استنادًا لدراسة أجرتها جامعة كارينجي ميلون الأميركية عام 2012، وجد أن 91 % من المستخدمين يوافقون على الشروط والأحكام بدون قراءة، وهم لا يلامون لأنها أطول من برج إيفل.. والشاهد بايبال، التي تضم شروطها وأحكامها 36 ألفًا و275 كلمة، وتتفوق في عدد كلماتها على رواية هاري بوتر وحجر الفيلسوف.. في عام 2021 تم إجراء تجرية اجتماعية في مكان عام بالمملكة، وذلك ضمن حملة توعوية للبنوك السعودية اسمها: اقرأ، وقد كانت على شكل مسابقة شارك فيها أكثر من عشرة آلاف شخص، وكان مدسوساً في شروطها وأحكامها بند مهم، وهو أن من يرغب في المشاركة يجب عليه إرسال إيميل إلى عنوان محدد، حتى يدخل السحب على الجائزة، واللافت أن هذا البند لم يقرأه إلا ثلاثة أشخاص من أصل عشرة آلاف، ونشرت ذات التجربة على السوشال ميديا، بمشاركة وصلت إلى 25 ألف شخص، ولم يهتم بها إلا ما نسبته واحد ونصف في المئة من الإجمالي، ومعظم الناس يفعلون هذا، مع أنه ربما أدخلهم في ورطة يصعب عليهم تجاوزها. فكرة الشروط والأحكام، استحدثت للمرة الأولى عام 1980، أو قبل 45 عاماً، وتزامنت مع ظهور الكمبيوتر، وكانت مرتبطة بأغلفة البرامج والألعاب، ضمن ما يعرف باتفاقية شرنك راب، والمعنى أن فتحها من قبل الشخص يعني موافقته عليها قبل قراءتها، وهذه الطريقة استخدمتها شركة مايكروسوفت لحماية منتجاتها من القرصنة الإلكترونية، أو البيع والتحميل بطرق غير مشروعة، وتم استبدالها فيما بعد باتفافية الكليك راب، المتعارف عليها، وتكون الموافقة فيها بضغطة زر على الإنترنت، ومعها اتفاقية البراوز راب، التي تفترض أن وجود الشخص في موقع إلكتروني يحتوي على إشارة للشروط والأحكام يعني موافقته عليها تلقائيا، وكلها تصنف باعتبارها عقودا قانونية ملزمة. العقود وعدم قراءة شروطها وأحكامها كانت سببا في خسارة الأخوين ماك وديك ماكدونالدز، لمطعم الوجبات الشهير الذي ورثاه عن والدهما، ومعه كامل ثروتهما، نتيجة لعقد وقعاه في 1955 مع راي كروك، بعد شرائه لحقوق الامتياز منهما، بما يزيد على مليونين و571 ألف دولار، ووعده لهما بالحصول على نسبة من كل فرع ماكدونالدز يتم افتتاحه، إلا أنهما لم يحصلا على دولار واحد، لأن هذه النسبة لم تكتب في العقد، وهما لم يكلفا نفسيهما عناء قراءته. في دراسة قامت بها جامعة يورك البريطانية عام 2017، لوحظ أن الشخص حتى يقرأ الشروط والأحكام التي تظهر أمامه يحتاج لحوالي 76 يوم عمل سنويا، أو قرابة شهرين ونصف الشهر كل عام، والشركات التي تصمم هذه العقود تأخذ بأسلوب يسمونه الإغراق المعلوماتي، وبتقنيات علم النفس الوظيفي، وفكرتها تقوم على وجود نظامين للتفكير عند الإنسان، أحدهما بطيء والآخر سريع، والثاني إذا شاهد كمية كبيرة من المعلومات فإنه يقرر عدم قراءتها، بخلاف أن الوصول إلى الخدمة مقيد بالموافقة عليها، ومعظم الشركات توظف ما يعرف ب"الفريمنغ إيفكت"، والمعنى أن هذه العقود تؤطر بطريقة تجعل قراءتها أمرا مزعجا، والإشكالية أنها قد تخبأ بداخلها، موافقة من المستخدم على بيع معلوماته لطرف ثالث، أو بند ينص على تجديد الاشتراك تلقائيا، بدون الرجوع إليه، أو عدم مقاضاة الشركة أو مقدم الخدمة مهما كانت الظروف، وإنهاء الخلافات معه بالصلح والتسوية خارج المحاكم، ما يفسر عدم وصول مخالفتها إلى القضاء. شركة تيك توك الصينية أبلغت المستخدمين في أغسطس 2022، أنها ستقوم بتقديم إعلانات موجهة دون الرجوع إلى المستهدفين بها، ولم تسكت دول الاتحاد الأوروبي على التصرف، ما اضطرها إلى التراجع عن قرارها في أوروبا، والسبب وجود تنظيم أوروبي لحماية البيانات العامة، يعرف اختصارا ب "جي دي بي آر"، تم تنفيذه في مايو 2018، ومخالفته قد تؤدي لغرامات تصل ل20 مليون يورو، أو 4 % من أرباح المخالف السنوية، وفي المملكة هناك نظام حماية البيانات الشخصية، وقد صدرت الموافقة الحكومية عليه وطبق في أواخر 2021، وعقوباته تصل إلى السجن وغرامة مالية سقفها خمسة ملايين ريال، أو ما يعادل مليونا و334 ألف دولار، وهو يهتم بمسألة بيانات الأشخاص في الواقع وعلى الإنترنت، وضمان عدم استغلالها والتربح من ورائها، باستخدام حيلة الشروط والأحكام، أو بغيرها من الحيل والألاعيب التسويقية والدعائية، ومن الأمثلة، تقديم خصم معين، إذا قام الشخص بالاشتراك في العشر دقائق القادمة، وهو أقل بمراحل من زمن قراءة الشروط. استنادا لدراسة أجرتها جامعة كارينجي ميلون الأميركية، عام 2012، وجد أن 91 % من المستخدمين يوافقون على الشروط والأحكام بدون قراءة، وهم لا يلامون لأنها أطول من برج إيفل، والشاهد بايبال، التي تضم شروطها وأحكامها 36 ألفا و275 كلمة، وتتفوق في عدد كلماتها على رواية: هاري بوتر وحجر الفيلسوف، والأنسب هو التفاهم مع الكيانات الخاصة والعامة في المملكة على حوكمة شروطها وأحكامها، وبصورة واضحة ومختصرة، قدر الإمكان، مع إبراز البنود المهمة والتأكيد عليها، واستبعاد العبارات الفضافضة والمبهمة، وتنبيه الناس لمخاطر تجاهل الشروط والأحكام، واقتراح حلول لمساعدتهم، كالاستعانة بمستشار قانوني في العقود الورقية، أو بالذكاء الاصطناعي التوليدي في العقود الإلكترونية، وتوجد تطبيقات متخصصة تحلل الشروط بدقة وتقيمها، طبقاً لدرجة وضوحها.. وأعتقد أن ما سبق مشترك بين وزارة الاتصالات السعودية وسدايا قبل الآخرين.