يعتقد الغالبية أن النجاح مرهون بامتلاك ميزانيات ضخمة وأسماء لامعة إلا أن الواقع يؤكد أن العمل الفني والتكتيكي هو العنصر الحاسم حتى مع الإمكانيات المحدودة، دييغو سيميوني مع أتلتيكو مدريد مثال حي، فلم يكن الفريق يتمتع بإمكانات مالية أو أسماء كبيرة تضاهي منافسيه، لكنه استطاع من خلال تنظيم دفاعي محكم وعمل تكتيكي مذهل أن يقود الفريق لتحقيق البطولات المحلية والأوروبية، ويصبح أتلتيكو أحد أقوى فرق القارة. الأمر ذاته ينطبق على هانز فليك مع برشلونة وبنفس الأسماء تقريبًا التي كانت مع تشافي حيث إمكانياته ليست بأفضل حالاتها ويمر بمرحلة انتقالية وبلاعبين صغار ولكنه واهن على إمكانياتهم رغم قلة خبرتهم، واستطاع فليك إعادة الفريق عبر فلسفة فنية حديثة وتنظيم تكتيكي يركز على استغلال كل نقطة قوة في المجموعة ليقدم أداءً مقنعًا مع لاعبين شباب وإمكانيات محدودة ويكتسح كل بطولات إسبانيا. أما لويس إنريكي مع باريس سان جيرمان، فقد كان ضد فكرة الاعتماد على النجوم لتحقيق حلم دوري أبطال أوروبا، وهي الفكرة السائدة لدى بعض مسيري النادي، بل وشائعة في الفكر الكروي العربي حيث يظن أن النجوم وحدهم يصنعون الفارق، إنريكي أثبت أن النجاح لا يتحقق بتكديس الأسماء الكبيرة بل بخلق منظومة جماعية منسجمة، ولهذا استقطب لاعبين يتناسبون مع أفكاره التكتيكية ونجح في جعل باريس يكتسح الجميع بأداء جماعي قوي. وأيضًا في محيطنا الإقليمي استطاع نادي العين الإماراتي أن يحقق لقب دوري أبطال آسيا رغم إمكانياته المتواضعة مقارنة بكبار القارة، وخاصة الأندية السعودية، هذا الإنجاز يؤكد مرة أخرى أن العمل الفني الجماعي والتكتيك المدروس يمكن أن يصنع الفارق ويحقق البطولات. إذًا ليس بالضرورة أن تملك أفضل الأدوات أو أعلى الميزانيات حتى تصنع فريقًا قويًا فالعمل الفني الحقيقي يتمثل في استخراج أفضل ما لدى اللاعبين، وبناء منظومة جماعية تتكامل فيها الأدوار، والتكتيك الذكي يجعل من الفريق وحدة واحدة قادرة على مواجهة أي خصم، بغض النظر عن الفوارق الفردية، والمدرب القائد الملهم يزرع في اللاعبين الثقة والقدرة على العطاء، ويعزز من روح المجموعة. والتجارب السابقة للمدربين تؤكد أن النجاح يعتمد على قدرة المدرب في استخلاص أفضل ما لدى اللاعبين وصياغة منظومة جماعية متكاملة وفق رؤية واضحة، فكرة القدم لعبة أفكار وعمل جماعي قبل أن تكون لعبة أموال ونجوم، والمدرب القادر على بناء فريق متماسك ومنظم هو من يصنع الإنجازات، مهما كانت الظروف أو الأسماء المتاحة!. إنريكي