خبراء وإعلاميون: خطر التهجير في غزة قائم.. وتمكين الشباب ومسؤولية الإعلام شرط لاستدامة السلام ناقشت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي خلال اجتماعات دورتها العادية السادسة والعشرين اليوم الاثنين الدور الأساسي للشباب في إعادة بناء المجتمعات المتضررة من الحروب والاحتلال والأزمات الإنسانية، لتعزيز مشاركة الشباب في جهود الإغاثة وعمليات المصالحة والتخطيط الإستراتيجي للتنمية المستدامة، والإسهام في السلام على مستوى الأسر والمجتمعات، وخلال حوارًا رفيع المستوى أكد المشرف العام على الإعلام الرسمي في دولة فلسطين الوزير أحمد عساف أن الشباب الفلسطيني دفع الثمن الأكبر خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، مشيراً إلى أن هناك أكثر من 20 ألف شهيد من طلاب الجامعات، الأمر الذي يؤكد أنَّ الاحتلال يستهدف الشباب. ونوه بدور المملكة العربية السعودية وقيادتها الرشيدة في دعم القضية الفلسطينية وقيادة المؤتمرات الدولية الرامية إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وأشار عساف إلى أهمية دور الإعلام في مناطق النزاع، ويرى أنَّ الإعلام يستطيع خلق بيئة إيجابية في هذه المناطق من خلال تعزيز الحوار، وتعزيز مبدأ سيادة القانون، وحث الحكومات على إشراك الشباب في صنع القرار، إضافة إلى اقتراح قوانين وتشريعات تمكن الشباب على مستوى مؤسسات الدولة ومراكزها القيادية. وشدد عساف على أن خطر التهجير في قطاع غزة لا يزال قائماً، مشيراً إلى أن الحكومة الفلسطينية تعمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني وبقائه في أرضه، مشدداً على أن الشعب الفلسطيني لن يهاجر من فلسطين إلا إلى فلسطين. وأكد محمد عبدربه اليامي المدير العام لاتحاد وكالات أنباء دول منظمة التعاون الإسلامي أن الإعلام أهم أداة للتأثير في الجماهير، لافتاً إلى أنَّ منطقة منظمة التعاون الإسلامي هي موطن للعديد من النزاعات، كما أنها موطن لثلث شباب العالم، وهو ما يحتم توظيف الإعلام في التواصل مع الشباب لتعزيز دورهم في بناء سلم مجتمعاتهم واستقرارها. وأوصى اليامي في هذا الصدد بتوظيف الإعلام في نشر سرديات التقارب والمصالحة، وإيجاد فضاء مفتوح للحوار مع الشباب حول رؤيتهم لقضايا السلام، وتعزيز دور الإعلام في تحصين الشباب ضد مفاهيم التطرف، وهو أمر في غاية الأهمية بالنظر إلى اعتماد الجماعات المتطرفة على وسائل الإعلام ولا سيما الإعلام الجديد لنشر أفكارها الضالة، ومحاولة استقطاب الشباب إلى صفوفها، إضافة إلى تكثيف المضامين الإعلامية التي تعزز الانتماء الوطني لدى الشباب وتنمي مسؤوليتهم تجاه أمن أوطانهم واستقرارها، وتفعيل دور وسائل الإعلام في رصد وتحليل أوضاع الشباب في المناطق المتأثرة بالصراعات، من أجل بناء وتحديد الاستجابة المناسبة تجاه هذه الأوضاع. وطالب اليامي بتشجيع الشباب على الظهور إعلامياً للحديث عن تجاربهم في بناء السلام واستدامته في مجتمعات ما بعد النزاع، وتقديم نماذج وقدوات في هذا المجال، يمكن للآخرين الاحتذاءُ بها، والسيرُ على منوالها، وشدد على أنه لتطبيق هذه المقترحات يجب اعتماد مواثيق مهنية إعلامية تلزم الإعلام بالامتناع عن بث الخطابات المثيرة للانقسامات والتوترات، مشيراً في هذا الصدد إلى "ميثاق جدة للمسؤولية الإعلامية" الذي أصدره الاتحاد بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، وأكد على ضرورة سد الفجوة الرقمية في الدول الأعضاء لضمان الوصول إلى الشباب في جميع الإنترنت، ونوه بتضحيات الشباب الفلسطيني وإسهاماته الكبيرة في إيصال القضية الفلسطينية إلى العالم، داعياً وسائل الإعلام إلى الاستمرار في تكثيف التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية لتسليط الضوء على معاناة الشباب الفلسطيني في ظل الاحتلال، واستدامة الزخم الإعلامي الذي اكتسبته هذه القضية. وأشار الدكتور يحيى محمد أبو مغايض رئيس قسم البرامج الوقائية في المجال الفكري بالتحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب إلى أن دور الشباب في النزاعات على جانبين، فقد يكونون منخرطين في النزاعات لأسباب متعددة، وقد يكونون ضحايا ومتأثرين بالنزاعات سواء بشكل مباشر، أو بشكل غير مباشر من حيث تأثير هذه النزاعات على الخدمات المقدمة لهم. و شدد أبو مغايض على أنه لكي يقوم الإعلام بدوره لا بد أن يكون على وعي ودراية كاملة بالنزاعات وأسبابها ومآلاتها وما يقف خلفها من دعوات وأفكار منحرفة، ثم بعد ذلك يمكن للإعلام صناعة رسالته التوعوية. ورأى أبو مغايض أنَّ الإعلام لن يكون مؤثراً ما لم تكن هناك مشاركة فاعلة من الشباب، وهذا يقتضي تمكينهم وتزويدهم بالمهارات اللازمة. وتطرق إلى دور التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في هذا الجانب، مشيراً إلى أنَّ التحالف تنضوي تحته 43 دولة، ويركز على تنسيق جهود الدول في مجال محاربة الإرهاب، مبيناً أن التحالف لديه أكثر من 22 مبادرة، وأنه يقدم خدماته وفقاً لاحتياجات الدول. أشار إلى أن بيئة النزاع تشكل بيئة خصبة لعدم الاستقرار الأمني وظهور التطرف الفكري وجماعاته، لافتاً إلى أنَّ الإعلام، في المقابل، مقوٍ لبيئة الاستقرار وله إسهامه في مواجهة المهددات للمجتمعات، بما في ذلك النزاعات. وحثَّ أبو مغايض في ختام مداخلته على أن تضطلع جميع المنظمات الدولية بدور فاعل في تعزيز مشاركة الشباب في بناء مجتمعات ما بعد النزاع، كل منظمة بحسب اختصاصها. وضمن الجلسة الحواريّة تحدث مدير عام الديوان في منتدى التعاون الإسلامي للشباب يونس سونماز وأكد أن الجيل الحالي من الشباب الفلسطيني هو جيل السلام ومشاركتهم مهمة الآن أكثر من أي وقت مضى، لافتاً إلى أنَّ هذا الجيل تشكله التكنولوجيا الرقمية، فالجوال قد يكون وسيلة التواصل الوحيدة للشباب في غزة مع العالم. وأوضح أن الإعلام يسمح للشباب بتوثيق تجاربهم وإيصال صوتهم، منبهاً إلى بعض المخاطر التي يواجهها الشباب في الفضاء الرقمي، بما في ذلك خطاب الكراهية، والمحتوى المضر الذي يؤدي إلى تطبيع العنف. ودعا سونماز إلى بناء المرونة الفكرية لدى الشباب، التي تمكنهم من التفكير نقدياً، ومكافحة التلاعب والتضليل الإعلامي، مبيناً أن هذه المرونة الفكرية يمكن بناؤها من خلال التربية الإعلامية والإرشاد اللازم عبر منظمات الشباب. واستعرض جانباً من إسهامات منتدى التعاون الإسلامي للشباب في تأهيل الشباب في الدول الأعضاء إعلامياً وتزويدهم بمهارات التفكير النقدي، مؤكداً سونماز استعداد المنتدى للتعاون مه الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان وأجهزة المنظمة الأخرى في هذا المجال.