لازالت أسعار الإيجارات مرتفعة خصوصاً في المدن التي يعلو فيها الطلب كالرياض وجدة والعاصمتين المقدستين مكة والمدينة، ولازال البحث جارياً لمعرفة الأسباب والحلول المناسبة للتعامل مع هذه المعضلة التي تلعب دوراً مهماً في زيادة معدل التضخم بالمملكة، ورغم وجود مؤثرات وعوامل اقتصادية طبيعية ومبررة مثل العرض والطلب تتفاوت من مدينة لأخرى تلعب دوراً في ذلك يبقى هناك عامل غير مبرر ويتطلب الحزم في التصدي له وهو الممارسات الاحتكارية والاستغلال غير المشروع لارتفاع الطلب وهي أمور ينشط فيها سماسرة العقار من العمالة الوافدة من (3أو4) جنسيات لا تخفى على الجميع رغم توطين مهن القطاع العقاري ويعد تقسيم الوحدات السكنية وتأجيرها من الباطن "إيجار أعلى من السعر المفترض" بحيث تجاوز إيجار الشقة السكنية المكونة من غرفتين وصالة في أحياء بعض المدن 30 ألف ريال نوعاً من ذلك الاستغلال، الذي يزيد من خطورته تهديده لسلامة الممتلكات وتنامي نسبة المشاكل والقضايا ناهيك عن إضعافها للبنية التحتية والخدمات البلدية، وتأثيرها السلبي في التوازن الاجتماعي والاقتصادي في المدن، ويؤكد عدد من المحامين أن المسارعة بتعميم وتطبيق التسجيل العيني للعقار على عموم السوق العقاري بالمملكة سيلعب دوراً كبيراً في الحد من تلك الممارسات فالتسجيل العيني ليس رفاهية إجرائية، بل هو صمام أمان يختصر الطريق، يزيل الشك، ويجعل العقار أصلاً راسخاً يمكن البناء عليه بثقة. فكما أن الإنسان لا يستغني عن هويته، كذلك العقار لا يكتمل إلا بسجله العيني، ويضاف لذلك تغليظ العقوبة على الوسطاء العقاريين النظاميين المرخصين اللذين يتواطؤون مع أولئك السماسرة ويسهلون لهم أعمالهم الخافة للنظام والمضرة بعدالة سوق العقار في المملكة. الأثر الإيجابي للتسجيل العيني للعقار على السوق العقاري وقال المحامي والمستشار القانوني، الدكتور محمود حمزة المدني، مما لا شك فيه بأن التسجيل العيني للعقار سيسهم في تنظيم وتوحيد بيانات السوق العقاري بشكل كبير لأن المنصة الرقمية للتسجيل العقاري ستوفر المعلومة وبالبيانات الصحيحة لأي عقار بحيث يحق لأي شخص الاطلاع على صحيفة العقار الخاصة به أو الحصول على بيانات معينة من السجل العقاري. إن توفر معلومات وبيانات عقارية رقمية تتفاعل مع المتغيرات، وموجودة في قاعدة بيانات متكاملة ودقيقة مربوطة بكل الجهات الحكومية المعنية يحقق أهم هدف وهو توحيد لمصدر المعلومة ، ويعزز مصداقيتها وموثوقيتها في السوق العقاري ، وهو الأمر الذي يسهل على المستثمر في السوق العقاري عمل الدارسة الميدانية وتحليل المعلومة ودراسة الأثر والعائد من الاستثمار (دراسة الجدوى) وفهم احتياج السوق ، فيحقق ذلك أهم أهداف التسجيل العيني للعقار وهو تجنيب المستثمر الدخول في مشاريع عقارية مبنية على معلومات عشوائية أو مخاطر عالية أو ضبابية عند الاستثمار في السوق العقاري. وأشار د. محمود المدني، إلى إن السوق العقاري سيتأثر إيجاباً عندما يكون هناك ضوابط وتنظيم احترافي ورقمي يتعامل بشكل إلكتروني مع سوق واسع وكبير، فعندما تكون المعلومة العقارية متوفرة بشكل كامل وبسهولة، فإن ذلك يشجع على الاستثمار الاحترافي وضخ رؤوس أموال كبيرة في سوق العقار مما يتحقق معه تنمية عمرانية مستدامة وفق أرقام تعكس واقع. إن تنظيم السوق العقاري بعد تفعيل كامل للتسجيل العيني للعقار سيفتح فرص استثمارية للمطورين والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال في التخطيط الأفضل لمشاريعهم العقارية الكبيرة ويساعدهم على تطويرها بشكل يتماشى مع احتياج السوق ومتطلبات المجتمع وتكون مجدية اقتصاديا وتجارياً، بل وجاذبة للمستثمر الداخلي والخارجي لأنها تخلق فرص استثمارية مدروسة ومبنية على معلومات موثوقة وقراءة واضحة لمعطيات السوق. تقسيم العقارات عشوائياً ظاهرة موجودة وبدوره قال، المحامي، المتدرب، طارق سعود المالكي، في ظلِّ النُّمو الاقتصادي المُتسارع الذي تشهده المملكة العربية السعودية ضمن رؤية 2030، جاءت فكرة التسجيل العيني للعقار لضمان نمو السوق العقاري نمواً سليماً عبر إتاحة المعلومات الكاملة حول العقار المسجَّل. وعلى المستوى الإجرائي، يتوقع من فوائد التسجيل العيني للعقار القضاء على بعض الممارسات السلبية وكفّ أيدي التلاعب والعبث من قبل بعض ملاك العقارات، الذين يقومون بتقسيم أملاكهم تقسيماً عشوائياً؛ على وجه مخالف للأنظمة والتوجيهات الصَّادرة من الجهات المختصة ومن نافلة القول ، تشهد بعض الأحياء في مدينتي مكةالمكرمة والمدينة المنوّرة انتشاراً ملحوظاً لظاهرة تقسيم العقار بشكل مخالف للأنظمة ومتجاوز للصلاحيات ، حيث يعمد بعض الملَّاك إلى إعادة تقسيم الشقق إلى غرف صغيرة متعددة، أو تحويل المنازل إلى عدد ضخم من الوحدات السَّكنية وذلك بهدف رفع العائد الاستثماري. وأشار طارق المالكي، إلى أنه وعلى الرغم من أن هذه الممارسات قد تبدو للبعض حلاً عملياً للاستفادة من العقار، إلّا أنه يجب عدم مخالفة الأنظمة واللوائح المعمول بها ، خصوصاً إذا ما تمَّ تجاوز المواصفات والمعايير الدقيقة للمباني من حيث الحفاظ على مساحة ووحدات محددة لا يمكن تجاوزها ، مع ضرورة توفير مواقف للمركبات ومخارج طوارئ وعدم إهمال الاشتراطات الصحية ، فمُعالجة هذه المشكلة والحدّ من آثارها يتطلب موازنة بين الربح السريع ومصالح الملاك من جهة ، بما لا يتنافى مع المصلحة العامة والالتزام بالأنظمة العمرانية من جهة أخرى، وإنَّ مواجهة هذه الظاهرة تتطلب وعي الملاك بخطورة المخالفات التنظيمية ، فالالتزام بالأنظمة ليس مجرد إجراء إداري بسيط ، بل أن أثره يعتبر متعدياً إلى ضمان سلامة الأرواح وصوناً للمصلحة العامة وحماية للمدن المقدسة بما يليق بمكانتها الشريفة. العقوبات القانونية في حق غير الملتزم بدوره قال المحامي، حسن ناصر الأسمري في زمن تتسارع فيه حركة السوق العقارية وتطور أنظمتها، يبقى التسجيل العيني للعقار أشبه ب"بطاقة الهوية" التي لا غنى عنها لأي ملكية. فغياب هذا التسجيل لا يعني فقط ورقة ناقصة في إجراءات نظامية، بل يفتح الباب أمام قصص طويلة من النزاع، حيث قد يجد المالك نفسه في أروقة القضاء يحاول إثبات حق يفترض أنه بديهي، كما الاعتماد على الطرق التقليدية في التوثيق يجعل العقار مساحة خصبة للتلاعب: بيع مكرر، رهونات غير معلنة، أو حقوق خفية للغير لا تظهر إلا بعد فوات الأوان. والمشتري الذي يطمئن إلى عقد مكتوب بخط اليد، قد يصحو متأخرًا على حقيقة أن ملكيته محل شك أو نزاع، ومن الناحية القانونية، الأمر ليس مجرد مخاطرة، بل هو مخالفة قد تجلب غرامات تصل إلى مبلغ (100,000 ريال) أو إبطالاً للتصرفات (في حالات قضائية). فالأنظمة العقارية اليوم أكثر صرامة، وتعتبر التسجيل العيني شرطًا أساسياً لضمان الاستقرار وحماية جميع الأطراف. وبدوره قال المحامي المتدرب، محمد أحمد صائم الدهر، صدر نظام التسجيل العيني للعقار بموجب قرار مجلس الوزراء رقم (537) وتاريخ 18 /9 /1443ه، ويسري على جميع العقارات في المملكة، ما لم ترَ الجهات المختصة استثناء بعضها لأسباب تتعلق بالسرية. ويُعد السجل العقاري بموجب هذا النظام حجة قاطعة على الحقوق العينية، لا يُقبل الطعن فيها إلا بالتزوير أو الخطأ الكتابي، ويُتاح للكافة الاطلاع عليه، تعزيزاً لمبدأ الشفافية. كما قرر النظام أن تكون الهيئة العامة للعقار هي الجهة المختصة بالتسجيل العيني للعقار. وأوكل لها التسجيل العيني الأول للعقارات، كما تتولى تحديد المناطق التي يكون التسجيل فيها وجوبياً (أي إلزامياً). ويترتب على التسجيل العيني الأول فتح مدة اعتراض لمدة سنة من تاريخ نشر قوائم الملاك، لكل من له مصلحة في الاعتراض، وبعد انقضاء هذه المدة يُعد التسجيل نهائياً، ولا يُقبل بشأنه طلب إلغاء أو تعديل، ويقتصر حق المتضرر في المطالبة بالتعويض. يُسجل في السجل العقاري جميع التصرفات اللاحقة للتسجيل الأول والتي من شأنها إنشاء الحقوق العينية الأصلية أو التبعية كالقسمة، والوصية، والوقف، وغيرها، إضافة إلى عقود الإيجار التي لا تقل مدتها عن عشر سنوات. كما يُلزم المالك بالإبلاغ عن أي إنشاءات أو تعديلات أو إزالات خلال تسعين يوماً من تاريخ حدوثها. كما نصت المادة (28) على إنشاء سجل عيني مستقل لكل وحدة مفرزة في العقارات ذات الملكية المشتركة. ولكن المادة (33) من النظام قيدت فرز ودمج العقارات بموافقة الهيئة العامة للعقار. أما المادة (35) فقد قررت عقوبة لا تتجاوز المائة ألف ريال لكل من يمتنع عن تسجيل العقار الواقع في المناطق الوجوبية أو من تأخر في الإبلاغ عن الأعمال الإنشائية الجديدة أو من أعاق عمل الجهات المختصة أو امتنع عن تزويدها بالمستندات المطلوبة. أهداف التسجيل العيني العقاري بدوره قال المحامي المتدرب، مازن مصطفى السلمي، جاء نظام التسجيل العيني للعقار في ظل ثورة تقنية تمر بها المملكة ، وهي أحد خطوات أتمتة ورقمنة الإجراءات الحكومية لغرض الرفع من جودة وكفاءة الخدمات المقدمة للمستفيدين، ويهدف التسجيل العيني للعقار بصفة عامة إلى رقمنة الإجراءات العقارية الذي بدوره يساعد على كف النزاعات العقارية التي لا تغيب عن أروقة المحاكم بحيث يتم التقليل من حدتها أو التقليل من طول مدتها، ولا يتأتى ذلك إلّا من خلال توفير قاعدة بيانات سهلة الوصول والاستخدام بما يحقق طمأنينة المستفيدين على عقاراتهم واستقرار أملاكهم بلا نزاع، كل ذلك في إطار الوصول إلى الموثوقية التامة في الأملاك، إذ أنه بالإفصاح عن العقار إفصاحاً شاملاً يبين كل بيانات العقار بما يشمل عدد أدواره وعدد الشقق والغرف ومعلومات ملّاكه، بحيث أنه لا يمكن لأي شخص بأن يبيع عقاراً ما أو إجراء أي تصرف آخر يتطلب التثبت من ملكيته للعقار دون ثبوت هذه الملكية فعلاً ودون علم المشتري بكل ما يحتاج معرفته عن العقار بما يقيه من مخاطر المتلاعبين وذلك كله وفق أحكام نظام التسجيل العيني للعقار،ومن جانب آخر، فإن هذه البيئة التي خلقها نظام التسجيل العيني للعقار والتي تتميز بالشفافية والوضوح هي بيئة خصبة قادرة على جذب الاستثمار الأجنبي ، الأمر الذي يسهم في تعزيز وإثراء الاقتصاد الوطني ، وهو من جملة أهداف التسجيل العيني للعقارات، والذي بدوره يساعد بشكل كبير تحقيق رؤية سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. الإجراءات والجهات المختصة بالتسجيل العيني للعقار وقال المحامي، عمر بن سامي زاهد، بداية وعند النظر الى الجهات المختصة بالتسجيل العيني للعقار نجد أن المنظم قرر انشاء جهة مختصة بذلك بموجب قرار صادر من مجلس الوزراء ، وبالتالي فإن الدولة أولت اهتمام كبير بعملية التسجيل لما لها من تبعات وارتباطات بالعديد من الجهات ، وتم منح الجهة المختصة بالتسجيل صلاحيات للتنسيق مع وزارتي العدل والشؤون البلدية والقروية والإسكان في شأن الوثائق والسجلات والبيانات ذات الصلة ، وقد أُعطيت ذات الجهة صلاحية التنسيق مع الهيئة العامة للمساحة والمعلومات الجيومكانية، كما أن المنظم ذكر في المادة الثالثة من النظام أن للجهة المختصة إمكانية الاستعانة بالجهات الحكومية الأخرى أو الاسناد للجهات الخاصة لأداء ما تراه من اختصاصها، وبالتالي ووفقاً للتقنيات الحديثة والبيانات المحدثة بشكل دقيق ودوري للمصورات الجوية والتي تتم عبر بعض الجهات المتخصصة مما سينتج عنه تزويد السجل بمعلومات حديثة تضمن دقة المعلومات الضرورية للسجل كالاحداثيات للموقع الجغرافي والحدود والاطوال وغيرها مما سيساهم بشكل فعال في تحقيق الأهداف المنشودة من النظام، علاوةً على أنه للجهة المختصة القيام بالاعمال المساحية للعقار والتحقق من مطابقته السجل للواقع، وكل ذلك سيؤدي إلى تحقيق الإفصاح والشفافية اللازمة للأطراف ذات العلاقة خاصة مع التطورات التي تشهدها المملكة محلياً ودولياً على كافة الجوانب الاقتصادية ومنها السوق العقاري وبما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، كما أنه من أهم الإجراءات التي ستتاح للعموم بعد عملية التسجيل ستتمثل في تسهيل عملية نقل ملكية العقارات بالشراء والبيع وكذلك عمليات فرز الصكوك ودمجها ورهنها وتصحيح البيانات والمعلومات المتعلقة بها، وكل ذلك سيتم بطريقة الكترونية سهلة، تساعد في رفع جود حياة المواطن والمقيم في المملكة. التجارب الدولية في نظام التسجيل العقاري وبدوره أكد المستشار القانوني، أ. علي أبكر عبد الكريم، أن العديد من الدول حول العالم قامت بتطوير أنظمتها في التسجيل العقاري، وتمتلك كل دولة تقريباً نظاماً لتسجيل حقوق الأفراد على الممتلكات العقارية في سجل عام، وتختلف خصائص الأنظمة المستخدمة من دولة لأخرى تبعاً لاختلاف الظروف الاجتماعية والاقتصادية والإدارية لكل دولة. وتُصنف هذه الأنظمة عموماً في تجارب الدول الاخرى إلى فئتين رئيسيتين: نظام تسجيل صكوك الملكية ونظام تسجيل سند الملكية. وعلى الرغم من أن النظامين يختلفان اختلافاً كبيراً عن بعضهما البعض، فإن الاختلاف يكمن في طريقة حفظ السجلات والصلاحية القانونية لأي قيد فيها. ونستعرض هنا بعض التجارب الدولية بدء بتجربة أستراليا المتمثلة في نظام تورينز: وهو النظام الأقدم في العالم الحديث، حيث بدأ منذ أن تبناه السير روبرت ريتشارد تورينز في جنوبأستراليا عام 1858م. ويُطلق عليه هذا الاسم نسبةً إلى مخترعه، وتجربة سنغافورة: والتي تتمتع بنظام عقاري متقدم في تسجيل العقارات، حيث كانت سنغافورة من أوائل الدول التي استفادت من التكنولوجيا في تسجيل السجلات العقارية بشكل إلكتروني، مما سهل على المواطنين والمستثمرين الوصول إلى المعلومات العقارية بكل سهولة،وتجربة ألمانيا: لديها نظام عقاري منظم للسجلات العقارية، يتميز عن غيره بالدقة والشفافية المتناهية، وتجربة دولة الإمارات العربية المتحدة: والتي قامت بتطوير نظام عقاري متطور يضمن الشفافية والكفاءة في تسجيل العقارات، وهي من أوائل الدولة الخليجية التي استخدمت هذا النظام خاصة في إمارة دبي. وقال المستشار القانوني، نستنتج من التجارب الدولية في التسجيل العقاري أن تلك الدول حققت مكاسب وفوائد كبيرة من جراء تفعيل نظام التسجيل العقاري، حيث أن تلك الدول حققت نظام عقاري قوي ومتقدم وشفاف يعزز الثقة في سوق العقارات ويجذب الاستثمارات. وهو الامر الذي يقودنا للاستفادة من تجارب الآخرين في تطوير النظام العقاري السعودي وتحسين الخدمات العقارية للوصول إلى موثوقية عالية في السوق العقاري، وترسيخ الإثراء المعلوماتي والإحصائي من خلال سهولة الوصول للمعلومة العقارية. التسجيل العيني للعقار سيسهم في تنظيم وتوحيد بيانات السوق العقاري د. محمود مدني علي أبكر عبدالكريم عمر زاهد مازن السلمي محمد صائم الدهر