أكد الأخصائي النفسي والمعالج السلوكي عبدالرحمن الخيران ل «الرياض» أن السعادة الحقيقية لا تكمن في الترف ولا في كثرة الماديات، بل في العيش ببساطة واتزان وسط تعقيدات الحياة وتسارع إيقاعها المعاصر. وأوضح الخيران أن الإنسان اليوم يعيش بين رغبة دائمة في الإنجاز والخوف من الفشل، محاصرًا بضغوط اجتماعية واقتصادية متزايدة، ما يجعله عرضة للتوتر وفقدان التوازن النفسي. ومع هذا السباق نحو المظاهر المادية، بدأ كثيرون يدركون أن البساطة ليست تراجعًا عن الطموح بل وعيًا بمعنى الاكتفاء. وأضاف أن الحياة البسيطة لا تعني الزهد المطلق أو الانعزال، بل هي أسلوب حياة يقوم على الاعتدال والوعي، يختار فيه الإنسان ما يضيف له قيمه ومعنى، ويبتعد عن التعقيد في الاستهلاك والعلاقات. فهي فلسفة تركز على الجوهر بدل المظهر، وعلى نوعية الحياة لا كميتها. وبيّن الخيران أن الدراسات النفسية الحديثة أثبتت أن العيش ببساطة يخفف مستويات القلق والتوتر، ويمنح الإنسان إحساسًا بالتحرر والطمأنينة، كما يعزز قدرته على الاستمتاع باللحظات الصغيرة كقضاء الوقت مع الأسرة أو ممارسة الهوايات أو التأمل بهدوء. وأشار إلى أن البساطة تعيد للإنسان توازنه الداخلي، لأنها تركز على ما يمكنه التحكم فيه وتجعله يتقبل ما لا يستطيع تغييره، وهو ما يقلل من التوتر الذهني ويزيد الشعور بالرضا والامتنان. وقال: «القناعة ليست ضعفًا في الطموح، بل وعي بحدود الرغبة وفهم عميق لمعنى الاكتفاء»، موضحًا أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان بشكل منتظم يتمتعون بصحة نفسية أفضل وقدرة أكبر على التكيّف مع ضغوط الحياة. وأضاف أن الحياة البسيطة خيار حضاري وفكري يعيد للإنسان توازنه في عالم يزداد تعقيدًا، خصوصًا مع تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعزز المقارنات والمظاهر الزائفة. فالبساطة – كما يقول – لا تعني التقليل من الطموح، بل السعي الواعي نحو السعادة الحقيقية بعيدًا عن الزيف. وفي ختام حديثه، شدّد الخيران على أن العودة إلى البساطة هي عودة إلى الإنسانية ذاتها، حيث يعيش الفرد في سلام مع ذاته ومع من حوله، قائلاً: «كلما كنت بسيطًا، كنت أكثر سعادة بالحياة»