قدّم المنتخب الوطني الأول واحدة من المباريات المميزة أمام منتخب إندونيسيا، في مواجهة اتسمت بالتحدي النفسي والتقلبات الفنية داخل المستطيل الأخضر. البداية لم تكن مثالية، فبعد دقائق من انطلاق اللقاء وجد المنتخب نفسه متأخرًا بهدف من ركلة جزاء، ما شكّل ضغطًا نفسيًا كبيرًا على اللاعبين وأثار قلق الجماهير التي تابعت اللقاء مترقبة ردة الفعل. ذلك الهدف المبكر كان اختبارًا حقيقيًا لقدرة اللاعبين على التعامل مع المواقف الصعبة، وعلى مدى جاهزيتهم الذهنية للعودة في اللقاء. ومع مرور الدقائق، بدأت ملامح الثقة تظهر شيئًا فشيئًا على عناصر المنتخب، وبدأت خطوط اللعب تتقارب، وارتفع الإيقاع الهجومي تدريجيًا حتى فرض المنتخب سيطرته الكاملة على مجريات المباراة. في منتصف الشوط الأول، اتضحت بصمات الجهاز الفني من خلال التحول في أسلوب اللعب، حيث تم توظيف الأطراف بشكل أكثر فعالية، والاعتماد على الضغط العالي لاستعادة الكرة في مناطق متقدمة. هذا التحول التكتيكي منح المنتخب أفضلية ميدانية واضحة، أسفرت عن هدف التعادل الذي أعاد الحياة للمنتخب وأعاد التوازن الذهني والفني للعناصر داخل الميدان. ومع بداية الشوط الثاني، واصل المنتخب السعودي تفوقه الميداني، ونجح في تسجيل هدف التقدم وسط تنظيم هجومي منسق، أظهر الانسجام بين خطوط الفريق الثلاثة. في تلك المرحلة، بدا المنتخب أكثر نضجًا في تعامله مع مجريات اللقاء، وأكثر هدوءًا في قراراته داخل الملعب، مما ساهم في امتصاص حماس المنتخب الإندونيسي الذي حاول العودة بالنتيجة دون جدوى. إلا أن لحظة الطرد التي تعرض لها لاعب المنتخب محمد كنو كانت نقطة تحول مهمة في اللقاء، حيث ألقى خروج أحد العناصر المؤثرة بظلاله على الأداء العام للفريق. اضطر الجهاز الفني إلى إعادة ترتيب أوراقه الدفاعية، وتغيير نمط اللعب من الضغط العالي إلى التمركز والارتداد السريع. ورغم النقص العددي، أظهر اللاعبون التزامًا تكتيكيًا وانضباطًا دفاعيًا عاليًا، حافظوا من خلاله على تقدمهم حتى صافرة النهاية. هذا الفوز لا يُقاس فقط بالنتيجة، بل بالقيمة المعنوية والفنية التي عكست شخصية المنتخب وصلابته، فالتعامل مع ظروف المباراة، من ضغط البداية إلى الطرد والنقص العددي، يؤكد أن المنتخب يمتلك روحًا جماعية وقدرة على تجاوز الصعاب، وهي من أهم سمات الفرق التي تبحث عن المجد. وفي نهاية المطاف، خرج المنتخب بالأهم وهو نقاط المباراة الثلاث، لكن الأهم من النقاط هو الدرس الفني والنفسي المستفاد من هذه المواجهة، والذي قد يكون ركيزة أساسية في مشوار المنتخب خلال الاستحقاقات القادمة بما فيها مواجهة العراق المصيرية. لقد كانت المباراة اختبارًا حقيقيًا للجاهزية الذهنية قبل أن تكون مواجهة كروية، وقد نجح المنتخب في تجاوزها بروح البطل.