في عصر تهيمن فيه المنصات الرقمية على حياتنا اليومية، باتت ثقافة التفاهة تهدد وعي المجتمع وقيمه، لذلك وضعت الهيئة العامة لتنظيم الإعلام ضوابط صارمة تحكم المحتوى الإعلامي، تضمن الالتزام بالثوابت الدينية والوطنية، وتحظر الإساءة والتنمر، وتعمل على رفع جودة البرامج والمحتوى المقدم للجمهور، هذه الضوابط تمثل درعًا لحماية المجتمع من الانحدار نحو التفاهة، وتجعل الإعلام أداةً للتثقيف والإلهام بدلًا من التسلية الفارغة. لم تعد منصات التواصل مجرد فضاء للترفيه أو التواصل، بل تحولت إلى ساحات تصنع الوعي وتشكّل الانطباعات وتؤثر في القيم، لذلك كان لا بد من أن تكون هناك مرجعية تضبط المسار، وتحمي المجتمع من الانزلاق نحو مظاهر دخيلة، كالتباهي الفارغ بالأموال والممتلكات، أو بث المضامين المضللة، أو نشر صور ومظاهر تتنافى مع قيم المجتمع السعودي الراسخة، هذه الضوابط ليست سجنًا للكلمة، بل سياجًا يحميها من الانحراف، ويصون رسالتها من أن تتحول إلى أداة خداع أو وسيلة لابتزازٍ أو تنمّرٍ أو خرقٍ لخصوصية الآخرين. القرار في جوهره ليس قيدًا، بل هو وعيٌ متجدد بأن المنصة مسؤولية قبل أن تكون وسيلة للشهرة، فالظهور الذي يخدش الذوق العام أو يعبث بصورة الوطن ليس حرية شخصية، بل اعتداء على صورة مجتمع بأكمله، ومن هنا جاءت هذه الضوابط لتعكس حرص الدولة على أن تبقى هوية المجتمع السعودي نقيّة، وقيمة راسخة، وصورته متزنة أمام العالم. إن بناء مجتمع رقمي مسؤول لا يتحقق بكثرة المتابعين أو بضجيج المشاهدات، بل بمحتوى صادق يكرّس الاحترام ويعزز الوعي ويصون كرامة الإنسان، وما فعلته الهيئة هو بمثابة رسالة واضحة: المنصات ليست ساحة للابتذال ولا مرآة للغرور، بل فضاء يليق بمكانة هذا الوطن وعمق حضارته، حيث تُرسم الحدود الفاصلة بين ما يبني وما يهدم، وبين ما يرفع صورة الوطن وما يشوّهها، إنها خطوة إصلاحية تتجاوز لحظة القرار لتصنع ثقافة جديدة، تجعل من كل كلمة وصورة وفيديو رسالة تعكس قيم المجتمع السعودي الأصيل، وتبني وعيًا يتناسب مع طموحات وطن ينهض بثقة نحو المستقبل.