وسط صعوبات الحياة وتحدياتها، قد يجد المرء نفسه مثقلاً بأعباء الماضي وذكرياته التي لا تنفك تثقل كاهله. هنا، تأتي كلمات الدكتور عبدالله المغلوث في كتابه الرائع "غداً أجمل" لتكون بمثابة نسمة هواء نقي، تدعو الروح إلى التحرر والانطلاق. في فقرة لفتت انتباهي بجمالها وعمقها، يطرح الدكتور عبدالله فكرة بسيطة ولكنها جوهرية في مضمونها: "ارمِ أمتعتك"، هذه الدعوة ليست مجرد نصيحة عابرة، بل هي فلسفة حياة متكاملة تدعونا إلى إعادة النظر في علاقتنا مع الماضي. يشبّه الدكتور عبدالله الأمتعة الثقيلة التي نحملها بالمركبة التي تثقلها الحمولة، فيتباطأ سيرها وتفقد رشاقتها، بمعنى أن تاريخنا وماضينا المليء بالأحزان، إن لم نتحرر منه، سيظل يقيّد حركتنا ويمنعنا من المضي قدماً بانسيابية وسرعة، هي فعلاً استعارة بليغة تلخص جوهر الحكمة: فالتخلص من الماضي السلبي ليس هروباً، بل هو خطوة ضرورية نحو مستقبل أفضل، فكما أن التخلص من الشحوم الزائدة يمنح الجسد لياقة ونضارة، فإن التخلص من أحزان الأمس يمنح الروح إشراقاً وقدرة على الإقبال على الحياة. ما يميز كتاب "غداً أجمل" هو هذا النوع من الرؤى العميقة التي يقدمها الدكتور المغلوث بأسلوب سلس ومباشر، يلامس القارئ في الصميم، فهو لا يكتفي بتقديم النصح، بل يقدم منطقاً مقنعاً ومثالاً حياً يجسد فكرته، عندما يقتبس قول ستيف مارلبوري: "تحرر من عقلية الضحية وابدأ حياة جديدة تليق بطموحاتك"، يؤكد على أن التغيير يبدأ من الداخل، من خلال إرادتنا الجادة في التخلص من دور الضحية والتحول إلى صانعي مصائرنا. رسالة الكتاب تُعدّ دعوة صريحة للفرح والابتهاج، فالدكتور عبدالله يذكرنا بأننا لم نولد لنحزن، بل لنفرح، وأن هذا الفرح ينعكس على وجوهنا ويسعد من حولنا. هذه الفكرة ليست مجرد تفاؤل سطحي، بل هي دعوة عملية للعيش في الحاضر والتركيز على بناء مستقبل مشرق، بعيداً عن قيود الماضي. كتاب "غداً أجمل" هو أكثر من مجرد مجموعة من الكلمات، فهو مرشد للروح، يمنح القارئ القوة والأمل، ويذكره بأن أجمل ما في الحياة ينتظره في الغد. المحتوى يستحق الاطلاع، وكاتبه يستحق كل التقدير على ما قدمه من إلهام وعمق.