في عالمٍ تزدحم فيه المنصات وتتصارع فيه الأصوات، أصبح حلم "التأثير" هاجسًا للكثيرين. غير أن الحقيقة التي يغفل عنها البعض أن الشهرة وحدها لا تصنع أثرًا، وأن التأثير الحقيقي لا يُقاس بعدد المتابعين أو حجم المشاهدات، بل بعمق الرسالة وقدرتها على إحداث فرق في حياة الناس. التأثير ليس مهنةً ولا صفةً تُكتسب بين ليلة وضحاها، بل هو انعكاسٌ لمصداقية الشخص، وصدق رسالته، وعمق فكره. قد تصنع كلمة صادقة، أو فعل نزيه، أو سلوك ملهم أثرًا يفوق ملايين المشاهدات. وهنا نستحضر مقولة معالي وزير الإعلام: "ليس كل مشهور مؤثر." هذه العبارة تختصر المسافة بين الانتشار والأثر، وتذكّرنا بأن التأثير لا يُصنع بالمظاهر، بل بالفعل والقدوة والقيمة المضافة للمجتمع. قدّمت رؤية السعودية 2030 نموذجًا عالميًا للتأثير الإيجابي؛ إذ لم تكن مجرد خطة تنموية، بل مشروعًا وطنيًا ضخمًا ألهم الأجيال. فقد صنعت الرؤية تحولًا استثنائيًا في مفهوم القيادة والتمكين، وفتحت آفاقًا واسعة للإبداع والابتكار، ورسّخت ثقافة الإنجاز كقيمة أصيلة في المجتمع. اليوم، تقف المملكة كمنصة مُلهمة للعالم أجمع، حيث تُثبت رؤية السعودية 2030 أن التأثير يبدأ بالفعل، ويكبر بالقيمة، ويستمر بالأثر الإيجابي الذي يغيّر حياة الأفراد والمجتمعات معًا. نحن، العاملين في مجال الإعلام والتواصل، نقف على خط المواجهة لصناعة المعنى وترسيخ القيم. مهمتنا تتجاوز إعداد الرسائل إلى صناعة الأثر؛ فنحن حلقة الوصل بين الرؤية والمجتمع، وبين الإنجاز والوعي. واجبنا أن نقدّم محتوى هادفًا يعكس ما تحققه المملكة من إنجازات، ويُلهم الأجيال القادمة ليكونوا صُنّاع تغيير حقيقي، وأن نعيد تعريف التأثير بمعناه الأصيل: التأثير بالفكرة قبل الشهرة بالقدوة قبل الصورة وبالقيمة قبل العدد التأثير الحقيقي ليس أن يتذكّرك الناس بكثرة ما نشرت، بل أن يذكروا ما أضفت إلى حياتهم من معنى وما تركته من أثر. فلنطرح على أنفسنا سؤالًا صادقًا قبل أن نعلن رغبتنا في أن نكون "مؤثرين": هل نريد أن نُتابَع... أم أن نُحتذى؟