يختم الإنجليزي هيس هذه السلسلة من بحثه عن الإبل في جزيرة العرب عن أهمية الإبل بالنسبة للبدو إذ تشكل كما قال قطعان الماشية خاصة الإبل ثروة البدو فالجمل يقدم له تقريبا كل ما يحتاجه للحياة فهو ليس فقط دابة الركوب والحمولة في الصحراء الشاسعة بل يوفر له أيضا الحليب واللحم والصوف (الوبر) والجلد، لا وبل مادة الوقود وهو المصدر الرئيس للدخل كسلعة تجارية وتبادلية. ويضيف ضمن كتابه بدو وسط الجزيرة بأن تربية الجمال لا تكلف البدو جهدا ولا أموالا. وفي الواقع لا يمكن الحديث عن تربية بالمعنى الحقيقي للكلمة. فقط عند ما يتعين فطام الحوار عن حليب أمه يتدخل صاحبه ويضع له في أنفه قطعة خشب مدببة (تسمى الخلال ويسمى الحوار في هذا الوضع مخلول) بحيث أنه يخز أمه عند الرضاعة فتقوم هي نفسها بطرده وتجبره على الفطام. عند ترويض (عسف) الجمال يظهر البدو كما يقول كثيرا من البراعة. في بادئ الأمر يضعون على ظهر الجمل غير المروض أكياسا من الرمل ويثبتون الرسن بصورة قصيرة جدا على هذه الأكياس بحيث لا يستطيع الجمل رفع رأسه. ويتركونه يتحرك على هذه الحالة ثلاثة او أربعة أيام. بعد ذلك يضعون سرجا على ظهر الجمل ويعلقون على جانبيه غطاءين بحيث يتأرجحان إلى هنا وهناك عند ما يتحرك. والآن يقودونه بالرسن بحيث ينتفض كلما ضرب على جسمه المعطفان. لكنه ما يلبث أن يهدأ أخيرا ويصبح جاهزا للركوب. يفيد أيضا أن البدو يتعاملون بمنتهى اللطف والحذر مع الإبل الفتية. وبصورة عامة فإن عرب شبه الجزيرة العربية يعاملون حيواناتهم بطريقة ألطف جدا مما يفعله المصريون والسوريون على سبيل المثال. ولذلك تبقى إبلهم في حاله صحية أفضل وتكون أكثر قدرة على التحمل. وعلى الرغم من ذلك يبقى الجمل حيوانا غضوبا ويهبد في كثير من الأحيان بالأقدام الأمامية أيضا – أو يحاول الشقلبة على الراكب أو الهروب. يخبرنا بعد ذلك نقلا عن البدو بأن جمل الركوب الجيد يقطع في السفرات القصيرة ما لا يقل عن 100 كيلو متر في اليوم، ويقطع في الرحلات الطويلة مسافة أقل تبعا لطول المسافة. كما أن الحمولة يجب أن تتناسب مع طول الرحلة وتتراوح بين 200 و 300 كيلوغرام. في الشتاء عند ما تكون الصحراء مغطاة بالنباتات يستطيع الراكب والدابة السير في الصحراء 25 يوما دون ماء. فالدابة تكتفي بالماء الذي تأخذه من الأعشاب الخضراء الغضة والإنسان يكتفي بالماء الذي يأخذه من حليب الناقة. وعن النباتات المفضلة عند الجمال ذكر نباتات صحراوية منها: النضل – الربلة – الشقارة – بينما يشكل النصي والنباتات الملحية (الحمض) الغذاء الرئيس والمفضل وبدون النباتات الملحية لا يستطيع الجمل النمو في الصيف. مضيفا أن نوعا من قرون شجر الاكاسيا يسمى سيمور (لعله يقصد السمر) حيث تعد علفا جيدا للإبل. حيث ينفض البدو القرون من الأشجار بالعصي لكي تسقط للجمال ويقولون إذا ما أكل الجمل أربعين يوما من هذه القرون فإنه يسابق الغزال في جريه. كما يأكل الجمل النباتات الشوكية دون أي صعوبة. لا وبل أن السكان المستقرون يقدمون له نوى التمر المكسرة أو المطبوخة. مادة الاحتراق زبى او روث الجمال يجدها المسافر في كل مكان في الصحراء حيث تسير الجمال وترعى في كل مكان وتتولى الصحراء نفسها مهمة تجفيفها بحيث أن المسافر يجد أفضل أنواع الفحم!! (وقود النار) ولهذه الكرات من الروث دلالة أخرى عند البدو الماهرون في الكثير من أسرار صحرائهم فهم يعرفون من خلالها عدد الإبل التي مرت وكم من الأيام مر عليها استنادا إلى درجة جفافها وعلامات أخرى. وتعد هذه المهارة وسيلة مهمة للاستطلاع في الغزوات الحربية أو غارات السلب والنهب. أيضا يستعملون أبوالها أيضا فهم يغسلون به شعر رؤوسهم لتنظيفه وإطالته وقتل القمل ومن الممكن أيضا أن يستخدم غسولا ومطهرا للفم والأيدي. ويمزج كذلك مع حليب النوق يسقى في حالات تعرض أي أحد منهم لعضة ثعبان سام كمادة مقيئة. تتلذذ الإبل بأكل الحمض