رفع مستوى الشفافية في السوق ومنع التلاعب والمضاربة زيادة المعروض من الأراضي المطورة داخل النطاق العمراني أقرت المملكة العربية السعودية نظام رسوم الأراضي البيضاء كأحد أهم الأدوات التنظيمية لدعم التنمية الحضرية وتوفير الأراضي السكنية بما يسهم في تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030. ويهدف هذا النظام إلى معالجة مشكلة احتكار الأراضي داخل النطاق العمراني، وتشجيع أصحابها على تطويرها أو بيعها للاستفادة منها في مشاريع الإسكان والتنمية. وبدأ تطبيق اعتماد نظام رسوم الأراضي البيضاء بموجب مرسوم ملكي في عام 1437ه (2016م)، وبدأ التنفيذ الفعلي في الأحياء والمدن الرئيسة على عدة مراحل. حيث صدر في 8 مارس 2016م قرار مجلس الوزراء بالموافقة على النظام، وأوكلت لوزارة البلديات والإسكان مسؤولية تطبيقه ومتابعة تحصيل الرسوم. ومن أهداف ورسائل النظام زيادة المعروض من الأراضي المطورة داخل النطاق العمراني، وتوفير خيارات سكنية بأسعار مناسبة للمواطنين. وكذلك الحد من الممارسات الاحتكارية التي رفعت أسعار الأراضي، وتحفيز الاستثمار والتطوير العمراني بما يتوافق مع مستهدفات برامج الإسكان. يقوم النظام بفرض رسوم سنوية تصل إلى 2.5 % من قيمة الأرض غير المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني، وتشمل الأراضي السكنية أو السكنية التجارية الفضاء التي تتجاوز مساحتها حدًا معينًا يحدده النظام. وقد جرى تطبيق النظام على مراحل، تبدأ بالأراضي غير المطورة داخل النطاق العمراني للمدن الرئيسة (مثل الرياضوجدة والدمام)، ثم توسعت لاحقًا لتشمل مدنًا أخرى بحسب الحاجة العمرانية والكثافة السكانية. «أثر النظام» ومنذ بدء تطبيق النظام أسهمت رسوم الأراضي البيضاء في إدخال مساحات كبيرة من الأراضي إلى السوق العقارية بعد أن كانت محتكرة. وزيادة وتيرة تطوير الأراضي لإقامة مشاريع إسكانية وتجارية، إضافة لتعزيز العدالة في السوق العقاري وضبط الأسعار بما يخدم المواطنين. كما تم توجيه إيرادات الرسوم إلى برامج الإسكان، مثل تطوير البنية التحتية للأحياء الجديدة، وبناء وحدات سكنية للمستفيدين من وزارة الإسكان. وتعد رسوم الأراضي البيضاء خطوة تنظيمية مهمة في مسار تطوير السوق العقاري في المملكة، إذ تسعى إلى إيجاد توازن بين العرض والطلب، وتحقيق هدف استراتيجي يتمثل في توفير السكن الملائم للمواطنين ضمن بيئة حضرية مستدامة. وتعد رسوم الأراضي البيضاء أداة إصلاح تعيد التوازن إلى السوق العقاري وتؤثر في حياة الأسر السعودية. ويشكّل السكن أحد أهم الاحتياجات الأساسية للأسر السعودية، بل يُعتبر معياراً رئيساً في جودة الحياة واستقرار المجتمع. ولطالما كان ملف الإسكان أحد أكثر الملفات حساسية في المملكة بسبب ارتفاع أسعار الأراضي والمساكن وعدم التوازن بين العرض والطلب. ومن هنا جاءت مبادرة رسوم الأراضي البيضاء كإحدى الأدوات الإصلاحية الجوهرية لمعالجة جذور هذه المشكلة، ليس فقط عبر فرض رسوم مالية، بل من خلال إعادة هيكلة كاملة لآليات السوق العقاري، بما ينعكس بشكل مباشر على حياة الأسر السعودية. والهدف الرئيس هو معالجة الاحتكار ورفع كفاءة السوق العقاري. والنظام يفرض رسومًا سنوية بنسبة 2.5 % من قيمة الأرض غير المطورة الواقعة داخل النطاق العمراني للمدن الرئيسة. ويُطبق على مراحل، بدءًا من الأراضي الكبيرة داخل المدن الكبرى (كالرياضوجدة والدمام)، وصولاً إلى مدن أخرى وفق الحاجة العمرانية والكثافة السكانية. أهداف النظام والمشكلة لم تكن فقط في نقص الأراضي، بل في وجود مساحات شاسعة من الأراضي البيضاء داخل المدن، محتكرة أو غير مطورة، ما أدى إلى تعطيل التنمية وارتفاع الأسعار. وأهداف النظام تتلخص في زيادة المعروض من الأراضي المطورة داخل النطاق العمراني، وتوفير خيارات سكنية متنوعة بأسعار مناسبة، والحد من الممارسات الاحتكارية والمضاربات العقارية، إضافة لدعم برامج الإسكان من خلال إيرادات الرسوم. كما أن من أثر النظام على السوق العقاري كسر الاحتكار وتحريك السوق، فمنذ بدء تطبيقه، أخرج النظام مساحات واسعة من حالة الجمود إلى حالة التطوير أو البيع، حيث لجأ الكثير من الملاك إلى تطوير أراضيهم أو عرضها للبيع لتجنب دفع الرسوم، وضبط الأسعار ساهم بزيادة المعروض وفي تخفيف الضغوط على الأسعار. فبعد أن كانت أسعار الأراضي تمثل عائقًا أمام قدرة المواطن على التملك، أصبحت الخيارات أكثر مرونة وتنافسية. كما أن تعزيز الشفافية والعدالة أوجد قاعدة بيانات دقيقة للأراضي الخاضعة للنظام، وإعلان نتائج مراحل التطبيق، أسهما في رفع مستوى الشفافية في السوق، ومنع التلاعب والمضاربة. وإيرادات الرسوم لا تذهب إلى الخزينة العامة فقط، بل يتم توجيهها لتطوير البنية التحتية لمخططات سكنية جديدة، وبناء وحدات سكنية لمستفيدي الإسكان، ما يعني أن النظام يعيد توظيف موارده لصالح المواطن مباشرة. وحول أثر النظام على حياة الأسر السعودية فإن الرسوم دفعت بالمزيد من الأراضي إلى السوق، ما ساعد على انخفاض أسعارها نسبيًا، وبالتالي انخفاض تكلفة بناء المساكن أو شرائها. وهذا الانخفاض انعكس بشكل مباشر على الأسر التي عانت طويلًا من ارتفاع الأسعار. رفع نسبة التملك وأحد مستهدفات رؤية السعودية 2030 هو رفع نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن إلى أكثر من 70 %. ورسوم الأراضي البيضاء تُعد من أهم الأدوات لتحقيق هذا الهدف، حيث إنها تحرّك السوق وتزيد من المعروض وتحد من المضارب، كما يسهم تطوير الأراضي البيضاء وتحويلها إلى أحياء سكنية متكاملة بالخدمات في تحسين جودة ونوعية الحياة للأسر، من حيث توفر المدارس، والحدائق، والمرافق العامة، بدل أن تكون هذه المساحات فارغة تعطل الامتداد العمراني. كما تسهم في تقليص الفجوة الاجتماعية، فقبل النظام، كانت فئات محدودة تستفيد من احتكار الأراضي والمضاربة فيها. أما اليوم، فإن دخول هذه الأراضي للسوق يسهم في تحقيق عدالة أكبر وتمكين الأسر المتوسطة من الحصول على سكن مناسب. والأبعاد الاقتصادية للنظام تحريك قطاع المقاولات، وإجبار الملاك على تطوير الأراضي ساهم في خلق فرص عمل جديدة، وتحريك قطاع المقاولات، والبناء، والاستشارات الهندسية. إضافة لتعزيز النمو الاقتصادي، فالسكن قطاع محرك للاقتصاد، وعندما تتحرك عجلة التطوير، تنشط معها قطاعات أخرى مثل التمويل، ومواد البناء، والخدمات اللوجستية. ولقد كان ارتفاع أسعار السكن في المدن الكبرى كان سببًا في انتقال بعض الأسر إلى أطراف المدن أو مناطق أخرى. أما مع تحريك الأراضي البيضاء، فإن فرص الحصول على سكن في قلب المدن أصبحت أكبر، ما يقلل من الهجرة الداخلية ويعيد التوازن السكاني. ويؤكد خبراء ومختصين أن رسوم الأراضي البيضاء خطوة إصلاحية جوهرية، إذ إنها لا تستهدف الجباية بقدر ما تستهدف تحريك السوق وتحقيق العدالة الاجتماعية. ومنذ التطبيق، لاحظ المختصون زيادة في المعروض وتراجعًا في وتيرة الاحتكار، وهو ما انعكس إيجابًا على خيارات الأسر. ويرون أن الرسوم ليست مجرد إجراء عقاري، بل هي أداة لتحسين حياة الأسر، من خلال توفير بيئة سكنية عادلة ومستدامة." أحياء وأراضٍ وكشف برنامج الأراضي البيضاء عن تسجيله أكثر من 16 مليون م2 من الأراضي البيضاء المطورة التي تنطبق عليها معايير المرحلة الثانية من الرسوم في 21 حيًا سكنيًا في مدينة الرياض، ما يمثل أكثر من 63 % من إجمالي المساحات المسجلة بعد إصدار فواتير الدورة الأولى من المرحلة الثانية في 100 حياً بالرياض. وأوضح البرنامج أن الأحياء (النرجس، العارض، الياسمين، الملقا، طويق، القيروان، الصفا، قرطبة، المونسية، حطين، الدار البيضاء، النسيم الغربي، الربوة، الهدا، العريجاء، الندى، نمار، الحزم، السلمانية بالدرعية، النخيل، العزيزية) كانت الأعلى من حيث المساحات المسجلة من الأراضي المطورة ضمن النطاق المُعلن للمرحلة الثانية من الرسوم، حيث تضمنت هذه الأحياء أراضٍ بيضاء مطوّرة بمساحات 200 ألف م2 فأكثر، تطبّق عليها المرحلة الثانية من رسوم الأراضي البيضاء. يأتي ذلك بعد أن أصدر البرنامج في 15 أغسطس الجاري أكثر من 5000 فاتورة في الدورة الأولى للمرحلة الثانية في مدينة الرياض على مساحات تتجاوز 25 مليون م2 من الأراضي المطورة ضمن النطاق العمراني المعلن، والتي قام ملاكها بتسجيلها خلال المهلة النظامية لتسجيل الأراضي، أو الأراضي التي سجلها البرنامج بالتكامل مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، داعيًا المكلفين من ملاك الأراضي البيضاء التي تنطبق عليها معايير المرحلة الثانية، أو من يشتركون في ملكيتها، إلى سرعة التحقق من وجود فواتير صادرة عليهم، وذلك عبر البوابة الإلكترونية للأراضي البيضاء والاستفادة من مهلة السداد التي تنتهي بعد سنة من تاريخ إصدار القرار بإعمار الأرض باستكمال بناء منشآت سكنية عليها -عدا التسوير وما في حكمه- بما يتفق مع ترخيص البناء الصادر للأرض، أو سداد الرسم، أو تقليص حيز الملكية؛ تجنباً لما يترتب على ذلك من مخالفة تصل إلى 100 % من قيمة الرسم، إضافة إلى سداد الرسوم المستحقة التي تقدّر في المرحلة الثانية بناء على القيمة السوقية للمتر المربع. وأشار البرنامج إلى أن الإعفاء من الرسوم يستوجب تقديم ملّاك الأراضي المسوغات التي تثبت موانع إعمار الأرض؛ وذلك خلال فترة الاعتراض (60) يومًا بعد صدور الفاتورة؛ لإحالتها إلى لجنة مختصة لدراستها وإصدار القرار بشأنها. يذكر أن المادة الخامسة عشرة من اللائحة التنفيذية لرسوم الأراضي البيضاء تنص على أن المبالغ التي يتم تحصيلها تُصرف لتطوير مشروعات البنية التحتية وفق النص الآتي: «تحدد الوزارة أوجه الصرف - من الحساب الخاص بمبالغ الرسوم والغرامات المحصلة - على مشروعات الإسكان، وإيصال المرافق العامة إليها، وتوفير الخدمات العامة فيها»، حيث أصدر البرنامج منذ تأسيسه أكثر من 14500 فاتورة في مختلف المدن التي طبقت فيها رسوم الأراضي البيضاء بمرحلتيها الأولى والثانية.