كشف الرئيس التنفيذي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد أتياس عن تفاصيل وصفها بأنها "الأوسع في تاريخ الحدث العالمي" الذي تحوّل منذ انطلاقه عام 2017 إلى منصة رئيسية تجمع القادة وصنّاع القرار والمستثمرين حول مستقبل الاقتصاد العالمي. وقال أتياس، خلال مؤتمر صحافي أمس في الرياض، إن النسخة الجديدة التي تُقام خلال الفترة من 27 إلى 30 أكتوبر ستكون "الأكبر والأكثر تأثيرًا" منذ تأسيس المبادرة، مشيرًا إلى أنها ستُعقد هذا العام تحت شعار "مفتاح الازدهار"، وتهدف إلى بحث سبل تحقيق الازدهار الشامل للبشرية في ظل التحولات الاقتصادية والتقنية والجيوسياسية المتسارعة. وأوضح أن المبادرة تجاوزت إطار المؤتمرات التقليدية لتصبح منصة عالمية تجمع العقول والقيادات من الشرق والغرب والشمال والجنوب، مؤكداً أن مدينة الرياض أصبحت اليوم مركزًا للحوار العالمي بفضل مكانتها السياسية والاقتصادية المتنامية، مضيفًا: "نجمع على طاولة واحدة قادة من "الولاياتالمتحدةوالصين وروسيا وإفريقيا"، وهو ما يجعل الرياض اليوم موقعًا محايدًا للحوار البنّاء وتجسيدًا لفكرة أن السلام يصنع الازدهار، وهو جوهر رسالتنا". ويتوقّع أن تشهد الدورة المقبلة حضور أكثر من عشرين رئيس دولة وحكومة من مختلف القارات، إلى جانب 21 قائدًا عالميًا وقرابة 40 وزيرًا، ونحو 8 آلاف مشارك و600 متحدث من أبرز الشخصيات الدولية في مجالات الاقتصاد والذكاء الاصطناعي والاستدامة والطاقة والتقنية والتمويل، فضلاً عن مشاركة 56 جهة استراتيجية من كبريات المؤسسات والشركات العالمية. وأشار أتياس إلى أن جدول أعمال المبادرة يتضمن أكثر من 250 جلسة حوارية تغطي محاور متنوعة، أبرزها مستقبل الاستثمار العالمي، الذكاء الاصطناعي، الاستدامة، التمويل المبتكر، الاقتصاد الصحي، التحول في الطاقة، وأمن الغذاء. وبيّن أن المبادرة لم تعد حدثًا موسميًا، بل منظومة عمل دائمة تعمل على مدار العام من خلال ثلاثة محاور هي: فكر، تبادل، ونفّذ. فمحور فكر، يُعنى بإصدار الدراسات والمؤشرات العالمية مثل تقرير بوصلة FII Compass» الذي يقيس اتجاهات الثقة بين الشعوب وقادتها، بينما يركّز محور "تبادل" على تنظيم القمم والمنتديات، ويتولى محور "نفّذ" الاستثمار الفعلي في الشركات الناشئة عبر الذراع الاستثمارية للمؤسسة.وأوضح أتياس أن المؤسسة استثمرت أكثر من ستة ملايين دولار خلال السنوات الأخيرة لدعم شركات ناشئة في قطاعات الذكاء الاصطناعي والتعليم والرعاية الصحية والاستدامة، ونجحت تلك الشركات في جمع 87 مليون دولار إضافية وأسهمت في خلق أكثر من ألفي وظيفة جديدة كما أطلقت المؤسسة برنامج «FII Ventures» لدعم 750 شركة تقنية ناشئة، اختيرت خمس منها لعرض تجاربها خلال المؤتمر ضمن مبادرة "رواد الابتكار". وأضاف أن الدورة الحالية ستشهد الإعلان عن أكثر من 40 اتفاقية ومبادرة جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والبنية التحتية، متوقعًا أن يتجاوز حجم الاتفاقيات الجديدة ما تحقق في نسخة العام الماضي التي بلغت فيها العقود الموقعة أكثر من 60 مليار دولار، ليصل إجمالي العقود منذ تأسيس المبادرة إلى أكثر من 200 مليار دولار. كما كشف عن تخصيص يوم كامل ضمن برنامج المؤتمر بعنوان "يوم الاستثمار"، يركّز على منظومة التمويل وصناديق رأس المال الجريء بمشاركة مؤسسات كبرى، بينها صندوق الاستثمارات العامة وأرامكو السعودية، إضافة إلى منتدى إدارة أصول الصندوق، مشيرًا إلى أن هذا اليوم سيناقش إعادة صياغة أدوات التمويل والاستثمار بما يضمن التوازن بين الربحية والاستدامة ودعم المشاريع الابتكارية ذات الأثر الإنساني.وأوضح أن المؤسسة تعتمد ثلاثة مؤشرات رئيسية لقياس النجاح؛ أولها مستوى رضا الأعضاء البالغ عددهم 1500 عضو، وثانيها نوعية الاتفاقيات وأثرها الاقتصادي والاجتماعي، وثالثها صورة المبادرة عالميًا وتغطيتها الإعلامية. وأكد أن الدورة التاسعة ستُظهر بوضوح النمو المتسارع في تأثير المبادرة سواء في حجم المشاركة أو في عمق النقاشات المطروحة.وشدد أتياس على أن مبادرة مستقبل الاستثمار لا تمثّل بحثًا عن التمويل السعودي فقط، بل أصبحت "فضاءً عالميًا تلتقي فيه العقول لصياغة الحلول المستقبلية"، مضيفًا أن "الرياض أصبحت اليوم مركز العالم الجديد للحوار الاقتصادي والتكنولوجي ومختبرًا مفتوحًا لمستقبل الاستثمار في الإنسانية". وأشار إلى أن المؤسسة تولي اهتمامًا كبيرًا بدعم الشباب ورواد الأعمال، موضحًا أن المؤسسة تعمل على تمكينهم من تحويل أفكارهم إلى مشاريع واقعية والوصول إلى التمويل والشركاء الدوليين، وقال: "نراهن على المواهب الشابة، لأنها قادرة على صياغة المستقبل إذا ما وُفرت لها البيئة الداعمة والتمويل الكافي". وفي جانب آخر، دعا أتياس إلى تعزيز الاهتمام بالطب الوقائي، معتبرًا أن "الوقاية تنقذ الأرواح، ولدينا التقنيات التي تمكّن من تحقيق ذلك، والمملكة تسير بخطى متسارعة في هذا الاتجاه"، في إشارة إلى إدراج ملفات الصحة والابتكار الطبي ضمن جدول أعمال المبادرة للمرة الأولى. وأوضح أن المؤسسة تعمل بالتكامل مع رؤى دولية متعددة، لكنها تستند أساسًا إلى رؤية المملكة 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد، والتي جعلت الاستثمار في الإنسان والابتكار محورًا لنهضة اقتصادية شاملة، مضيفًا: "مبادرتنا تنطلق من هذه الرؤية التي تضع الإنسان في مركز التنمية وتؤمن بأن الازدهار الحقيقي يبدأ من تمكين العقول". وأكد أتياس أن استقطاب هذا العدد من القادة العالميين وكبار المستثمرين لم يكن أمرًا يسيرًا، لافتًا إلى أن نائب رئيس الصين سيشارك بوفد يضم ستة وزراء و170 رئيس شركة، إلى جانب حضور مرتقب لأبرز قادة التقنية في العالم، وفي مقدمتهم إيلون ماسك، مشيرًا إلى أن هذا الزخم الدولي "يعكس المكانة التي وصلت إليها المبادرة والرياض بوصفهما محورًا للحوار وصناعة المستقبل".