ركز اليوم الثاني من النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار (FII9) على "عصر الذكاء"، حيث تُعيد البيانات والحوسبة والطموح تشكيل الصناعات والاقتصادات والتجربة الإنسانية. من السيادة في مجال الذكاء الاصطناعي ومرونة الطاقة إلى صعود الرأسمالية الوطنية وولادة قطاع السياحة من جديد، التقى قادة العالم والرؤساء التنفيذيون في الرياض لرسم خارطة الطريق للمرحلة التالية من الازدهار. افتتح رئيس اللجنة التنفيذية والرئيس التنفيذي المكلَّف لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد أتياس، الجلسة العامة لليوم بالقول: "تحتاج الحوارات العالمية إلى الهدوء لفصل الازدهار عن السياسة. نشهد هذا الأسبوع تحول المملكة العربية السعودية إلى مركز للشراكات العالمية الجديدة التي تعيد تعريف مفهوم التقدم في عصر الذكاء". تناولت الجلسات الصباحية، التي حملت عنوان "هل ستصبح الحوسبة مورداً عالمياً؟" و"ماذا يتطلب الأمر لخلق الذكاء؟"، مسألة الذكاء الاصطناعي باعتباره أساس الحقبة الصناعية القادمة. قال الرئيس التنفيذي لشركة Groq جوناثان روس: "يُبنى الذكاء الاصطناعي على الحوسبة، وهي المورد الحضاري الرابع، بعد الحجر والحديد والنفط". وفي السياق ذاته، أكد إيدان غوميز من شركة Cohere على أن "إعادة التوطين" و"السيادة على البيانات" هما ضرورات استراتيجية. أشارت سارة فراير، المديرة المالية لشركة OpenAI، إلى الدور المتنامي للمملكة العربية السعودية قائلة: "المملكة بيئة مثيرة لمراكز البيانات، إذ تقوم ببنائها وتنظيمها وتزويدها بالطاقة بشكل أسرع وأفضل". وأضاف فيليب غيدو من شركة AMD أن إضفاء الطابع الديمقراطي على الذكاء الاصطناعي يعني أن "الجميع سيحظون بفرصة للمشاركة"، في ظل استثمار الحكومات والقادة التقنيين لجعل القدرة الحاسوبية متاحة عالمياً. أعلن كل من دونالد ترمب الابن وعميد مالك من شركة 1789 Capital عن عودة الاقتصاد القائم على القيم. وقال مالك: "لقد أنشأنا 1789 Capital للاستثمار في الشركات التي تعزز أمن أمريكا وازدهارها"، بينما قال ترمب الابن للجمهور: "أي شخص يتمتع ببعض الذكاء سيستثمر في الشرق الأوسط، فالفرص في هذه المنطقة مذهلة". جمعت جلسة "مجلس صُنّاع التغيير: معضلة الطاقة الثلاثية" قادة من "أكوا باور"، و"إنجي"، و"أوكتوبوس إنيرجي"، ووزارة الطاقة الأمريكية لمناقشة كيفية تلبية احتياجات الذكاء الاصطناعي المتزايدة من الطاقة مع الحفاظ على التكلفة المعقولة والاستدامة. قال خالد الغامدي، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للكهرباء: "يجب ألا يكون هناك مقايضة بين التكلفة والاستدامة والمرونة، فهذه العوامل مترابطة". أشار معالي محمد التويجري، نائب رئيس مجلس إدارة صندوق التنمية الوطني، إلى أن الصناديق السعودية أصبحت أكثر مرونة من المؤسسات المتعددة الأطراف، وقال: "في عالم من الاضطرابات، أصبحت الشراكات بين الصناديق الوطنية والمتعددة الأطراف أكثر أهمية من أي وقت مضى. تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تطورًا سريعًا، وتواصل المملكة العربية السعودية دعم جيرانها يوميًا". في جلسة "المرونة أصبحت العملة الجديدة للشركات"، ناقش مسؤولون تنفيذيون من صندوق الاستثمارات العامة، ومجموعة إي اف چي القابضة، وبيكر ماكنزي، ومويلس وشركاه، التعريف الجديد لمرونة الشركات. وصرحت رانيا نشار، من صندوق الاستثمارات العامة، قائلةً: "لقد حسّنت الشركات من أدائها لتحقيق الكفاءة، لا القدرة على التحمل"، مضيفةً أن لوحة معلومات المرونة التي أنشأها الصندوق تُساعد في تحديد إشارات الإنذار المبكر في محفظته الاستثمارية. كشف الدكتور روبرت بلايتر، الرئيس التنفيذي لشركة بوسطن داينمكس (Boston Dynamics)، عن الحدود المستقبلية للابتكار: "سيكون هناك روبوت لكل شخص — ولكن يجب أولاً أن يصبحوا عمليين حقاً ويتم تصنيعهم على نطاق واسع". وأضاف أن الذكاء الاصطناعي في الروبوتات سيضيف قيمة للناس في كل مكان، دون أن تكون الشهادات المتقدمة متطلبًا لاستخدامها. أكد معالي وزير السياحة الأستاذ أحمد الخطيب على دور القطاع كركيزة أساسية لرؤية 2030، قائلاً: "تمثل السياحة 5% من ناتجنا المحلي الإجمالي، وعلينا مضاعفة هذه النسبة خلال خمس سنوات". وفي أعقاب ذلك، اتفق قادة من هيلتون، ومجموعة فنادق إنتركونتيننتال، وأكور، وطيران الرياض على أن الذكاء الاصطناعي يُحدث تحولاً جذرياً في عالم السفر، ولكنه لا يستطيع أن يحل محل اللمسة الإنسانية. تحدث بلقاسم خليفة حفتر، من صندوق إعادة إعمار ليبيا، عن إعادة بناء ليبيا وقدرتها على الصمود. وقال: "إعادة الإعمار ليست مجرد هندسة، بل هي التزام وطني بالأمل". تحدث معالي ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة ورئيس مجلس إدارة أرامكو السعودية ومؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، عن التحول الاستثنائي الذي يشهده صندوق الاستثمارات العامة. وقال: "في عام 2015، بلغت قيمة الأصول المُدارة من قِبل صندوق الاستثمارات العامة حوالي 150 مليار دولار أمريكي. واليوم، تضاعفت هذه القيمة ثلاثة أضعاف تقريبًا، ونهدف إلى الوصول إلى تريليون دولار أمريكي بنهاية هذا العام - نحن قريبون جدًا من ذلك". وقد أوضح تطور الصندوق من باني وطني إلى مستثمر وطني مُحسِّن للأصول: "يركز مقترحنا للفترة 2026-2030 على ستة منظومات رئيسية: السفر والسياحة، والتطوير الحضري وجودة الحياة، والتصنيع والابتكار المتقدم، والصناعة والخدمات اللوجستية، والطاقة النظيفة والمتجددة، ونيوم كنظام بيئي مستقل. وهذا سيوجه أولوياتنا الرأسمالية وجداولنا الزمنية." اختُتم اليوم بحوار خاص مع الرئيس السوري، أحمد الشرع، الذي أوضح كيف اختارت بلاده مسار الاستثمار بدلًا من الاعتماد على المساعدات. وفي كلمة مؤثرة (أُلقيت بمناسبة يوم ميلاده) أمام جمهور غفير، من بينهم صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أوضح الشرع كيف "دخلت الحرب كل بيت في سوريا، راهنت على شعبي، لكن الشعب صمد وتمسك بمبادئه"، قبل أن يختتم حديثه قائلًا: "اليوم فرصة تاريخية للمستثمرين لبدء الاستثمار في سوريا". عبر التكنولوجيا والطاقة والتنمية البشرية، أظهر اليوم الثاني من مؤتمر FII9 عالماً يتحول نحو توازن جديد، حيث يصبح الذكاء، والطموح، والتعاون، والأمل عملات التقدم. أطلق مؤتمر FII9 ثلاثة تقارير جديدة: * إعادة التوازن للذكاء: كيف من المقرر أن تتدفق الموجة التالية من استثمارات الذكاء الاصطناعي نحو الجنوب (تقرير مبادرة الذكاء الاصطناعي الشامل بالتعاون مع أكسنتشر). * تقرير مؤشر مرونة المدن العالمية (بالتعاون مع كيرني). * تقرير الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (بالتعاون مع جامعة كولومبيا).