حذّرت الأممالمتحدة الجمعة من "تكثيف للأعمال العدائية" في السودان، وذلك على الرغم من موافقة قوات الدعم السريع على مقترح هدنة قدّمه الوسطاء بعد أكثر من سنتين على اندلاع الحرب في البلاد. والحرب مندلعة في السودان منذ أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي". الجمعة، جاء في بيان للمفوّض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة فولكر تورك "ليس هناك أي مؤشر إلى خفض التصعيد". وتابع "على العكس، تشير التطورات على الأرض إلى استعدادات واضحة لتكثيف الأعمال العدائية، بكل ما يعنيه ذلك للسكان الذين يعانون منذ فترة طويلة". الخميس، أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح لهدنة إنسانية موقتة في السودان قدّمته الولاياتالمتحدة والسعودية والإمارات ومصر. لكن الحكومة المدعومة من الجيش لم ترد حتى الآن على مقترح الوسطاء الدوليين بقيادة الولاياتالمتحدة، فيما هزّت انفجارات العاصمة الخرطوم التي يسيطر عليها الجيش الجمعة. وتقترح حاليا دول الرباعية، المشكلة من الولاياتالمتحدة والسعودية والإمارات ومصر، وقفا لإطلاق النار بعد نحو عامين وسبعة أشهر من الحرب التي أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح نحو 12 مليون سوداني وتسببت في أزمة جوع. دارفور قبل أقل من أسبوعين، سيطرت قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش الكبرى في إقليم دارفور في غرب البلاد. ومع سقوط الفاشر في قبضة قوات الدعم السريع، تكون قد سيطرت على جميع عواصمالولايات الخمس في دارفور، مما يثير مخاوف من تقسيم السودان بين شرق وغرب. ويسيطر الجيش على غالبية المناطق الواقعة في الشمال والشرق والوسط. ترافقت سيطرة قوات الدعم السريع على الفاشر مع تقارير عن عمليات قتل جماعي وعنف جنسي ونهب، ما أثار إدانات دولية. الخميس قال مختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل إن صور الأقمار الصناعية التي تم جمعها في وقت سابق تظهر إغلاق قوات الدعم السريع طريقا رئيسا يستخدمه المدنيون للفرار من الفاشر، هو أحد المخارج الرئيسة الخمسة للمدينة. وتتزايد المخاوف من وقوع مزيد من الفظائع مع تمدد القتال شرقا نحو الخرطوم ومنطقة كردفان الغنية بالنفط. تصعيد للعنف حذّر تورك الجمعة من تصعيد للعنف في إقليم كردفان، المنطقة الاستراتيجية الواقعة بين العاصمة الخرطوم وإقليم دارفور الذي أصبح تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وقال تورك "منذ السيطرة على الفاشر، تزداد أعداد الضحايا المدنيين والدمار والنزوح الجماعي". في جنوب كردفان، اتهمت نقابة أطباء السودان قوات الدعم السريع بقصف مستشفى في مدينة الدلنج المحاصرة صباح الخميس، ما أدى إلى مقتل خمسة أشخاص وإصابة خمسة آخرين. وقالت النقابة إن القصف أدى إلى "تدمير قسم الأشعة والتصوير الطبي بمستشفى الدلنج التعليمي، مما أدى إلى تعطيل أحد أهم المرافق الصحية في المنطقة". وتقع الدلنج على بعد نحو 150 كيلومترا جنوب غرب الأبيض، وهي مفترق طرق رئيسي يربط دارفور بالخرطوم. من الصعب التأكد من المعلومات التي يوردها طرفا النزاع والتطورات على الأرض في ظل انقطاع الاتصالات في المنطقة، لكن الثابت أن الدلنج تواجه أزمة إنسانية مستفحلة. وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فقد أصبحت المدينة الآن معرضة لخطر المجاعة، في حين تواجه عاصمة الولاية كادوقلي خطر المجاعة بالفعل. وكسر الجيش في فبراير حصارا استمر عامين كانت تفرضه قوات الدعم السريع على مدينة الأبيّض، في فبراير، لكن قوات الدعم السريع أعادت تنظيم صفوفها وتسعى للسيطرة مجددا على المحور. وقال أحد سكان الأبيّض، عاصمة ولاية شمال كردفان، مشترطا عدم كشف هويته، إن الناس "يعيشون في خوف" و"يستعدون للمغادرة في أي لحظة". في الأسبوع الماضي أعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على مدينة بارا الواقعة إلى الشمال من الأبيّض. انفجارات في الخرطوم الجمعة، سُمع دوي انفجارات في الخرطوم وعطبرة، وهي مدينة يسيطر عليها الجيش وتقع على بعد نحو 300 كيلومتر شمال الخرطوم، وفق ما أفاد شهود وكالة فرانس برس. ويسود هدوء نسبي الخرطوم منذ سيطر عليها الجيش هذا العام، لكن قوات الدعم السريع تواصل شن هجمات في عدة مناطق. وقال شهود في شمال مدينة أم درمان في العاصمة إنهم سمعوا أصوات "مضادات (أرضية) ومن بعدها انفجارات" من جهة قاعدة وادي سيدنا العسكرية، ولاحقا من جهة محطة المرخيات للطاقة قبل تسجيل "انقطاع التيار الكهربائي". وفي عطبرة، تحدث شهود عن "ظهور عدد من المسيّرات فوق المدينة أسقطتها المضادات"، وأفادوا "باندلاع النيران وأصوات انفجارات في شرق المدينة". ولم ترد أنباء فورية عن سقوط ضحايا. ولم يعلق الجيش ولا قوات الدعم السريع على الانفجارات، علما أن الأخيرة تستخدم طائرات مسيّرة بعيدة المدى لضرب المناطق التي يسيطر عليها الجيش منذ أجبرها على الانسحاب من العاصمة. على الرغم من إعلان قوات الدعم السريع موافقتها على مقترح الهدنة الخميس، يشكّك خبراء في إمكان احتواء التصعيد. وقال كامرون هادسون من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن في تصريح لفرانس برس إن إعلان قوات الدعم السريع "يهدف إلى صرف الانتباه عن الفظائع... في الفاشر والإيحاء بأنها تتحلى بحسّ أكبر من المسؤولية" مقارنة بالجيش.