في الوقت الذي تتسابق فيه الاتحادات العالمية والقارية والمحلية حول العالم لتطوير الجانب التجاري لمسابقاتها الرياضية، ما تزال بطولات كرة القدم الخليجية تعاني من فجوة واضحة في الاحترافية التسويقية، ورغم توقيع عقد تسويق حصري بين اللجنة المنظمة ووكالة IMG لتسويق الحقوق التجارية، إلا أن المردود على أرض الواقع لا يوازي حجم التطلعات ولا إمكانات السوق الخليجي المتعطش للمنتج الرياضي الحديث. ومن يشاهد مباريات بطولات الخليج سواءً للمنتخبات أو الاندية، سيلحظ أن اللوحات الإعلانية المحيطة بالملاعب ما زالت ثابتة تقليدية، في وقت أصبحت فيه الإعلانات الرقمية جزءاً أساسياً من هوية البث الرياضي في العالم. هذا المشهد لا يعكس فقط تأخراً فنياً، بل يبعث برسالة ضمنية عن غياب الرؤية الاستثمارية الحقيقية في منتج كان يمكن أن يكون في وضع أفضل سواءً مالياً أو إعلامياً. فالملف التجاري لأي بطولة رياضية لم يعد مجرد "لوحات راعٍ" أو "شعار على القميص"، بل منظومة متكاملة من إدارة العلامة التجارية، وتجربة المشجع، وحقوق البث، والرعايات الذكية، والمحتوى الرقمي، كل هذه العناصر تحتاج إلى رؤية احترافية تفهم طبيعة السوق المحلي وتستفيد من الخبرات العالمية، بدلاً من عقد حصري مع جهة لم تستطع أن تترجم العقد إلى نتائج ملموسة. السؤال الذي يطرح نفسه: هل المشكلة في الوكالة المسوّقة أم في الجهة المالكة للحقوق التي لا تضع معايير أداء واضحة ولا آليات رقابة على جودة التنفيذ؟ الجواب ربما في كليهما، فالاحتراف في التسويق الرياضي لا يتحقق بالاسم الكبير فقط، بل بالحوكمة، وبمؤشرات الأداء، وبوجود إدارة تجارية فعالة داخل الاتحاد أو اللجنة المنظمة تتابع وتُقيّم وتُحاسب. الخلاصة أن بطولات الخليج تملك تاريخاً جماهيرياً وإرثاً عاطفياً يجعلها قابلة للتحول إلى منتج رياضي ناجح تجارياً، ولكن بشرط واحد: أن يُعامل الملف التجاري بنفس الجدية التي يُعامل بها الملف الفني. فالمستقبل لا ينتظر، والسوق الإعلاني اليوم لا يرحم من يتأخر عن الركب.