القرآن الكريم هو معجزة لغوية تجمع بين الإعجاز العلمي والبياني والبلاغي، وهو كتاب يفتح للإنسان آفاقاً عميقة في فهم اللغة والوجود.. من أبرز مظاهر الإعجاز فيه أنه يضع كلمات بسيطة في مواقف دقيقة تعطي معانٍ تتجاوز سطوح الكلام، من أمثلة ذلك لغوياً استخدامُ الله تعالى لعبارة: (قل هو الله أحد) بدل القول: قل هو الله واحد، لماذا قال الله تعالى: قل هو الله أحد، ولم يقل: قل هو الله واحد؟ وما الفرق بين واحد وأحد؟ * التمايز في الانقطاع وعدم التبدل العدد، فنقول: واحد، اثنان، ثلاثة... العدد أحد ليس له ثانٍ، هذا يفتح باباً للمعنى الذي يخصّ الله وحده بلا شريك. * التأنيث والتشريف واحد له مؤنّث: واحدة. أما أحد فلا يؤنّث، وهذا مقام تشريف لمن تُنسب إليه الصفة: الله أحد، لا يُقال: امرأة أحد. * الخصوصية والاختصاص واحد يصف شيئاً عموماً: رجلٌ واحد، كتابٌ واحد. أحد خصّها الله وحده، فتُقال: الله أحد، ولا نقول: الرجل أحد. * التجزؤ وعدم التجزئة واحد يمكن أن يتجزأ كأرباع وأثلاث. أحد لا يتجزأ ولا تبعض، فهو بمعنى الوحدة الكلية. * النفي المطلق والنفي القاطع واحد لا يفيد النفي المطلق دائماً. أحد يفيد النفي القاطع: ما قتلت أحداً، البراءة. * العاقل وغير العاقل واحد يطلق على العاقل وغير العاقل: رجل واحد، شيء واحد. أحد تُستخدم غالباً للعاقل، وهذا تشريف خاص. * الصيغة والدلالة واحد صيغة اسم فاعل. أحد صيغة صفة مشبهة أقوى من اسم الفاعل. في قوله تعالى: قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، يظهر الاتساق اللغوي الذي يعزز مفهوم التوحيد وفرادته. ما أعظم كتاب الله! نسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن، وأن يشرح قلوبنا لمعانيه ويعزّز فينا الفهم اللغوي والروحي معاً. (المصدر: النّهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري). د. أحمد عبدالقادر المهندس