على ضفاف البحر الأحمر، وفي قلب محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية، وُلدت قصة جديدة للتمكين حملت ملامح غير مألوفة. لم تكن المبادرة مجرد إعلان عن وظائف جديدة، بل حدثا يفتح أفقا مختلفا للمرأة السعودية: تشكيل أول فريق حرس بحري نسائي في الشرق الأوسط. الفكرة انطلقت مع يوم المفتش البيئي العالمي أواخر يوليو، حين كشفت المحمية عن قوة بيئية تضم 246 حارسا، تشكّل النساء ما يقارب 34% منهم. وسط هذا العدد برز الفريق النسائي كعلامة فارقة، يتولّى دوريات بحرية تمتد على 170 كيلومترا من الساحل، ويشارك في مراقبة الحياة الفطرية وإنفاذ الأنظمة البيئية. خطوة لم تأتِ على سبيل الرمزية، بل نتاج إعداد مهني امتد عاما كاملا من التدريبات المكثفة: سباحة احترافية، دوريات ميدانية، وإجراءات إنقاذ وسلامة. الدفعة الأولى، المكوّنة من سبع رائدات، بدت وكأنها الشرارة الأولى لرحلة أطول. هؤلاء النسوة لا يقتصر دورهن على حماية الشواطئ، بل يسهمن في توثيق الشعاب المرجانية النادرة، ومتابعة الأبحاث البيئية، والمشاركة في برامج الاستعادة الطبيعية. إنها مهام تحمل بُعدا مزدوجا: حماية كنز طبيعي، وتثبيت حضور المرأة في مجال ظل لعقود حكرا على الرجال. هذه المبادرة إلى جانب كونها انعكاسا لالتزامات رؤية 2030 تجاه البيئة وتمكين المرأة، فأنها تروي قصة مختلفة عن معنى التغيير، إنها تجسيد لتمكين يُقاس بنتائج واقعية على الأرض، لا بشعارات تُرفع. خلف الزيّ الأزرق والخوذ الواقية، تقف نساء يُعدن رسم علاقتنا بالبحر، ويحوّلن كل دورية إلى رسالة واضحة تقول إن حماية البيئة مسؤولية مشتركة لا يختص بها جنس دون آخر.