فجأة، اهتزت أسواق التكنولوجيا كما لو أن زلزالاً ضرب وادي السيليكون.. الأسهم التي كانت تُحلّق عالياً، مدفوعة بطموحات الذكاء الاصطناعي، بدأت تتعثر.. تراجعت أسهم شركة "بالانتير تكنولوجي"، العملاقة التي تجني مليارات الدولارات من العقود الحكومية الأميركية، بنسبة 10 %، بينما هوت أسهم "إنفيديا"، رائدة تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، بأكثر من 3 %، ولم تسلم شركات أخرى مثل "آرم" و"أوراكل" و"إيه إم دي" من هذا الهبوط المفاجئ، ويبدو المشهد مألوفاً في سجلات التاريخ، حتى أن البعض بدأ يستذكر شبح فقاعة "الدوت كوم" التي اندلعت في عام 2000، وفي هذا السيناريو السيئ تتهاوى الشركات التي تبدو لامعة على الورق، لكنها تفتقر إلى أساس متين في الواقع. رغم هذه العثرات، يتشبث المستثمرون بحلم ثورة الذكاء الاصطناعي، فعمالقة التكنولوجيا مثل "ميتا"، "مايكروسوفت"، "أمازون"، "ألفابت"، و"إنفيديا" يضخون مليارات الدولارات في بنية تحتية تدعم هذا الحلم، من مراكز بيانات عملاقة إلى خوارزميات متطورة، لكن، هل هذه الاستثمارات تُترجم إلى أرباح حقيقية؟ قبل أيام صدر تقرير صادم عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يكشف أن 95 % من الشركات التي راهنت على الذكاء الاصطناعي لم تجنِ بعد أي عوائد مالية، بمعنى آخر، أن تقييمات هذه الشركات تبدو كنجوم لامعة في سماء بعيدة، لكنها قد تكون مجرد سراب. مع استثمار العديد من صناديق التقاعد مدخراتهم في أسهم التكنولوجيا، أصبحت الرهانات أكثر خطورة، فالذكاء الاصطناعي، الذي يُروَّج له كثورة ستغير العالم، يُظهر تصدعات مقلقة، وعلى سبيل المثال، فإن قرار "ميتا" بتجميد التوظيف في "مختبرات الذكاء الفائق"، بعد أن كانت تتسابق لجذب العقول اللامعة برواتب خيالية تصل إلى مليار دولار، يُعد إشارة واضحة إلى أن الواقع الصعب بدأ يفرض نفسه، في الوقت نفسه، يترقب المستثمرون كل تقرير ربع سنوي، يبحثون عن أي إشارة تبرر هذا الإنفاق الهائل، أم المديرون التنفيذيون فيحاولون إبقاء الشعلة متقدة، لكن الحقيقة تُظهر صورة مختلفة، وهي أنه بينما جنت الشركات العملاقة مكاسب ضخمة، فإن العديد من الشركات الأخرى تواجه خيبة أمل، فهل نحن على أعتاب انفجار فقاعة أخرى؟ أم أن هذا مجرد تصحيح ضروري لإعادة السوق إلى مساره؟ التاريخ يقدم إجابة لمن أراد أن يستفيد، فمنذ عام 1995 وحتى 2025، لم يصمد سوى قلة من عمالقة التكنولوجيا مثل "مايكروسوفت"، "أوراكل"، "سيسكو"، "آي بي إم"، و"إيه تي آند تي" ضمن قائمة أفضل 30 شركة تقنية عالمية، أما النجوم الصاعدة اليوم مثل "إنفيديا"، "ألفابت"، "ميتا"، و"بالانتير"، فلم تكن موجودة في بداية القرن الحالي، ربما ليست الشركات التي تتصدر عناوين الأخبار اليوم، بل تلك التي تتحلى بالصبر والابتكار لتحويل الوعود إلى حقائق، والفقاعة قد تنفجر، أو ربما تُعيد تشكيل نفسها، لكن في النهاية، يبقى الذكاء الاصطناعي لغزاً يحتاج إلى ما هو أكثر من مجرد الضجيج ليصبح حقيقة مُغيرة للعالم.