جائزة كفاءة الطاقة تمثل نقلة نوعية في ترسيخ ثقافة الاستدامة، فهي ليست تكريمًا شكليًا بل منصة لإعادة صياغة علاقتنا بالطاقة كقيمة حضارية واقتصادية.. الجائزة تدفع الأفراد والمؤسسات لتبني أعلى المعايير المحلية والعالمية، وتشجع على تحويل الذكاء الطاقي إلى أسلوب حياة.. في عالمٍ يتسارع نحو استهلاك غير مسبوق للطاقة تبرز الحاجة إلى وقفة تأملية قبل أن تكون تقنية، فالطاقة ليست مجرد أرقام على عداد كهربائي، وليست مجرد مورد اقتصادي نستهلكه ثم نبحث عن بدائل له؛ بل هي مرآة حضارية تكشف مدى نضج الإنسان في التعامل مع موارده وقدرته على صوغ علاقة متوازنة مع بيئته. من هنا تنبثق "جائزة كفاءة الطاقة" كمشروع يتجاوز فكرة التكريم، ليصبح منصة معرفية وثقافية تعيد تعريف معايير التنمية الحديثة، وتحوّل ممارساتنا اليومية إلى قرارات واعية تكتب تاريخًا جديدًا للبشرية. إن الحديث عن كفاءة الطاقة ليس ترفًا بيئيًا ولا صيحةً مؤقتة، بل هو إعادة صياغة لأسلوب حياتنا المعاصر؛ فهو فلسفةٌ تحاول الإجابة عن سؤال جوهري: كيف يمكن أن نبني مدنًا ومؤسسات وأفرادًا قادرين على الازدهار دون استنزاف ما يضمن استمرار هذا الازدهار؟ هذه الفلسفة وجدت في الجائزة فرصةً لإعادة رسم الخريطة الفكرية لمفهوم "الاستهلاك"؛ إذ لم يعد المعيار هو حجم الإنتاج أو ضخامة الإنشاءات، بل مدى الذكاء في إدارة الطاقة وتحويلها إلى مورد مستدام. لذلك فجائزة كفاءة الطاقة تمثل نقلة نوعية في ترسيخ ثقافة الاستدامة، فهي ليست تكريمًا شكليًا بل منصة لإعادة صياغة علاقتنا بالطاقة كقيمة حضارية واقتصادية. الجائزة تدفع الأفراد والمؤسسات لتبني أعلى المعايير المحلية والعالمية، وتشجع على تحويل الذكاء الطاقي إلى أسلوب حياة. وكون أن كفاءة الطاقة تمثل أهمية قصوى وخطوة استراتيجية لحماية البيئة وخفض التكاليف وتعزيز جودة الحياة. ولتحقيق ذلك، يمكن تبني أفكار عملية ومبادرات وطنية تُحوّل الترشيد من شعارات إلى واقع ملموس، وقد تتمثل في: اقتراح تجمع تنافسي "كفاءة تون" ليكون منصة وطنية تنافسية سنوية، تجمع المهتمين وخبراء التقنية ورواد الأعمال لابتكار حلول عملية لتوفير الطاقة. وتكون أهدافه: * تحفيز العقول الشابة والمبتكرين لتطوير تطبيقات ومنتجات ذكية. - تحويل الأفكار الرائدة إلى مشاريع وطنية قابلة للتطبيق. - نشر ثقافة الابتكار في مجال الطاقة بين المجتمع. * آليته: - فتح باب التسجيل للأفراد والشركات الناشئة. * تخصيص مسارات تنافسية (منازل، مصانع، مزارع، مدن). - دعم الأفكار الفائزة وتمويل تطبيقها في الواقع كما يطبق اليوم في الجائزة. القرى والمزارع والاستراحات والقاعات يمكن أن تتحول إلى مصادر للطاقة النظيفة بالاكتفاء الذاتي واعتباره كمبدأ يمكن بعض المنازل الحديثة في المخططات الجدبدة أن تتحول إلى وحدات ذكية تُدار فيها الطاقة تلقائيًا كأنظمة تكييف بحساسات واستشعارات. يمكن أن تكون الجهات الحكومية قدوة في مجال كفاءة الطاقة عبر فرض معايير إلزامية للبناء، واستخدام الطاقة المتجددة في المؤسسات الحكومية، وتحويل الوزارات إلى مراكز استدامة، حيث إن رؤية المباني الرسمية تتحول إلى نماذج ذكية ستؤثر نفسيًا على المواطنين، وتزرع الثقة في أن التغيير ليس شعارًا بل واقع تشجيع السلوك الواعي في استهلاك الطاقة لدى الجهات المستفيدة من الطاقة وربطه بالمكافآت مثل المنشأت المختلفة. دراسة أن يكون هناك برامج تعين على تبادل فائض الطاقة بين الأحياء.. إدراج برامج للتعليم الطاقي المبكر عبر مناهج للأطفال لترسيخ السلوك الواعي وتعزيز ثقافة الطاقة في المدارس عبر مشاريع عملية توعّي الطلاب بأهمية الترشيد. وجميل أن نربط المدارس بجائزة سنوية لأكثر مدرسة كفاءة في الطاقة. أتمنى على وزارة الطاقة أو المركز السعودي لكفاءة الطاقة أو شركات الاتصالات تصميم خدمات تقنية في المنازل الحديثة والراغبة تشمل أجهزة متصلة بإنترنت الأشياء لإدارة استهلاك الطاقة بكفاءة.. إطلاق تطبيق وطني للطاقة حيث يتيح متابعة استهلاك الكهرباء لحظيًا مع نصائح توعوية للتوفير واقتراح حلول ومنتجات معينة يراها المركز تخدم الأهداف.. التوسع في إنارة الشوارع الذكية من خلال استخدام حساسات للحركة لتقليل استهلاك الكهرباء. دعم الأجهزة عالية الكفاءة بتقديم حوافز للمستهلكين عند استبدال الأجهزة القديمة. مسابقات للأحياء والمدن حيث تمنح جوائز لأكثر الأحياء توفيرًا للطاقة سنويًا. ويبقى القول: لعل بهذه الخطوات -بعد توفيق الله- يمكن تحويل كفاءة الطاقة من مبادرات فردية إلى حركة وطنية قائمة على الإبداع والتنافس تجعل المملكة نموذجًا عالميًا في ترشيد الطاقة واستدامتها.. وأتمنى أخيرا أن يتم عرض إنجازات الفائزين بهذه الجائزة بتجربة عامرة توضح أثر وقيمة مشاريعهم على استهلاك الطاقة.