بأداءٍ متزنٍ وروحٍ جماعية عالية، حسم المنتخب السعودي تأهله إلى نهائيات كأس العالم 2026 بعد تعادلٍ سلبي مع منتخب العراق، في مواجهةٍ لم تُسجَّل فيها الأهداف، لكنها حفلت بمعانٍ كبيرة من العمل والانضباط والإصرار. من الدقائق الأولى، أظهر "الأخضر" شخصية المنتخب الكبير؛ سيطرة على مجريات اللعب، استحواذ منظم، وفرص متتالية افتقدت فقط اللمسة الأخيرة. المباراة كانت سعودية في أغلب مراحلها، لكن سوء الحظ وتألق الحارس العراقي العائق الحقيقي أمام ترجمة التفوق إلى أهدافٍ تُنهي اللقاء مبكرًا. المدرب هيرفي رينارد قدّم مباراة واقعية بامتياز، لم يغامر ولم يبالغ في التحفظ، اختار التوازن بين الدفاع والهجوم مع تركيز واضح على إغلاق المساحات أمام المرتدات العراقية، هذا الانضباط التكتيكي كان سلاح المنتخب الأهم خصوصًا في مباراة ذات حسابات معقدة، حيث كان المطلوب نتيجة تضمن التأهل دون مخاطرة. أما اللاعبون وخاصة تمبكتي والعقيدي، أظهروا التزامًا وانضباطًا عاليين في المباراة، عكس مدى نضج الجيل الحالي وثقته بنفسه، رغم ضياع الفرص التي كانت كفيلة بتحقيق فوزٍ مريح. وبقدر ما كان الهجوم يعاني من التسرع، فإن الدفاع والحارس كانوا في قمة التركيز، ليحافظ الأخضر على نظافة شباكه حتى النهاية. الجماهير السعودية، كما جرت العادة، كانت الرقم الصعب. حضورها الكثيف وتشجيعها المتواصل شكّل الدفعة المعنوية للمنتخب، فاحتفال المدرجات ليس بنتيجة التعادل، بل باستمرارية المنتخب السعودي في مشهد العالمية، كأحد أكثر المنتخبات الآسيوية استقرارًا والتأهل إلى كأس العالم للمرة السابعة في تاريخه. من وجهة نظري، هذا التأهل لم يكن نتاج مباراة واحدة، بل ثمرة مشروعٍ رياضي متكامل، واستراتيجية فنية يقودها رينارد بثقة وهدوء. صحيح أن الأداء الهجومي يحتاج إلى تطوير في المرحلة المقبلة، لكن ما قدّمه المنتخب من تماسك فني وجماعي يمنح التفاؤل بمشاركة منطقية في المونديال المقبل. تأهل السعودية إلى كأس العالم 2026 لم يكن صدفة، بل نتيجة عملٍ منظم خاصة خلال الفترة الأخيرة وثقافة كروية جديدة تقوم على الانضباط أكثر من الارتجال، وعلى البناء أكثر من الانفعال. رسالة بأن الكرة السعودية ماضية في طريقها الصحيح، وأن "الأخضر" يملك كل مقومات بأن يترك بصمة في مونديال 2026 لا المشاركة فقط.. ودمتم سالمين.