في عالمٍ تتبدّل فيه الأسماء، وتتقلب فيه الانتصارات، يبقى الهلال هو المعنى الذي لا يُترجم.. الكيان الذي لا يُقصى، والمجد الذي لا يُورَّث.. إن تأخر، ترقّب، وإن حضر، أبهر.. وإن غضب، انتصر! اعتذر الهلال عن السوبر، فخرجت الأصوات المعتادة، تُشكّك، وتتهكم، وتفرح بغيابه وكأنهم انتصروا عليه، لا لأنهم أقوياء، بل لأن الهلال كان الغائب. وتناسوا أن الهلال لا يُقاس بالحضور فقط، بل بالأثر..! بدونه لا شيء يكتمل، ولا بطولة تُحترم. وجوده وحده كفيل بإنجاح أي بطولة، وغيابه يفضح هشاشة "الوهج المُصطنع" الذي يحاول البعض تصديره كلما سنحت الفرصة. الهلال ليس مجرد نادٍ سعودي، بل ظاهرة كروية، ومؤسسة مجد، ومدرسة بطولات. من أراد فهم معنى القوة، فليقرأ سيرة الهلال، لا تصريحات خصومه. من أراد تعريفًا واقعيًا لكلمة "بطل"، فلينظر إلى من اعتاد الصعود لا من يفرح بتعثر غيره. كيف يُحاكَم الهلال على موقف وحق له؟! وكيف يُحاصَر من شارك المملكة في الحضور العالمي المبهر مرات، وكتب اسمه في تاريخ كأس العالم للأندية مؤخراً كأحد الثمانية الكبار؟! إن البطل الحقيقي، هو من لا يُساوم على قراراته حين تمس مبادئه. من لا يرضى بأن يكون "مجرد رقم" في قائمة، بل يضع شرط الكبار: إما أن يكون كل شيء في مكانه، أو لا شيء.! الهلال لا يقبل أن يُستخدم كطُعم دعائي، ولا أن يكون "مجرد شعار" في بطولة تبحث عن وزن. هو من يعطي القيمة، ويرفع المقام.! وما يُؤلم، أن الرد على غيابه لم يكن بالحكمة، بل بالتسطيح المعتاد. بالتقليل، والتشكيك، وبمحاولات تبسيط موقفٍ هو في جوهره رسالة نضج من نادٍ يُفكر بمنطق "الكيان لا الحدث". هل نسي هؤلاء أن الهلال خاض أكثر من 70 مباراة في موسم واحد، موزعة بين القارات، وواجه أبطال أوروبا وأمريكا الجنوبية وآسيا وبطولاته المحلية، واستنزف من لاعبيه كل ما يمكن أن يُمنح؟! البعض يتناسى أن الفريق عاد من بطولة تُعتبر قمة القمم – كأس العالم للأندية – ولم يجد من ينتظره ليصفّق، بل وجد من يتحيّن عثراته لينتقد.! عاد وفي رصيده ليس مجرد "شرف التمثيل"، بل " قوة الحضور" والمنافسة مع الكبار كسفير ومدافع في الملعب عن المشروع السعودي الرياضي.. عاد من المحفل العالمي وأرواح اللاعبين أنهكها السفر والتعب، فإذا بمن لا يفهمون معنى "توزيع الطاقة" و"اختيار المعركة"، ينهالون عليه بما لا يليق.! ما لا يدركه البعض، أن العالمية الحقيقية لا تكون فقط بالوصول، بل بالحفاظ على الكاريزما، بالقدرة على قول "لا" حين يكون قولها جزءًا من الهيبة. الهلال مدرسة في هذا؛ مدرسة تُدرّس فلسفة البطل: أن تختار معاركك، أن تزن موقعك، أن تعرف متى ترفع رايتك، ومتى تُبقيها خفاقة في الزمن لا في الهوى. الزعيم لا يحتاج لمن يدافع عنه، فهو التاريخ الحي، والعقل الذي لا يغيب، والبطولة التي لا تُستعار.! لكن الوطن بحاجة لأن يُنصف أنديته الرائدة، ويقدّر من يرفع اسمه في المحافل الدولية دون تردد أو مزايدة. وما لا يُقال كثير. فالهلال لم يكن يومًا نادٍ يركض خلف الأضواء، بل هو من يمنحها المعنى، لم يكن مجرد فريق يتعامل مع لاعبيه كأرقام، بل هو الكيان الذي وقف مع لاعبيه في الفرح والمرض، في الإصابات والاعتزالات، في المحن والنجاحات. هو النادي الذي ناصر لاعبيه حين تعرّضوا للظلم، وتكفّل بواجبهم حين قصّرت الجهات، وكان الدرع الصلب خلفهم حين تطاولت الأصوات. وهو من أنصف جماهيره بالفعل لا بالتصريحات، وقدّم لهم كل ما يُشعرهم بالفخر والانتماء.. لا بما يُرضي منصات التواصل بل بما يليق بتاريخٍ كتبوه بالدمع والذهب معًا. الهلال لا يخذل، ولا يُقايض، ولا يُساوم على كرامته أو كرامة من ينتمي إليه. ولذلك، لا عجب أن يكون أكثر الأندية حضورًا جماهيريًا، وأكثرهم وفاءً في كل أرضٍ حلّ بها.. إن كنتم تبحثون عن بطولة ناجحة، فابحثوا عن الهلال. وإن أردتم بطولة هادئة، فارغة، باهتة، فاحتفلوا بغيابه، وسمّوا أنفسكم أبطالًا إن شئتم.. لكن تذكروا دائمًا: الهلال لا يغيب، بل يُغيب الجهل حين يحضر.!