في وسط شبه الجزيرة العربية تطل مدينة الرياض من على هضبة نجد؛ فهي ثالث أكبر مدن العالم العربي، وخامس مدينة حضرية في الشرق الأوسط. كانت الرياض وما زالت مسرحًا للعديد من الأحداث السياسية والاقتصادية والثقافية، ونالت لقب عاصمة الثقافة العربية في عام 2000، وعاصمة الإعلام العربي في 2019، واستضافت العديد من المؤتمرات والقمم الخليجية والعربية والعالمية. وهي في كل عام من شهر أكتوبر وجهة اقتصادية عالمية فريدة بعقدها مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار لبحث أبرز المستجدات الاقتصادية الحالية، والتوجهات الاستثمارية المستقبلية عالميًا. هذه المدينة العالمية الواعدة، تحتضن هذه الأيام النسخة التاسعة من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، أو ما يُعرف إعلاميًا ب"دافوس في الصحراء"، الذي انطلقت فعالياته في 27 أكتوبر الجاري، تحت شعار "مفتاح الازدهار"، بإشراف صندوق الاستثمارات العامة ركيزة التنمية السعودية وقلبها النابض بالحياة الاقتصادية. يجمع المؤتمر سنويًا كبار قادة الدول، وصناع القرار الاقتصادي العالمي، ويحرص 2500 شخصية مؤثرة في عالم الاقتصاد والاستثمار لحضور لهذا الحدث الاقتصادي العالمي سنوياً الرياض التي بادرت بإقامة هذا الحدث العالمي الكبير تتبوأ مكانة (محور الأرض)، ليس فقط جغرافيًا، بل باعتبارها مركز الحوار الاقتصادي الدولي في الشرق الأوسط، ومنصة عالمية لمناقشة القضايا التي تؤثر على مستقبل التنمية والاستثمار. لقد تبنى المؤتمر في هذا العام مناقشة موضوعات حيوية ومهمة لحياة الإنسان، وتطور الدول، تمثلت في: تأثير الذكاء الاصطناعي والروبوتات على الإنتاجية، تكوين الثروات في ظل تصاعد التفاوت الاقتصادي، التحولات الجيوسياسية المرتبطة بندرة الموارد، والتحولات الديموغرافية التي تعيد تشكيل القوى العاملة، إلى جانب استراتيجيات تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. ويعد المؤتمر فرصة كبيرة للدول والشركات الكبرى لإبرام العديد من العقود الاستثمارية، كما أنه يمثل نافذة كبيرة لاقتصادات ناشئة تجمع رؤوس الأموال والمبتكرين لتشكيل اقتصاديات مرنة ومتسارعة، تعتمد على النمو والازدهار المستدام. كما يتيح إعادة النظر في نماذج الأنظمة الاقتصادية المختلفة، من الاقتصادات التقليدية والموجهة، إلى السوقية والمختلطة، بما يعزز إدارة الموارد والتحليل الاقتصادي بكفاءة أعلى. كذلك يمثل مؤتمر "دافوس في الصحراء" ثمرة رؤية السعودية 2030، الهادفة إلى بناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر، من خلال توفير بيئة محفزة للنمو، واستحداث فرص عمل للمواطنين، وتنمية المواهب والاستثمارات، فضلًا عن الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها المملكة، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله-. لقد اعتمد المؤتمر في هذا العام عقد نحو 250 جلسة حوارية، بمشاركة رؤساء دول ونواب رؤساء وكبار التنفيذيين في قطاع الأعمال، إضافة إلى نخبة من خبراء الإدارة والاستثمار العالمي. وتعد هذه اللقاءات أرضًا خصبة لصناديق الثروات السيادية والشركات العالمية لاقتناص فرص اقتصادية واعدة، وتحليل المتغيرات الاقتصادية للدول المشاركة. على مدى أربعة أيام، تتحول الرياض إلى محور الاقتصاد العالمي، ومركزًا لترويج المشاريع الحكومية والخاصة، ومناقشة التحديات الاقتصادية وأسواق العمل والطاقة، وتقديم رؤية متكاملة لمستقبل الاستثمار على المستويين الإقليمي والدولي. إن الرياض عاصمة السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام ستعيد تشكيل خارطة العالم، وستقدم رؤى واعدة في جميع المجالات لتطوير حياة الإنسان وتحسين جودتها.