أعلن مصدر دبلوماسي سوري السبت أن اللقاء الذي جمع في باريس وفدين سورياً وإسرائيلياً بوساطة أميركية تطرّق إلى إمكانية تفعيل اتفاقية فضّ الاشتباك و"احتواء التصعيد"، بدون أن يسفر عن "اتفاقات نهائية"، مشيراً إلى لقاءات أخرى ستعقد مستقبلاً، وفق ما نقل التلفزيون السوري الرسمي. وكان مصدر دبلوماسي في دمشق أفاد وكالة فرنس برس الخميس بأن اجتماعاً غير مسبوق جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، بينما أعلن المبعوث الأميركي إلى سورية توم باراك في منشور على (إكس) أنه التقى بالسوريين والإسرائيليين في باريس. ونقلت القناة السورية الرسمية عن المصدر الدبلوماسي قوله إن "الحوار الذي جمع وفداً من وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات العامة مع الجانب الإسرائيلي جرى بوساطة أميركية وتمحور حول التطورات الأمنية الأخيرة ومحاولات احتواء التصعيد في الجنوب السوري". وتابع أن "اللقاء لم يسفر عن أي اتفاقات نهائية، بل كان عبارة عن مشاورات أولية تهدف إلى خفض التوتر وإعادة فتح قنوات التواصل في ظل التصعيد المستمر منذ أوائل ديسمبر". وقال إن الحوار تطرق إلى إمكانية إعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك" لعام 1974، "بضمانات دولية، مع المطالبة بانسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من النقاط التي تقدمت إليها مؤخرا". عُقد اللقاء في أعقاب أعمال عنف في محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية اندلعت في 13 يوليو وأسفرت عن أكثر من 1400 قتيل الجزء الأكبر منهم من الدروز، وفق آخر حصيلة نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأحصى المرصد في عداد قتلى أعمال العنف في السويداء 533 مقاتلا و395 مدنيا من الدروز، بينهم 250 "أُعدموا ميدانيا برصاص عناصر من وزارتي الدفاع والداخلية". في المقابل، قُتل 428 من عناصر وزارة الدفاع وجهاز الأمن العام، إضافة إلى 43 من أبناء العشائر، ثلاثة منهم مدنيون "أعدموا ميدانيا على يد المسلّحين الدروز"، بينما أسفرت غارات شنتها إسرائيل خلال التصعيد عن مقتل 15 عنصرا من القوات الحكومية، وفق المصدر نفسه. وبدأت باشتباكات بين مسلحين محليين وآخرين من البدو وتطورت إلى مواجهات دامية تدخلت فيها القوات الحكومية ثم إسرائيل التي شنّت ضربات على مقار رسمية في دمشق. والأحد الماضي، دخل اتفاق لوقف إطلاق النار حيّز التنفيذ. وبحسب المصدر الدبلوماسي الذي نقلت عنه القناة الرسمية السورية، فقد شدّد الوفد السوري خلال اللقاء في باريس على أن "وحدة وسلامة وسيادة الأراضي السورية مبدأ غير قابل للتفاوض، وأن السويداء وأهلها جزء أصيل من الدولة السورية، لا يمكن المساس بمكانتهم أو عزلهم تحت أي ذريعة".وتمّ الاتفاق في ختام اللقاء على "عقد لقاءات جديدة خلال الفترة المقبلة، بهدف مواصلة النقاشات وتقييم الخطوات التي من شأنها تثبيت الاستقرار واحتواء التوتر في الجنوب"، وفقا للمصدر نفسه.والسبت، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منشور على منصة (إكس)، أنّه أجرى اتصالا بالرئيس السوري أحمد الشرع، أشار خلاله إلى أنّ وقف إطلاق النار في جنوب سورية يشكّل "مؤشرا إيجابيا". وشدد على أنّ "أعمال العنف الأخيرة في سورية تعكس الهشاشة الشديدة التي تعانيها العملية الانتقالية"، مؤكدا أنّه "يجب حماية المدنيين". ودعا إلى "حوار هادئ" محليا من أجل "إتاحة تحقيق هدف توحيد سورية في كنف احترام حقوق جميع مواطنيها". محاسبة مرتكبي الجرائم في سياق متصل، اعتبر الشرع في بيان للرئاسة السورية أن الأحداث الأخيرة في السويداء "نتيجة مباشرة لفوضى أمنية تقودها مجموعات مسلحة خارجة عن القانون تتمرد على الدولة وتتنافس على النفوذ بقوة السلاح". أضاف أن الدولة السورية "ستتحمل مسؤولياتها الكاملة في فرض الأمن، ومحاسبة مرتكبي الجرائم"، رافضا "أي محاولات خارجية وخاصة من قبل إسرائيل لاستغلال هذه الأوضاع". وأكد الشرع أن "السويداء جزء لا يتجزأ من الدولة السورية وأهلها شركاء في بناء الوطن". وكان مصدر دبلوماسي في دمشق أفاد فرانس برس بأن لقاء مباشرا عقد في 12 يوليو بين مسؤول سوري وآخر اسرائيلي على هامش زيارة أجراها الرئيس أحمد الشرع إلى أذربيجان. منذ وصولها إلى السلطة في ديسمبر، أقرت السلطات الجديدة بحصول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، تقول إن هدفها احتواء التصعيد، بعدما شنّت الدولة العبرية مئات الغارات على الترسانة العسكرية السورية وتوغلت قواتها في جنوب البلاد عقب إطاحة الأسد من الرئاسة.