في قرار قضائي دولي بارز، أكدت محكمة العدل الدولية، اليوم الاربعاء، أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) منظمة "حيادية"، مشددة على ضرورة السماح لها بالعمل وضمان تدفق المساعدات الدولية إلى قطاع غزة. وفيما وصفت النرويج القرار ب "المهم والواضح"، هاجمت وزارة خارجية الاحتلال الحكم، معتبرة إياه "محاولة لفرض إجراءات سياسية". يأتي هذا القرار في ظل استمرار الحرب على قطاع غزة، وفي أعقاب حملة شنها الاحتلال ضد "الأونروا" متذرعاً بخرقها لمبدأ الحياد. وقد أدت هذه الادعاءات، التي لم يتم إثباتها، إلى قيام عدة دول مانحة كبرى بتعليق تمويلها للوكالة، مما فاقم الكارثة الإنسانية في القطاع. ويبدو أن القرار جاء استجابة لجهود دبلوماسية، حيث أشار وزير خارجية النرويج سبت بارث إيدي، إلى أن الحكم جاء "بعد مبادرة من النرويج". يُعتبر هذا القرار انتصاراً قانونياً ودبلوماسياً كبيراً لوكالة "الأونروا"، حيث يأتي من أعلى هيئة قضائية في الأممالمتحدة ليُفند الرواية التي اعتمد عليها الاحتلال لحصار الوكالة مالياً وسياسياً. تكمن الأهمية الدبلوماسية في دعوة وزير خارجية النرويج إلى "تحويل قرار محكمة العدل إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة والبناء عليه". هذه الخطوة، إن تمت، تهدف إلى عزل الاحتلال بشكل أكبر في الساحة الدولية، وتحويل الرأي القانوني للمحكمة إلى قرارات سياسية ملزمة عبر الجمعية العامة (التي لا تملك فيها أي دولة حق النقض "الفيتو"). كما يضع القرار الدول التي جمدت تمويلها للأونروا أمام مسؤولية قانونية وأخلاقية مباشرة، إذ لم يعد لديها مسوغ قانوني للاستمرار في تعليق المساعدات، خاصة بعد تأكيد المحكمة حيادية الوكالة. يُنذر هذا القرار ببدء مرحلة جديدة من المواجهة القانونية والدبلوماسية. ففيما يمنح الحكم زخماً للدول الداعمة للحق الفلسطيني ولعمل "الأونروا"، فإنه يدفع الاحتلال نحو مزيد من التمسك برواية "الاستهداف السياسي" لتبرير عدم امتثاله للقانون الدولي. وتبقى العبرة في مدى قدرة المجتمع الدولي على ترجمة هذا القرار الواضح إلى إجراءات عملية تضمن تدفق المساعدات وإنهاء الأزمة الإنسانية في غزة. من جهة أخرى، سارعت وزارة خارجية الاحتلال إلى رفض القرار، ووصفت، في بيان لها، الحكم بأنه "محاولة لفرض إجراءات سياسية ضد إسرائيل".