صدر حديثًا عن دار "إرفاء" للنشر والتوزيع كتابٌ جديد للكاتب تركي المالكي، حمل عنوانًا لافتًا: "عندما تفقد المصابيح: استغاثة في البُعد الخامس"، جاء في 277 صفحة من القطع المتوسط، محلقًا في فضاءات الأدب النفسي والرؤية الوجودية، بلغة عميقة وسلسة، أقرب إلى المناجاة الذاتية. الكتاب -كما يقدمه المؤلف في مقدمته- لا يُكتب ليُقرأ فحسب، بل ليتلامس مع لحظات هشاشة يمر بها الإنسان، حيث لا تُجدي العبارات الجاهزة، ولا تُشفي النصوص الوعظية، بل تنفتح الكلمة على القارئ كرفيق وجودي، يسير معه لا قبله ولا خلفه، في رحلة وعي تبدأ حين تنطفئ المصابيح الخارجية، وتُضطر الذات أن تولِّد ضوءها الخاص. يقع الكتاب في خمسة أقسام، تعكس تشريحًا إنسانيًا دقيقًا لحالات الألم والمعاناة والتشتت، ثم الوعي والانعتاق، فالمصالحة مع الذات، وصولًا إلى "البُعد الخامس" الذي يقترحه المؤلف بوصفه تجاوزًا للثنائية النفسية التقليدية، باتجاه معنى أعمق للوجود. جاءت عناوين الفصول معبّرة عن محتوى داخلي مُمَسرح بلغة وجدانية: من "المعاناة"، و"الشعور بالذنب"، و"الألم النفسي"، و"إدراك الوجود"، إلى "اللّا معنى"، و"أنا حين أنكِرني"، و"حين أعيش في عيون غيري"، و"رسائل لن تُرسل يومًا". في ظهر الغلاف، يصف المالكي كتابه بأنه ينتمي إلى الأدب النفسي، ويمزج بين التحليل النفسي والنظرة الوجودية، عارضًا لتجارب إنسانية عميقة تتشكّل عند مواجهة ظروف الحياة القاسية، واصفًا النص بأنه يأخذ القارئ نحو عمق التساؤلات الوجودية دون خارطة... ولا ضوء.. لكنه يخلق بُعدًا جديدًا. "عندما تفقد المصابيح" ليس كتابًا تقنيًا في العلاج النفسي، ولا أطروحة أكاديمية، بل أقرب إلى مرآة صادقة تُتيح للذات أن تتأمل نفسها، وتُصغي لصوتها الداخلي دون أحكام. إنه عملٌ صادق، كُتب بلغة من الداخل، يهمس للقارئ: "أنت لستَ وحدك".