أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان -في خطبة الجمعة-: على أن الله تعالى اشترط للأعمال الصالحة شرطًا لا تُقبل إلاّ به، ولا تتحقق مقاصدها إلاّ به، ولا يُثابُ عليها إلاّ به، شرطٌ من أعظم أعمال القلوب، ولا يطّلع عليه إلاّ علام الغيوب، إنه شرطٌ من أجل وأفضل القربات، وأزكى الطاعات، وهو الإخلاص، فهو مكمن النجاة والخلاص، ودرب الفوز والمناص، وأساس كل عمل صالح، وشرط قبول لكل عبادة، وغاية كل مريد، فالعمل بلا إخلاص هدر وقت وطاقة لا أجر له. وقال: إن الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد وصرف العمل متقربًا به إلى الله الواحد الأحد طمعًا في رضاه وثوابه، وخشية من غضبه وعذابه، بلا رياء ولا سمعة، ولا تصنع للخلق ولا رغبة في المكاسب منهم المنفعة، مبيناً أن الإخلاص هو الصدق في الاعتقاد والعمل، وتنقية الباطن من شوائب الشرك والرياء والنفاق. وأضاف أن قيمة العمل عند الله إنما تكون بقدر الإخلاص فيه، فمن راءى بعمله وسمعه الناس ليكرموه ويعظّموه، ويعتقدوا خيره سمّع الله به يوم القيامة وفضحه على رؤوس الأشهاد ذاكراً أن الإخلاص هو أساس الإيمان، وركيزة أساسية ومطلبٌ ضروري في كل الأعمال من عبادات ووظيفة ومعاملات، وفي جميع العلاقات، به يحصل النشاط، ويزول الكسل والوهن، ويتحسن الأداء، ويبارك الله في الجهد وتتحقق النتائج. وأوضح أن الإخلاص تتحول به الأعمال من عادات ومباحات غير مأجور عليها العبد إلى عبادات ترفع الدرجات، وتضاعف عليها الحسنات، وتُمحى بها السيئات، فالعمل من غير نية عناء، والنية بغير إخلاص رياء، والإخلاص من غير متابعة للسنة هباء، كما أن أجل أعمال القلوب وأشرفها هو الإخلاص، ذلك السر الخفيّ بين العبد وربه، وهو لبُّ العبادة وروحها، وميزان القبول عند الله، لا يطلع عليه أحد سواه، يجب تحققه في كل العبادات والطاعات، لكنه صعب المنال، سريع الانتقال والزوال، عسيرٌ على المرء، عزيز على النفس، شاقٌ على القلب لا يثبت إلا بقلب راقب الله في السر والعلن. واختتم أن الإخلاص سرٌ عظيم من أسرار الله في خلقه، جعله علامة الاصطفاء، وأودعه الله في قلب من أحب من عباده، فنور به قلبه ودربه وبصيرته، فمن أخلص لله أخلصه الله لنفسه، واختصه برحمته وجاد عليه بلطفه، وجعل في قلبه نورًا وطمأنينة.