وصلت أسعار الذهب إلى مستويات تاريخية، متجاوزة حاجز ال4000 دولار للأونصة، في ارتفاع كبير مقارنة بالمستويات التي بدأنا بها التداول هذا العام قرب 2620 دولار، أي بمكاسب تتجاوز 54٪ منذ بداية العام. ووفقا لمهند ياقوت كبير محللي الأسواق بالشرق الأوسط لدى «سكوب ماركتس»: فأنه رغم تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول إعادة فرض رسوم جمركية مشددة على الواردات الصينية ساهمت بلا شك في تصاعد المخاوف الجيوسياسية وزيادة الطلب على الأصول الآمنة، إلا أن هذا الصعود في أسعار الذهب مدفوع بعوامل أعمق تتعلق بالتحولات الاقتصادية الكلية. من أبرز المحركات الحالية هو تزايد التوقعات بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي بتيسير السياسة النقدية في عام 2025. فبرغم بقاء معدلات التضخم مرتفعة نسبياً ولكن في ظل مؤشرات على تباطؤ النمو الاقتصادي، خاصة بعد صدور بيانات سوق العمل الأخيرة، بدأت الأسواق تتوقع بشكل متزايد تحوّلاً نحو خفض أسعار الفائدة. وهذا بطبيعة الحال يُعزز من جاذبية الذهب كأصل لا يدرّ عائداً. في الوقت ذاته، لا تزال المخاوف قائمة بشأن احتمال استمرار الإغلاق الحكومي في الولاياتالمتحدة لفترة طويلة، ما يُقوّض ثقة المستثمرين في استقرار الوضع المالي ويزيد من الإقبال على الذهب كملاذ آمن. وعلى الجانب العالمي، نشهد تسارعاً في الاتجاه نحو تقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي، حيث واصلت البنوك المركزية، خصوصاً في الأسواق الناشئة، تعزيز احتياطاتها من الذهب، في محاولة لتنويع الأصول وتقليل المخاطر من تحركات العملة الأمريكية. وللدلالة، سجّلت البنوك المركزية صافي شراء إيجابي للذهب في 27 من أصل 28 شهراً ماضية، وهو ما شكّل دعامة قوية لصعود الذهب. ولا يمكن إغفال عودة القلق بشأن تآكل قيمة العملات الورقية، في ظل استمرار مستويات الدين السيادي المرتفعة والعجز المالي المتفاقم في العديد من الاقتصادات الكبرى. وهذا ما يدفع المزيد من المستثمرين إلى الذهب كوسيلة تحوّط ضد التضخم طويل الأجل وتراجع القوة الشرائية للعملات. جميع هذه العوامل ترسم ملامح مشهد عام داعم لاستمرار صعود الذهب، في حين تأتي تصريحات ترامب بمثابة سبب آخر للإرتفاعات خلال الفترة الحالية.