهوض سريعا في حال انكفائه بينما الشخص الذي يريد أو يرغب في أن يلبس قناع تلك التجربة ويريد تكرارها، قد لا يمتلك جزءا من تلك الأدوات مع تميزه في جوانب أخرى لم يكتشفها في نفسه بكل تأكيد. هاجس النجاح قد تكون له تبعات سلبية د. فهد السليم باسل المطرفي