أمير القصيم يرأس اجتماعًا مع وزير الاستثمار لبحث الفرص الاستثمارية    عبدالعزيز بن سعود يلتقي متقاعدي إمارة منطقة الجوف وقطاعات وزارة الداخلية بالمنطقة    إطلاق تطبيق المطوف الرقمي في الحرم    تطبيق علاج وقائي للحد من تطور السكري    ارتفاع النفط والذهب    51 اتفاقية لتنمية ريادة الأعمال    15 % نمواً في الربع الثالث.. 88.3 مليار ريال مبيعات إلكترونية    الشيباني: العلاقات مع روسيا تدخل مرحلة إستراتيجية جديدة.. الداخلية السورية تتهم «قسد» بالتجنيد الإجباري في حلب    صندوق الطائرة الأسود قرب أنقرة.. تركيا تعلن العثور على جثة رئيس الأركان الليبي    نقاشات أمنية وسياسية تسبق لقاء نتنياهو وترامب.. حدود جديدة لإسرائيل مع غزة    المملكة في صدارة الدول بالترفيه الرقمي ب34 مليون مستخدم    إثارة دوري روشن تعود بانطلاق الجولة ال 11.. النصر والهلال يواجهان الأخدود والخليج    في دوري أبطال آسيا 2.. النصر يدك شباك الزوراء العراقي بخماسية    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. تقليد نهيان بن سيف وشاح الملك عبدالعزيز    سلطان عمان يمنح قائد الجوية السعودية «الوسام العسكري»    هندية تصلح عطلاً برمجياً في حفل زفافها    «الجوازات» تصدر 17.767 قراراً إدارياً بحق مخالفين    استدعاء 40 شخصاً نشروا «محتوى يثير التأجيج»    موسم جازان هوية ثقافية ومنافسة شبابية    لوحات مجدي حمزة.. تجارب من واقع الحياة    درة تعود للدراما ب«علي كلاي»    40 ألف متدرب مخرجات الأكاديمية الصحية    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل سفير المملكة بنيبال    تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين وولي العهد.. وزير الداخلية يطلع على مبادرات الجوف التنموية    الإطاحة بطبيبة المشاهير المزيفة    غالتييه: أحترم النجمة.. وهدفنا الفوز    الفتح يكثف تحضيراته للأهلي    "خيسوس": قدمنا أداءً مميزاً رغم التوقف الطويل    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أهالي منطقة الجوف    السعودية تشكل المشهد التقني    أوروبا تندد بحظر أميركا منح تأشيرات لشخصيات من القارة    14 دولة تدعو إسرائيل إلى وقف التمدد الاستيطاني    الشتاء والمطر    المعركة الحقيقية    الرئيس الفلسطيني يعلن برنامج إصلاح وطني شامل    11 شكوى يوميا بهيئة السوق المالية    الصالحاني يضع أسس البداية عبر «موهبتك لا تكفي»    معرض «وِرث» ينطلق في جاكس    «النسر والعقاب» في ترجمة عربية حديثة    السعودية تتصدر سوق القهوة ب 5100 علامة تجارية    نائب أمير تبوك يواسي أسرة الخريصي في وفاة الشيخ أحمد الخريصي    مرحوم لا محروم    الشباب يعلن غياب مهاجمه عبدالرزاق حمد الله لقرابة شهرين    نيفيز يُشعل الصحف الأوروبية.. انتقال محتمل يربك حسابات الهلال    النيكوتين باوتشز    القبض على (3) باكستانيين في جدة لترويجهم (3) كجم "حشيش"    أمير الشرقية: تلمس الخدمات من أولويات القيادة    هياط المناسبات الاجتماعية    مساعدات إنسانيّة سعودية جديدة تعبر منفذ رفح متجهة إلى غزة    أمانة القصيم تصادر 373 كيلو من المواد الغذائية الفاسدة خلال الربع الأخير للعام 2025م بمحافظة الرس    سفير المملكة في جيبوتي يسلّم درع سمو الوزير للتميّز للقحطاني    فيصل بن بندر يستقبل رئيس وأعضاء مجلس إدارة جمعية "مكنون" لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض    كلية الطب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل تحتفي ب50 عامًا من العطاء في يوبيلها الذهبي    الجوازات تصدر 17.767 قرارا إداريا بحق مخالفين لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    10.5 مليون ريال إيرادات السينما السعودية في أسبوع    القيسي يناقش التراث الشفهي بثلوثية الحميد    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    المشروبات الساخنة خطر صامت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصممات مواقع التواصل.. منصة للموهبة أم ريادة مغشوشة؟
نشر في الرياض يوم 24 - 07 - 2025

المستهلكة اليوم واعية وتستحق خدمة تليق بثقتها ومالها
مختصة تحذر: الدفع عند الاستلام لا يكفي ونحتاج منصة رسمية للمصممات
في فضاء رقمي مفتوح، باتت فيه الصورة تحكم والانطباع السريع يصنع الرأي، وجدت كثير من الفتيات السعوديات في منصات التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لتقديم أنفسهن كمصممات أزياء مستقلات. ومع تنامي ثقافة التسوق الإلكتروني وانتشار تطبيقات مثل إنستغرام وتيك توك وسنابشات، ظهرت موجة جديدة من المشاريع الصغيرة يقودها طموح فردي، مستفيدة من أدوات مجانية، وتفاعل جماهيري واسع، وسوق لا يعترف بالوسائط التقليدية. هذه الظاهرة التي تسارعت وتيرتها بشكل ملحوظ عقب جائحة كورونا، أتاحت لكثير من الشابات إطلاق مشروعات تصميم وخياطة من منازلهن، دون الحاجة لرأس مال كبير أو متجر فعلي. وبفضل المتابعة، والدعاية الذاتية، وإتقان العرض البصري، حوّلت بعضهن حسابات بسيطة إلى مصدر دخل دائم وأسماء يتردد صداها في عالم الأزياء الرقمي.
لكن هذا المشهد الذي يبدو في ظاهره مبهرا ومليئا بالفرص، يخفي في طيّاته جوانب أكثر تعقيدا. فليس كل من فتحت حسابا وشاركت صورا لموديلات منسقة تُعد مصممة أزياء بحق. ومع غياب المعايير المهنية، وندرة الرقابة، أصبحت المنصات الرقمية سوقا مفتوحة لكل من تملك كاميرا وذوقا بصريا ولو أوليا، دون شرط للخبرة أو الالتزام بالجودة. والنتيجة؟ مئات الشكاوى من مستهلكات وقعن ضحايا «الغش البصري»، حيث لا يشبه المنتج ما تم عرضه، والخامات لا تطابق ما وُصف، والتفاصيل التي أغرت الزبونة تختفي عند الاستلام، لتجد نفسها أمام قطعة لا تبرر ثمنها ولا تليق بذوقها.
ورغم هذه الإشكالات، تبقى المعضلة الكبرى في أن هذه الفوضى أضرت بالمصممات الحقيقيات، أولئك اللاتي يمتلكن الموهبة، والشغف، والالتزام بتقديم منتج يستحق الثقة. فالسوق اليوم لا يفرّق بسهولة بين الجادة والمقلدة، وبين المبدعة والمُنتحِلة. وبينما ترتفع أصوات المستهلكات مطالبات بالإنصاف والشفافية، تظهر الحاجة لتنظيم هذا القطاع الرقمي المتنامي، ووضع أطر تحمي حقوق المشتريات وتكرّم جهود المحترفات.
فهل ما نشهده هو تمكين رقمي حقيقي أم مجرد ريادة مغشوشة تفتقر للأساس؟ وهل يمكن الاعتماد على «ثقافة السوق "وحدها لضبط الجودة والمصداقية؟ في هذا التحقيق، نحاول الاقتراب أكثر من هذا الواقع المتشابك، نستعرض شهادات وتجارب، ونسلط الضوء على سوق مصممات السوشل ميديا... حيث يلتقي الإبداع مع التزييف، وتُختبر ثقة المستهلكة بين وعد الصورة وواقع المنتج.
اشترينا الوهم والخيبة
بين الحلم بقطعة أنيقة والواقع الذي يصل عبر شركات التوصيل، تتكشف قصص لفتيات دخلن سوق "مصممات السوشل ميديا" بثقة وانتهين بندم، خاضعات لتجارب مزجت بين الخداع البصري واللامبالاة التجارية. لم تكن سارة الرميح (29 عاما) تتخيل أن فستان خطوبتها سيكون بداية خيبة، لا ذكرى سعيدة. تقول بصوت يختلط فيه الغضب بالخذلان: "اخترت مصممة مشهورة على إنستغرام، يتابعها الآلاف، حسابها مليء بالتصاميم الفاخرة والتفاصيل الدقيقة. أعجبني فستان وردي من قماش لامع، بدا مثاليا. تواصلت معها، أرسلت القياسات، دفعت كامل المبلغ، وانتظرت أسبوعين. وصل الفستان في طرد أنيق من الخارج، لكن الداخل كان صادما: "القماش رخيص وخفيف جدا، الخياطة غير متقنة، الذيل غير متساوٍ، واللون أقرب للبرتقالي من الوردي. لم أصدق أن هذا ما طلبته. عندما حاولت التواصل مع المصممة، تفاجأت بسلوك غريب: "في البداية تهرّبت، ثم اختفت تماما، وأخيرا حظرتني. لم أجد وسيلة أستعيد بها حقي، فكل شيء تم عبر الإنستغرام.
التعامل أسوأ من المنتج
أما ريم الهذلي (35 عاما)، فتروي قصتها من زاوية مختلفة، حيث كان التعامل الإنساني أسوأ من المنتج ذاته. تقول: "كنت أبحث عن فستان بسيط لحفل استقبال صغير في المنزل، واخترت تصميما كلاسيكيا مع تطريز ناعم. المصممة كانت لبقة في البداية، وأعطتني انطباعا بالاحتراف. لكن حين استلمت الفستان، شعرت وكأن أحدهم مزّق فكرتي عن الذوق. المقاس كان خاطئا تماما رغم إرسالها التفاصيل الدقيقة. تقول ريم: "عندما أرسلت لها الصور وسألت عن السبب، قالت لي بالحرف: (أجسامكم تختلف، يمكن مشكلتك في الجسم). شعرت بالإهانة. لم يكن هناك أي مسؤولية أو حتى نية للتفاهم. تركت ريم تعليقا غاضبا على أحد منشورات المصممة، لكنها فوجئت بتعليقات أخرى مشابهة من متابِعات واجهن المصير نفسه. تقول ريم في النهاية : "نحن نحب دعم الشابات الطموحات، لكن ليس على حساب الذوق والاحترام. بعضهن يحترفن التجميل الرقمي فقط، أما المنتج الحقيقي فليس له أي علاقة بما نراه.
ثمن الصورة البراقة
نورة الهداب (26 عاما) لم تحصل على فرصة لتُصاب بخيبة من المنتج، لأنها ببساطة لم تستلمه. تقول: "أردت أن أجرب مصممة جديدة كانت تعرض تصاميمها ك(بريميوم)، بأسعار مرتفعة نسبيا لكنها مغرية بصورها. طلبت منها فستانين، حولت لها العربون، ثم اختفت تمامًا بعد أيام قليلة. حاولت نورة التواصل معها مرارا، دون جدوى: "لا رد على الرسائل، لا تحديث للطلب، لا رقم هاتف، فقط صمت. وبعد أسبوع، اختفى الحساب من إنستغرام. شعرت كأنني تعرضت لسرقة رقمية. نورة تقول إنها لم تكن الوحيدة، فقد اكتشفت لاحقا أن المصممة غيّرت اسم حسابها وبدأت من جديد، مما دفعها للإبلاغ عنها عبر المنصة، دون أي نتيجة تُذكر.
تشترك القصص السابقة في خيط رفيع: وعود لامعة، واقع باهت، وغياب كامل للمساءلة. حسابات تقدم نفسها كمشاريع نسائية واعدة، بينما تمارس البيع بطرق عشوائية، بعيدة عن المعايير والمهنية. ومرتبطة دائمًا بسؤال: هل الصورة حقيقية؟ أم مجرد وهم بصري جميل؟
نُحاسب على أخطاء غيرنا
في الوقت الذي باتت فيه منصات التواصل الاجتماعي موطئ قدم لكل من تملك هاتفا وذوقا بصريا، تقف في الجانب الآخر مصممات سعوديات محترفات، بنين مسيرتهن بخيوط الصبر والتعلّم والكدّ، وأوصلن أعمالهن إلى مستويات راقية، محليا وخليجيا وعالميا. سنوات من التأسيس، الدورات المهنية، والالتزام بجودة الخياطة والتعامل، لم تمنعهن من دفع ثمن الصورة النمطية التي رسّختها بعض الحسابات الوهمية أو غير المهنية، والتي شوّهت سمعة السوق وأضرت بثقة الزبونات.
أميرة الحسن، مصممة أزياء سعودية بدأت مشوارها قبل 12 عامًا، تتحدث بهدوء المحترفة، لكنها لا تخفي استياءها من الواقع: "في كل مرة أستقبل فيها زبونة جديدة، أشعر أنها تدخل بعين الشك، تسألني: (هل فعلا الخامة مثل الصورة؟ هل أنتِ من ينفّذ؟)، لأنهن مررن بتجارب سابقة سيئة. هذا مؤلم. نحن لا نبيع وهمًا، بل منتج نضع عليه اسمنا وسمعتنا. أميرة، التي تملك ورشة متكاملة تضم فريقا من الخياطات والمساعدات، تؤكد أنها حصلت على ترخيص تجاري منذ سنوات، وتسعى لتوسيع مشروعها ليشمل متجرا فعليا في أحد مجمعات الرياض. وتقول: " أعمل ضمن فريق، هناك متابعة يومية لكل طلب، كل قطعة تُراجع مرتين على الأقل قبل التسليم. نحن نعرف أن الزبونة السعودية أصبحت واعية وتستحق خدمة مهنية تليق بها، لكننا نصطدم أحيانا بجدار عدم الثقة الناتج عن تشويه السوق."
وتضيف: "المؤلم أن من يخلّ بالمعايير لا يُحاسب، بينما نحن، المحترفات، نقضي وقتا أطول في إقناع الزبونة أن ما نقدمه مختلف، وأننا نعمل وفق أخلاقيات مهنة، لا مجرد ( بزنس سريع ) .
السوق بحاجة إلى تصنيف
أما نجلاء العبدالمحسن، فهي مصممة تمتد خبرتها إلى أكثر من 15 عاما، تدير مرسما متخصصا في الأزياء التراثية والحديثة، وتملك علامة تجارية مسجلة. نجلاء ترى أن السوق اليوم بحاجة إلى وقفة جادة.
الحسابات التي تروّج لتصاميم وهمية، ثم تختفي بعد الاستلام أو تتهرّب من المسؤولية، هي كارثة حقيقية. نحن من ندفع الثمن، ويُنظر إلينا جميعا بنفس النظرة. الصورة النمطية أصبحت تسبقنا دائمًا تعمل نجلاء ضمن فريق صغير، وتقول إن أدقّ التحديات هو التعامل مع توقعات الزبونات المتأثرة بالصور المعدّلة على مواقع التواصل الاجتماعي. وتضيف: "نحن نُصوّر المنتج كما هو، بدون تعديل مفرط، ونحرص على أن ترى العميلة الحقيقة. لكن للأسف، الزبونة التي تعودت على الصور المفلترة تصاب بالخيبة أحيانا، حتى لو كانت القطعة ممتازة. نحن نُنافس وهما بصريا، لا مصممات فقط. وعن التنظيم، ترى نجلاء أن السوق بحاجة إلى تصنيف واضح يفرق بين المصممات المحترفات والمستجدات، على غرار ما يحصل في بعض الدول: وتبين: "نريد تصنيفا مهنيا، أو هيئة تراقب هذا المجال، تحمي الزبونة وتحفظ اسم المصممة التي التزمت ودرّبت نفسها، واستثمرت وقتها ومالها.
السوق لا يرحم
أما رنا التويجري، وهي مصممة شابة صاعدة، فقد بدأت عملها من المنزل منذ خمس سنوات، وحصلت مؤخرًا على ترخيص تجاري. رغم أنها ما زالت في بداياتها، إلا أنها تقول إن السوق لا يرحم، خصوصا من ترغب في التميز والصدق. وتقول: "كثير من الزبونات يقلن لي (أنتِ مختلفة)، فقط لأني أشرح لهن كل شيء، من الخامة وحتى وقت التسليم. للأسف، أصبح الصدق هو الاستثناء، والمجال ملوث بحسابات لا تملك أي التزام. رنا تؤمن بأن الحل ليس فقط في الوعي الاستهلاكي، بل في تنظيم شامل يشمل تراخيص، ضوابط للنشر، وربما حتى تقييمات رسمية. وتوضح: "نحن لا نطلب شيئا سوى أن تكون هناك عدالة. أن تُعطى المحترفة مساحة لتُظهر عملها، وأن يُحاسب من يستخف بثقة الزبونات.
سوق بلا مرجعية
تحت ضوء الشهرة الرقمية، وخلف صور مصممة بعناية على مواقع التواصل الاجتماعي، تنشط تجارة رقمية غير خاضعة لأي إشراف نظامي، تبيع وتصمم وتربح دون ترخيص، ولا تقدّم أي ضمان حقيقي للمستهلك. هذا ما تؤكده المستشارة منيرة الزايد، المتخصصة في التسويق الالكتروني، والتي تقول إن الفوضى الحاصلة في سوق المصممات على مواقع التواصل باتت تهدد ثقة المستهلك، وتظلم المصممات المحترفات. وتبين: "نحن نتعامل مع سوق بلا تراخيص ولا تصنيف ولا ضوابط واضحة. أي حساب يمكنه أن يقدم نفسه كمصممة، ويبدأ البيع فورا، دون رقابة على جودة المنتج أو طريقة التعامل. وعندما تحدث مشكلة، تكون المستهلكة وحدها في المواجهة، بلا حماية قانونية أو مرجعية نظامية".
وتضيف الزايد أن حتى الخيارات التي يُعتقد أنها أكثر أمانا، مثل الدفع عند الاستلام، لم تعد كافية لحماية المستهلك، مشيرة إلى حادثة وثّقتها إحدى السيدات مؤخرا في فيديو على تيك توك وتقول: " إحدى الزبونات، وتُدعى دلال، طلبت فستانا من حساب شهير، وكانت حذرة جدا، فاختارت الدفع عند الاستلام. وبالفعل، وصل الطرد عن طريق شركة شحن مرخصة، لكنها ما إن فتحته حتى وجدت أن القطعة لا علاقة لها بالفستان، بل كانت قميصا منزليا بسيطا لا يتجاوز قيمته عشرات الريالات. وتتابع: "دلال دفعت المبلغ وهي تظن أن الاستلام الفعلي يضمن لها الأمان، لكنها اكتشفت أن شركات الشحن لا تتحمل مسؤولية المحتوى، وأن البائع كان قد اختفى بعد الحظر مباشرة. المفزع أن دلال، عندما نشرت تجربتها، فوجئت بعشرات التعليقات من فتيات وقعن في نفس الفخ ومن نفس الحساب. نفس الصور، نفس الطريقة، ونفس الاختفاء. الزايد ترى أن هذه الممارسات تفرض واقعا خطيرا يستدعي تحركا تشريعيا وتنظيميا. وتطالب بإنشاء منصة وطنية رسمية لمصممات الأزياء، شبيهة بمنصات توصيل الطعام المعروفة، تجمع المصممات المرخصات فقط، وتربط بين الطلب، والدفع، والتقييم، وتتيح آليات موثقة للشكوى واسترجاع الحقوق. وتوضح: "من غير المقبول أن يكون هذا السوق الذي يدرّ ملايين الريالات سنويا يعمل خارج إطار الرقابة، ويدار بمنطق الثقة الشخصية. نحتاج أداة تجمع بين حماية المستهلك وتمكين المصممة المحترفة، وتنهي فوضى الحسابات المتنكرة.
كما دعت المنصات الرقمية العالمية إلى تحمل جزء من المسؤولية، وتفعيل تصنيف للحسابات التجارية، ووضع آلية تحقق واضحة للأنشطة الربحية. وتبين: "المنصة ليست مجرد ناقل. هي جزء من تجربة البيع والشراء، وإذا استمر هذا التجاهل، فإن الخسائر ستشمل الجميع: الزبونة، المصممة الجادة، وحتى سمعة السوق الرقمي في المملكة.
لا تنخدعن بالواجهة
في عصر تسوّق الصورة، حيث يسبق الانطباع الرقمي كل شيء، تواجه المستهلكات تحديًا متزايدًا في التمييز بين الحسابات المهنية الموثوقة، وتلك التي تمارس التسويق الاحتيالي باحتراف. المهندس عبدالرحمن الفوزان، وهو خبير معتمد في تطوير الأعمال الإلكترونية والاستشارات الرقمية، يرى أن "الشراء من منصات التواصل" أصبح سلاحا ذا حدّين، لا سيما في قطاع التصميم والموضة، حيث تتداخل الموهبة الحقيقية مع التسويق الخادع. يقول الفوزان في حديثه :" ما يحدث في سوق المصممات على إنستغرام وتيك توك وانستغرام لم يعد مجرد مشاريع منزلية عفوية، بل تحوّل إلى تجارة رقمية ضخمة، لكنها – للأسف – غير منظمة، وتغيب عنها الرقابة، مما فتح الباب أمام موجة من الحسابات التي تُمارس البيع بطرق مضللة، تفتقر للشفافية والمهنية، وتُعرض الزبونات لخطر الغش والاحتيال. ويُفصّل الفوزان أبرز الإشارات التحذيرية التي يجب أن تنتبه لها المستهلكات قبل الإقدام على أي عملية شراء:
الصور المثالية أكثر من اللازم
الحسابات التي تعتمد على صور مصقولة جدا، مأخوذة من استوديوهات أو مواقع أجنبية دون توضيح مصدر العمل، غالبا لا تُمثل المنتج الحقيقي. على العكس، المصممات الحقيقيات يعرضن صورا واقعية، أحيانا بتصوير بسيط، لكنه يعكس القطعة من زوايا مختلفة ويُظهر التفاصيل كما هي، وأحيانا التصوير يكون خلال تنفيذ القطع او داخل ورشة الخياطة مما يعطي مصداقية.
غياب الهوية أو الترخيص
اسألي نفسك: هل يظهر في الحساب اسم تجاري موثق؟ هل هناك سجل تجاري، رقم تواصل مهني، أو عنوان واضح؟ من تبيع منتجا بمئات الريالات دون أي وسيلة توثيق، لا تضعين ثقتك فيها، حتى لو كانت التصاميم مغرية.
الدفع يكشف النوايا
الحسابات المحترفة تتيح لكِ خيارات دفع متعددة، عبر بوابات آمنة، أو على الأقل تصدر فاتورة بعد التحويل. أما من تطلب تحويلا سريعا على رقم شخصي أو محفظة إلكترونية، دون فاتورة، ودون أي اتفاق مكتوب، فهي غالبا لا تنوي الوفاء بالتزاماتها.
مراجعات مزيفة أو تعليقات مغلقة
انظري إلى تفاعل الزبونات، هل الحساب يسمح بالتعليقات المفتوحة؟ هل المراجعات حقيقية ومتنوعة، أم كلها مشبوهة بتعليقات قصيرة ومكررة من حسابات مجهولة؟ الحسابات الوهمية غالبا تحجب التفاعل، وتتحكم في صورتها الرقمية بشكل مريب.
تجربة الآخرين مفتاح النجاة
البحث باسم الحساب في منصة رقمية يكشف لكِ ما لا يقال في منصة أخرى. كثير من الحسابات تم الإبلاغ عنها مرارا بسبب غش متكرر، ومع ذلك تعود بأسماء جديدة وصور قديمة. هذا البحث البسيط قد يوفر عليكِ الكثير.
ويؤكد الفوزان أن كثيرا من الشكاوى التي تُرفع إلى الجهات الرقابية تنتهي دون نتيجة، بسبب غياب الإثباتات النظامية من الطرف المتضرر. ويوضح: "عندما تتعامل الزبونة مع حساب غير مرخص، ولا تملك فاتورة أو عقدا أو حتى إثبات رسمي موثق، فإن قدرتها على استرداد حقها قانونيا ضعيفة. وهذا ما يجب أن تدركه كل مستهلكة: احمي نفسك بالتوثيق أولا، ولا تشتري بالثقة وحدها.
منصة رسمية ووعي مشترك
ويقترح الفوزان تطوير منصة وطنية رسمية لمصممات الأزياء، تُشرف عليها جهة تنظيمية، وتربط المستهلكة بمصممة مرخصة، مع توثيق جميع مراحل الطلب والتسليم والدفع والتقييم، شبيهة بمنصات توصيل الطعام. ويبين: "مثلما وثّقنا تجربة شراء الأكل والركوب والتوصيل، حان الوقت أن نُقنن تجربة شراء السلع عبر الإنترنت. هذه ليست كماليات، بل سوق حيوي، يمس آلاف المستهلكات، ويجب أن يخضع للضوابط. وفي ختام حديثه، يؤكد أن "ثقة المستهلك" هي ركيزة نجاح أي مشروع إلكتروني، وإذا استمر العبث بها، فلن ينجو حتى أصحاب المهنة الحقيقيين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.