أكد مستشار الاتصال الإستراتيجي والتسويقي الدكتور خالد الحربي أن تسويق المحتوى الثقافي لا يبدأ بالنشر، بل بفهم الجمهور، مشيرًا إلى أن الرسائل المعرفية التي لا تُترجم إلى تأثير في الوعي والسلوك تبقى في دائرة الاستهلاك السطحي. جاء ذلك خلال ورشة بعنوان "ما بين القارئ والرسالة.. كيف تسوّق محتواك الثقافي من خلال فهم جمهورك"، أُقيمت ضمن فعاليات معرض المدينةالمنورة للكتاب 2025، الذي تنظمه هيئة الأدب والنشر والترجمة. وأوضح الحربي أن المحتوى القوي قد يفشل، وكذلك المحتوى الضعيف قد ينتشر، إن لم يُصغَ بما يلائم نمط المتلقي وسلوك الجمهور، داعيًا إلى إعادة تعريف العلاقة بين النشر والمتلقي، بحيث لا تكتفي الرسائل الثقافية بأن تُقرأ، بل تتجاوز ذلك إلى التأثير في الذائقة والهوية. وأفاد أن النشر التقليدي، الذي يُنتج كتابًا ثم ينتظر قراءه، لم يعد كافيًا في ظل التحولات السريعة في سلوك المتلقين، ما لم يتحول إلى تجربة تفاعلية تبدأ من فهم احتياجات الفئات المستهدفة، وتقديم محتوى قادر على استيعاب هذا التنوع. وأشار إلى أهمية تحليل سلوك الجمهور، سواء في تفضيله للمحتوى الورقي أو الرقمي، أو في حضوره المباشر للفعاليات الثقافية مقابل متابعتها عن بُعد، موضحًا أن هذه المؤشرات تساعد صنّاع المحتوى ودور النشر على اختيار المنصات والقنوات الأنسب، وتطوير أدوات تسويق أكثر فاعلية. وقدّم الحربي خلال الورشة أمثلة تطبيقية على إستراتيجيات تسويقية واتصالية ناجحة استخدمتها مبادرات معرفية لبناء قاعدة جماهيرية راسخة، من خلال الجمع بين العمق الثقافي والمخاطبة الذكية للفئات المستهدفة. وتطرق إلى أبرز التحديات التي تواجه صنّاع المحتوى، وعلى رأسها التوفيق بين الأمانة المعرفية ومتطلبات السوق، وبين العمق والانتشار، مؤكدًا أن من ينجح في هذه الموازنة يصنع مشروعًا ثقافيًا حقيقيًا، لا مجرد "منشور عابر".