في احتفاليتها باليوم الوطني..ديوانية الراجحي: المملكة بقيادتها الرشيدة تنعم بالأمن والرخاء والمكانة المرموقة    15 رئيس دولة و600 متحدث.. مؤتمر مستقبل الاستثمار.. مصالح مشتركة وأمن التجارة العالمية    المملكة تتقدم في استخدامات الذكاء الاصطناعي    إيداع مليار ريال لمستفيدي «سكني» عن سبتمبر    الرئيس الأمريكي وقادة دول عربية وإسلامية في بيان مشترك: إنهاء الحرب خطوة نحو السلام    تصعيد متبادل بالمسيرات والهجمات.. والكرملين: لا بديل عن استمرار الحرب في أوكرانيا    بزشكيان: طهران لن تسعى أبداً لصنع قنبلة.. إيران تتعهد بإعادة بناء منشآتها النووية المدمرة    رئيسة جمهورية سورينام تلتقي وزير الدولة للشؤون الخارجية    القادسية إلى دور ال16 في كأس الملك    في الجولة الرابعة من دوري روشن.. صراع القمة يجمع الاتحاد والنصر.. والهلال يواجه الأخدود    سجن لاعب مانشستر يونايتد السابق لعدم دفع نفقة أطفاله    « البلديات والتجارة»: أبلغوا عن مخالفات السكن الجماعي    العمران والغراش يحتفلان بزواج مهدي    «راشد» يضيء منزل اليامي    أشرف عبد الباقي بطل في «ولد وبنت وشايب»    لجهوده في تعزيز الحوار بين الثقافات.. تتويج (إثراء) بجائزة الملك عبد العزيز للتواصل الحضاري    المركز السعودي للموسيقى بجدة يحتفل باليوم الوطني    كوب «ميلك شيك» يضعف تدفق الدم للدماغ    الرياض تستضيف مؤتمر العلاج ب«الجذعية»    المملكة وقطر تدعمان الاستقرار في سوريا ب89 مليون دولار    المملكة.. القضية الفلسطينية أولوية    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الإبداع النسائي.. حكاية وطن    الخطاب الملكي صوت الدولة ورؤية الحزم والعزم    الملك سلمان.. نبضُ وطنٍ وقلبُ أمة    كيف يستخدم الناس ChatGPT فعليا    فهد العجلان: ذكرى البيعة تجسد التحولات العظيمة وتمكين الإنسان في عهد الملك سلمان    عزّنا بطبعنا: التعليم ركيزة القيم الوطنية    تداول يكسر الهبوط ويرتفع 5.06%    241 عقدا سكنيا يوميا    «كلاسيكو» الاتحاد والنصر.. مقارنة القيمة السوقية بين الفريقين    إنزاغي: سأعالج مشكلة الكرات الثابتة    305 حرفيين في معرض الحرف والأعمال اليدوية    طرح تذاكر دورة ألعاب التضامن الإسلامي بالرياض    لوحات تشكيليين تزين اليوم الوطني    تسعيني ينافس الشباب باحتفالات الوطن    وزير الخارجية: السعودية ستواصل جهودها بلا كلل من أجل دولة فلسطينية مستقلة    اتحاد الكرة يدشن أخضر الفتيات تحت 15 عامًا    أهالي الدوادمي يحتفون باليوم الوطني    إيران تعيد بناء مواقع الصواريخ وسط عقوبات مرتقبة    "اليوم الوطني" نافذة تسويقية للمنجزات    مستشفى سليمان الحبيب بالتخصصي يعيد زراعة أصبع مبتور بنسبة «100» بعملية دقيقة    أمير جازان ونائبه يشاركان منسوبي الإمارة الاحتفاء باليوم الوطني للمملكة ال95    أمير منطقة جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي والفائزين بجوائز محلية ودولية    وطن شامخ    اليوم الوطني المجيد 95    القبض على (6) إثيوبيين في عسير لتهريبهم (90) كجم "قات"    البعثة الروسية لدى منظمة التعاون الإسلامي تحتفي باليوم الوطني السعودي ال95    هيئة جائزة الملك سلمان العالمية لأبحاث الإعاقة تعقد اجتماعها الأول للدورة الرابعة    أبناء وبنات مجمع الأمير سلطان للتأهيل يزورون مرضى مجمع الدمام الطبي    إنطلاق فعاليات الاحتفاء باليوم الوطني ال95 بمدارس تعليم جازان    رحيل المفتي العام السابق الشيخ عبدالعزيز آل الشي "إرث علمي وديني خالد "    "هيئة الأمر بالمعروف" تشارك في فعاليات اليوم الوطني 95    (الهفتاء ) يتلقى تكريمًا واسعًا من إعلاميي السعودية والعالم العربي    فقيد الأمة: رحيل الشيخ عبد العزيز آل الشيخ وعطاء لا يُنسى    القيادة تتلقى تعازي قادة دول في مفتى عام المملكة    المشي يقلل خطر الإصابة بآلام الظهر المزمنة    الدفاع المدني يشارك في فعالية وزارة الداخلية "عز الوطن" احتفاءً باليوم الوطني ال (95) للمملكة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جودة الحياة.. نحو مستقبل يليق بالإنسان
نشر في الرياض يوم 25 - 09 - 2025

حين نتأمل ملامح التحول الذي عاشته المملكة منذ انطلاقة رؤية 2030 وحتى يومنا هذا، ندرك أن «جودة الحياة» لم تكن مجرد برنامج ضمن برامج الرؤية، بل كانت شبكة متكاملة استهدفت الإنسان السعودي أولًا، ومن خلاله بُنيت منظومة تنموية متكاملة جعلت من كل يوم في الوطن قصة جديدة من الإنجاز. لقد انعكست آثار هذا التغيير على تفاصيل حياتنا اليومية؛ فالشوارع والمدن أصبحت أكثر تنظيمًا وحيوية، والفعاليات الثقافية والفنية باتت تملأ فضاءاتنا بالفرح والمعرفة، فيما تحولت الخدمات الصحية والتعليمية إلى مسارات أكثر تطورًا ومرونة، تقود الإنسان نحو مستقبل أكثر أمانًا وإبداعًا. كما عززت المملكة مكانة المرأة والشباب في قلب هذا التحول، فلم يعدا مجرد فئات مستهدفة، بل أصبحا شركاء حقيقيين في صناعة الحاضر وقيادة المستقبل. إن ما تحقق على أرض الواقع من مشاريع عمرانية كبرى، وتطور في البنية التحتية، ونقلة نوعية في الرياضة والترفيه، لم يكن هدفه فقط تعزيز المؤشرات العالمية، بل بناء مجتمع نابض بالحياة، يشعر فيه المواطن والمقيم على حد سواء بقيمة الانتماء، وبأن هذا الوطن هو بيتهم الكبير. واليوم، نحتفل بحاضر حيّ يتجدد كل يوم، وبمستقبل يتشكل أمام أعيننا بخطى واثقة، تقودها قيادة رشيدة جعلت من الإنسان السعودي محورًا للتغيير، ومن المملكة نموذجًا عالميًا للتنمية المستدامة. إنها لحظة وعي عميقة تُشعرنا بالفخر، وتؤكد أن الطريق الذي بدأناه برؤية 2030 لم يكن نقطة انطلاق فحسب، بل هو مسار مستمر يعيد صياغة معنى الحياة على هذه الأرض الطيبة. فالمملكة اليوم لا تحتفي بعام جديد في تاريخها فحسب، بل تحتفي بإنجازاتٍ صنعت فارقًا ملموسًا في حياة كل فرد، وبطموحات لا تعرف التوقف. ومن هنا، فإن اليوم الوطني ليس مناسبة عابرة، بل هو محطة تأمل وامتنان، نستشعر فيها حجم العطاء الذي تحقق، ونستمد منها القوة لمواصلة الطريق نحو مستقبل أكثر إشراقًا، حيث تصبح جودة الحياة أسلوبًا دائمًا، لا إنجازًا مرحليًا.
وطن طموح واقتصاد مزدهر
حين أُطلق برنامج جودة الحياة في عام 2018م كأحد برامج تحقيق رؤية المملكة 2030، كان أشبه بوعدٍ مفتوحٍ لحياةٍ أكثر ازدهارًا، يُعيد صياغة تفاصيل يوم المواطن والمقيم على حد سواء. فالبرنامج لم يقتصر على تحسين جانب محدد من جوانب الحياة، بل جاء شاملاً ليستوعب كل ما يمكن أن يجعل من المملكة وطنًا نابضًا بالحياة، ومكانًا منافسًا لأفضل دول العالم في مستويات المعيشة والرفاهية. جوهر البرنامج يتمثل في جعل الحياة اليومية أكثر ثراءً وتنوعًا، عبر توفير خيارات واسعة في الرياضة، والثقافة، والفنون، والترفيه، والسياحة، إضافة إلى تطوير البنية التحتية للمدن وتحسين المشهد الحضري بما يتماشى مع متطلبات الإنسان العصري. ومن هنا، ركّزت خطط البرنامج على إدخال الإنسان السعودي في قلب التحول، ليس فقط كمتلقٍ، بل كشريكٍ في صناعة التجربة وتطويرها. الأهداف التي حددها البرنامج تعكس رؤية بعيدة المدى: تشجيع المجتمع على ممارسة الرياضة بانتظام، والارتقاء بالمستوى الرياضي السعودي إقليميًا وعالميًا، وتنمية الفنون بمختلف أشكالها، وإحياء الثقافة والهوية الوطنية. كما سعى إلى تنويع فرص الترفيه لتلبية كافة شرائح المجتمع، وتطوير قطاع السياحة ليكون رافدًا اقتصاديًا وساحةً للتبادل الحضاري، إلى جانب تحسين الخدمات الحضرية في المدن من نظافة وتصميم عمراني ومساحات خضراء ومرافق عامة. حتى المقيمين والزوار كانوا ضمن دائرة الاهتمام، إذ اعتبر البرنامج رفاهيتهم جزءًا لا يتجزأ من جودة الحياة التي تتسع للجميع. ومن أبرز مستهدفات البرنامج بحلول عام 2030، أن تصبح ثلاث مدن سعودية ضمن أفضل مئة مدينة للعيش عالميًا، وأن يتم توظيف أكثر من 143 ألف موظف في القطاع الثقافي، إلى جانب إنشاء ما يقارب 600 منطقة ترفيهية في مختلف أنحاء المملكة. هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات جامدة، بل تعكس حجم الطموح في تحويل المملكة إلى بيئة عيش جاذبة، توفر للإنسان مقومات السعادة والراحة النفسية، وتفتح أمامه آفاقًا جديدة من التفاعل الاجتماعي والثقافي. إن برنامج جودة الحياة في جوهره ليس خطة مرحلية، بل رؤية متجددة تسعى إلى أن يعيش كل فرد في المملكة تجربة يومية مليئة بالخيارات والفرص، حيث يصبح الذهاب إلى المسرح أو المشاركة في بطولة رياضية أو حضور معرض فني أو الاستمتاع بمساحات خضراء منظمة جزءًا طبيعيًا من الحياة. إنه مشروع يضع الإنسان في قلب التنمية، ويجعل رفاهيته ومعاييره في مقدمة الأولويات، ليجسد بذلك الشعار العميق لرؤية 2030: «وطن طموح، مجتمع حيوي، واقتصاد مزدهر».
البنية التحتية والنقل.. صلب التحول الحضري والتنموي
منذ انطلاقة رؤية السعودية 2030، اكتسبت البنية التحتية للنقل والمواصلات دورًا محوريًا في تشكيل تجاربنا اليومية، فهي التي تربط بين الإنسان وخياره، بين المكان الذي يقطنه والفرص التي يسعى إليها. ما بين الطرق، السكك الحديدية، المطارات، المترو، والموانئ—شهدت المملكة تحوّلًا لم يكن مجرد توسعة عمرانية، بل ثورة في الكيفية التي نستخدم بها المدن، ننتقل، نعمل، نستمتع، ونحلم. أحد أبرز المشاريع التي تُجسّد هذا التحوّل هو مترو الرياض، الذي يُعدّ من أكبر مشاريع النقل العام في المنطقة، إذ يمتد عبر ستة خطوط رئيسية، ويضم حوالي 85 محطة بطول إجمالي يبلغ 176 كيلومترًا. هذا المشروع لا يقتصر على كونه وسيلة نقل، بل هو شريان حياة يُريح المواطن من أعباء الزحام، ويختصر الوقت ويخفف التوتر. أما قطار الحرمين السريع فكان حلقة وصل عظيمة تربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورًا بجدة، بسرعة تقارب 300 كم/ساعة، ممنوحًا للمستخدمين تجربة علاج للتنقل ضمن إطار يُراعي الكفاءة، الراحة، والقداسة في المقام ذاته. وليس النقل العام وحده هو ما تغيّر، بل البُنى التحتية المحيطة به أيضًا مثل الطرق السريعة، المطارات، والموانئ. توسُعات المطارات وسعة الموانئ وزِد على ذلك تحديث شبكات الصرف الصحي وأنظمة المياه، مما جعل المدن أكثر نظافة وكفاءة، وأقل تأثرًا بالتحديات المناخية والمرورية. كما استثمرت الحكومة في البنية التحتية الرقمية والاتصالات، فالمملكة تقدّمت في مؤشر تنمية الاتصالات والتقنية (IDI)، حيث احتلت مرتبة متقدمة عالميًا ضمن دول مجموعة العشرين، خصوصًا في محور الاتصال الفعال، مُظهِرةً أن الربط الرقمي بات جزءًا لا ينفصل عن جودة الحياة الحقيقية، فهو يُسهّل المعاملات، يربط الأماكن البعيدة، ويُنعش فرص التعلم والعمل والترفيه عن بُعد. كل هذه المشاريع لا تُحسب فقط بأرقامها أو امتدادها المادي، بل بما تُحدثه من فرق في المهام اليومية: أن تستيقظ ولا تجد ازدحامًا يسلب وقتك، أن تذهب إلى عملك أو الجامعة بسرعة وأمان، أن تزور اقربائك بدون القلق من المسافة، أن يسهل عليك الانتقال من حي إلى آخر ليستمتع أطفالك بمتنزه أو فعاليات ثقافية قريبة، أن تصل إلى مطارك أو محطتك بيسر عندما تسافر.
إن البناء والتحديث في البنية التحتية للنقل والمواصلات ليس ترفًا، بل ضرورة تأسست عليها جودة الحياة في المملكة؛ لأنها تشكل المحاور التي تدور حولها الحياة: من العمل إلى الترفيه، من الصحة إلى التعليم، من التواصل المحلي إلى العلاقة مع العالم الخارجي. ومع تطور هذه المشاريع التي كانت يومًا حلمًا، أصبحت جزءًا من تفاصيلنا اليومية—هذا هو التغيير الذي تُشيد به الرؤية، وهذا هو الواقع الذي نعيشه اليوم.
الصحة أولاً.. رؤية تعيد تعريف الرعاية الطبية
لم يعد القطاع الصحي في السعودية كما كان قبل انطلاق رؤية 2030، بل تحوّل إلى نموذج متكامل يضع المريض في قلب الاهتمام، ويركّز على جودة التجربة الصحية بقدر تركيزه على التشخيص والعلاج. فمنذ إطلاق الرؤية، برزت المملكة كدولة تسعى لإعادة صياغة مفهوم الصحة، بحيث تكون الخدمات أقرب، أسرع، وأشمل، وتغطي كل أفراد المجتمع من مواطنين ومقيمين، في المدن والقرى على حد سواء. أول خطوات هذا التغيير كانت برنامج تحويل القطاع الصحي، وهو جزء من رؤية 2030. هذا البرنامج ركّز على عدة محاور: تحسين البنى التحتية للمستشفيات والمراكز الصحية، تحديث المعدات الطبية، استخدام الشراكات بين القطاع الحكومي والخاص، وتطوير الخدمات الوقائية. من العلامات الفارقة أيضًا في هذا المسار كان مستشفى «صحة الافتراضي» الذي وفّر خدمات طبية متخصصة عن بُعد، وهو يدعم 130 مستشفى حول المملكة، كما يقدّم أكثر من 30 خدمة تخصصية، مثل القلب، والعناية المركّزة، والأمراض النفسية. هذا التطور قلّل من حاجات التنقّل الطويلة، وساهم في وصول الخدمات لمناطق كانت في السابق بعيدة أو محدودة الوصول للرعاية التخصصية. كما ساعدت الرؤية في تعزيز مفهوم الوقاية وأهمية الصحة العامة. فالمملكة توسّعت في برامج الفحص المبكر للأمراض المزمنة، وتحسين خدمات الأمومة والطفولة، بما يشمل الرعاية قبل الولادة وبعدها، مما أسهم في خفض نسب وفيات الأمهات والمواليد الجدد. من جهة أخرى، تم تحسين الوصول للخدمة الطبية في المناطق البعيدة أو الريفية من خلال افتتاح مرافق صحية جديدة، وتطوير الصحة الإلكترونية، والاعتماد على التطبيقات والحلول الرقمية لربط المريض بالمختص دون الحاجة للسفر. ولأن جودة الحياة لا تُقاس فقط بعدد المستشفيات، بقدر ما تُقاس بسرعة الاستجابة وكفاءة الأداء، فقد تم تطبيق مؤشرات قياس أداء للمستشفيات والعيادات، نظام قياس رضا المرضى، مع تنظيم خدمات الطوارئ وتقليل أوقات الانتظار، وتحسين بيئة المستشفيات والمراكز الصحية حسب المعايير الدولية.
التعليم وتنمية الإنسان.. نحو جيل مؤهل للمستقبل
من أولى خطوات رؤية 2030 كانت التركيز على التعليم باعتباره حجر الأساس لأي نهضة تنموية، فالمملكة وضعت أمامها مهمة ليست فقط في رفع نسب الالتحاق، بل في إعادة بناء النظام التعليمي بأكمله ليواكب تحدّيات القرن الحادي والعشرين. ما صار الآن التعليم مجرد انتقال من مرحلة لأخرى، بل تجربة تجمع بين المعرفة، والمهارات، والابتكار، وربط وثيق مع متطلبات سوق العمل. المناهج طُورت لتضم مجالات تكنولوجية وعلمية حديثة مع التركيز على: (العلوم، التقنية، الهندسة والرياضيات)، إضافة إلى تعزيز التفكير النقدي والإبداع بدلاً من الحفظ والتلقين فقط. المعلمون صاروا يحصلون على تدريب مستمر، وبيئات تعليمية أحدث، تقنيات حديثة، فصول ذكية ومنصات تعليم إلكتروني تدعم التعلم عن بُعد والعبر المزيج بين الحضوري والافتراضي. كذلك الدعم الحكومي زاد للبنية التحتية التعليمية في المدارس والجامعات، مع إشراف مؤسسي لتحسين جودة التعليم، وضمان معايير موحدة للمخرجات التعليمية.
الجامعات كان لها دور محوري في هذا التحول: تم تعديل أنظمتها، ومنحها حرية أكبر في تحديد طبيعة برامجها ورؤاها، لتتناسب مع هوية كل جامعة واحتياجات سوق العمل. كما تطورت ثقافة الابتكار والبحث العلمي وريادة الأعمال، فصار عندنا برامج تشجيعية للمبادرات الطلابية والأبحاث، تعاون مع مؤسسات دولية، وتسويق للأفكار الخلاقة والمنتجات المعرفية. ومن المهم أيضًا أن الرؤية لم تنسَ التعليم التقني والمهني؛ فهناك توسع في البرامج التي تُعنى بإعداد الطالب لمهنة تتطلب مهارات تقنية وعملية، بحيث لا يكون التعليم نظريًا فقط بل عمليًا أيضاً. كل هذه التغيرات أدّت إلى أن الطالب اليوم لا يخرج من المدرسة أو الجامعة مجرد حامل شهادة، بل أكثر تجهيزاً للمستقبل، متمكّن من المهارات الناعمة والتقنية، قادر على الابتكار، والمساهمة في اقتصاد معرفي يتطلب مرونة وسرعة تعلم وتجديد دائم. وهكذا يتحقّق الهدف الأكبر من التعليم في رؤية 2030: أن يكون التعليم وسيلة ليبني الإنسان، يُطوّره، يمنحه الفرص، ويُدخلُه إلى مجتمع نشط، منتج، مواكب للتطور العالمي، متجذر في قيمه وهويته.
تحسين المشهد الحضري وجودة الخدمات في المدن
كما أولت المملكة اهتمامًا بالغًا بتحسين المشهد الحضري وجودة الخدمات في المدن، وذلك من خلال تطوير التصميم العمراني، تعزيز النظافة، تحسين المرافق العامة، تطوير وسائل المواصلات، وزيادة المساحات الخضراء. كما تم تطوير المخطط العمراني لمدينة الرياض، مما يعزز من جودة الحياة في المدينة. أما في مجال النظافة، فقد أطلقت وزارة البلديات والإسكان مبادرة «لأنها بلدي» لتحسين المشهد الحضري، في خطوة تهدف إلى ترسيخ ثقافة الامتثال للأنظمة والاشتراطات البلدية في جميع المدن السعودية، إذ تمثل هذه الحملة توجهًا طموحًا لتطوير المدن، ورفع كفاءة المرافق والخدمات، وتعزيز الاستدامة البيئية، بما ينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين والمقيمين والزوار، ويجعل المدن السعودية نموذجًا يُحتذى به على المستويين الإقليمي والدولي. وأوضحت الوزارة في بيان لها أن الحملة تركز على تحقيق مجموعة من الأهداف الرئيسية، أبرزها تعزيز وعي الأفراد والمؤسسات بأهمية الامتثال وتأثيره المباشر على تحسين المشهد الحضري، وإيجاد حلول مبتكرة ومستدامة، بالإضافة إلى تعزيز الشراكة بين المجتمع والجهات الحكومية. وفيما يخص المرافق العامة، تم تطوير العديد من الحدائق والمرافق الترفيهية في مختلف المدن، مما يسهم في تحسين جودة الحياة وتوفير بيئة حضرية جاذبة.
أما في مجال المواصلات، فقد تم تحسين جودة الطرق وتطوير شبكة النقل العام، مما يسهم في تسهيل حركة المرور وتقليل الازدحام.
فيما يتعلق بالمساحات الخضراء، تم تنفيذ مشروع «الرياض الخضراء» الذي يهدف إلى زراعة اكثر من 7.2 مليون شجرة في مختلف أنحاء المدينة، مما يسهم في تحسين جودة الهواء وتوفير بيئة حضرية صحية.
تجسد هذه المبادرات التزام المملكة بتحقيق أهداف رؤية 2030 في تحسين المشهد الحضري وتوفير بيئة حضرية مستدامة تعزز من جودة الحياة للمواطنين والمقيمين.
تحسين الظروف المعيشية للوافدين
منذ انطلاق رؤية المملكة 2030، بات تحسين الظروف المعيشية للوافدين جزءًا محوريًا من استراتيجيات جودة الحياة، إدراكًا لأهمية رفاهية المقيمين كركيزة أساسية تعكس مستوى التقدم والإنسانية في المجتمع. فالبرنامج لم يقتصر على توفير وظائف أو إقامة فقط، بل امتد ليشمل تحسين جودة الخدمات المقدمة لهم، وتطوير بيئة السكن، وضمان الأمان، وتعزيز البيئة المحيطة، مع التركيز على إدماجهم في منظومة الحياة اليومية بشكل متكامل. سعت المملكة من خلال المبادرات الحكومية إلى تطوير الخدمات الصحية والتعليمية المقدمة للوافدين، وتوفير معلومات واضحة حول حقوقهم وواجباتهم، عبر أدلة وخدمات إلكترونية تسهل الوصول إلى كل ما يحتاجونه، مما يضمن شعورهم بالأمان والاطمئنان في حياتهم اليومية. وفي جانب السكن، تم تنظيم قطاع مساكن العمال الوافدين في مختلف المدن، وتحديث البنية التحتية للمناطق السكنية، بما يضمن توفر مساحات مناسبة، مرافق عامة متكاملة، ومساحات خضراء تُحسّن نوعية الحياة. كما حرصت المملكة على تعزيز الأمان داخل المجتمعات السكنية للوافدين، وتطوير المرافق العامة، وتحسين البيئة المحيطة، لتكون بيئة حضرية صحية، مستدامة، وقادرة على تلبية احتياجاتهم اليومية. وقد أسهمت هذه الجهود في رفع مستوى الاستقرار الاجتماعي، وزيادة الإنتاجية، وتعزيز الصورة الإيجابية للمملكة على الصعيدين الإقليمي والدولي، ما يوضح أن رفاهية الوافدين ليست مجرد هدف إنساني، بل استثمار طويل الأمد في جودة الحياة للمجتمع السعودي ككل، وترسيخًا لمفهوم مجتمع شامل ومتنوع يزدهر فيه الجميع.
بيئة صحية تعزز الروابط الاجتماعية
تسعى رؤية المملكة 2030 إلى بناء مجتمع حيوي ينعم أفراده بأسلوب حياة متوازن، من خلال تعزيز مشاركة الفرد والأسرة في الأنشطة الترفيهية والرياضية والثقافية. يُعد برنامج «جودة الحياة» أحد البرامج الأساسية لتحقيق هذا الهدف، حيث يهدف إلى تحسين نمط حياة المواطن والمقيم عبر تهيئة ودعم واستحداث خيارات جديدة تُعزّز مشاركتهم في هذه الأنشطة. تشمل هذه الأنشطة تنظيم فعاليات ثقافية وفنية، وتطوير المنشآت الرياضية والترفيهية، وتوفير مساحات عامة تشجع على ممارسة الرياضة والأنشطة الاجتماعية. كما تُعنى الهيئة العامة للترفيه بتنظيم مهرجانات وفعاليات تستهدف جميع أفراد الأسرة، مما يسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير بيئة صحية تساهم في تحسين جودة الحياة. كما تؤكد الإحصاءات أن هناك زيادة ملحوظة في مشاركة الأفراد والأسر في هذه الأنشطة، مما يعكس نجاح المملكة في تحقيق أهدافها في هذا المجال. تسهم هذه الجهود في تعزيز السعادة والراحة النفسية للأفراد، وتوفير بيئة مجتمعية تشجع على الإبداع والتفاعل الاجتماعي.
إن جودة الحياة في المملكة العربية السعودية، كما تجسدت منذ انطلاق رؤية 2030، ليست مجرد شعار أو هدف مؤقت، بل هي مسار شامل متكامل يرتكز على الإنسان والمجتمع والبيئة والاقتصاد والثقافة. فقد أظهرت المملكة قدرة استثنائية على تطوير جميع جوانب الحياة اليومية، بدءًا من تعزيز الصحة والتعليم، مرورًا بتحسين البنية التحتية والمرافق الحضرية، وصولًا إلى الاهتمام بالرفاهية الفردية والأسرة الوافدة، كل ذلك مع الحفاظ على هويتنا الوطنية والتراثية الغني، وفتح آفاق جديدة للترفيه والثقافة والرياضة. إن التحولات التي شهدتها المدن من خلال تحسين التصميم العمراني، وتوسيع المساحات الخضراء، وتعزيز خدمات المواصلات والمرافق العامة، لم تعزز جمال المشهد الحضري فحسب، بل وفرت بيئة صحية ومستدامة تعكس التزام المملكة بالعيش الكريم للجميع. وفي الوقت نفسه، كان التركيز على الرعاية الصحية المتقدمة، والتعليم النوعي، وتحسين الخدمات للوافدين، مؤشرًا واضحًا على حرص المملكة على شمولية جودة الحياة لكل المقيمين، دون تمييز، بحيث يشعر الجميع بالأمان والاستقرار والفرص المتاحة للنمو والازدهار. ولا يمكن الحديث عن جودة الحياة دون الإشارة إلى التراث والثقافة، حيث أصبح الاهتمام بالمحافظة على التراث الوطني والإسلامي والعربي، وتعريف العالم به، جزءًا لا يتجزأ من هويتنا الحية. إلى جانب ذلك، سعت المملكة إلى تفعيل مشاركة الفرد والأسرة في أنشطة الترفيه والثقافة والرياضة، لتصبح الحياة اليومية أكثر حيوية ومتعة، وتحقق توازنًا بين العمل والراحة، بين الطموح الشخصي والالتزام المجتمعي.
كل هذه الجهود تؤكد أن رؤية 2030 لم تقتصر على الأرقام والمشاريع، بل كانت رؤية إنسانية شاملة تهدف إلى بناء مجتمع صحي، متعلم، آمن، مستدام، ومليء بالفرص والإمكانات لكل فرد. وفي هذا الإطار، تظل المملكة نموذجًا رائدًا في تحويل الطموح إلى واقع ملموس، حيث تلتقي الرؤية الوطنية مع سعادة الإنسان، لتصبح جودة الحياة ليست مجرد هدف، بل أسلوب حياة مستدام ينبض فيه كل مواطن ومقيم بالفخر والاعتزاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.