يعد اتخاذ القرار من أصعب العمليات العقلية والنفسية التي تؤثر على حياة الإنسان ومساراتها المختلفة، وتعد القدرة على اتخاذه فكرة تعزز امتلاكنا للإرادة الشخصية، بغض النظر عن صحة اختياراتنا، وبعيدًا عن وجود الخطأ والصواب فيها، أتساءل هل ثقافة الإنسان تقدم له حصانة أمام القرارات الخاطئة، هل الأديب المُتسع فكريًا يملك مجاديف آمنة نحو اختياراته، هل تسهم عمليات البحث والقراءة والكتابة والمجتمعات الثقافية في استئصال منطقة الحيرة من القرار، أم أن الثقافة لا تمثل إلا جزءًا ضئيلًا قد يساعد في تلك الاختيارات، في الحقيقة ومن خلال سيكولوجية القرار والذي يدرس فهم العمليات التي تؤثر على اختياراتنا اتضح أن الكثير من قرارات الإنسان تتأثر بدوافع لا يدركها الشخص بشكلٍ كامل، بل هي تعتمد على أنظمة ذهنية في الدماغ تساهم في إرشاده نحو المسار الأفضل، واتضح أيضًا أن الإنسان بكافة مستويات تعليمه وثقافته يصل لمنطقة الحيرة، وذلك لوجود مشاعر الخوف والقلق من الفشل، ووجود التوجس من تبعيات هذا القرار خاصةً لو كان يتعلق بأمور مصيرية في حياته، فعلى الرغم من أن القرار عملية عقلية إلا أن العاطفة تؤثر على ذلك، حيث يتداخل النظام العقلاني المعتمد على المنطق والتحليل والتأني في التفكير، مع الجانب العاطفي الذي يكون بقيادة الشعور والحدس وردود الفعل، وفي الغالب تتأثر قراراتنا بمن حولنا، لأن التأثير الاجتماعي وسلوك التبعية قد يدفعان الإنسان إلى اتخاذ القرار تبعًا للوعي الجمعي، واتباع الآخرين دون الشعور بذلك، وفي اعتقادي أن ذلك يعد معضلة كبيرة لأن الظروف تختلف بين الأشخاص، والتجارب من المفترض ألا تعمم لأن النتائج قد تكون عكسية، ربما عملية اتخاذ القرار عملية عميقة ومعقدة، ولكن هي أيضًا مهارة يمكن تطويرها، لذا فإن النضج العقلي والصحة النفسية الجيدة مهمة عند اتخاذ القرار وذلك لتجنب العواقب الوخيمة، والوصول إلى منطقة آمنة.