ارتفعت أسعار الذهب في إغلاق تداولات الأسبوع الفائت، حيث عزز ضعف الدولار الأميركي واستمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي والاقتصادي الطلب على المعدن الآمن، بينما تراجعت أسعار البلاتين بعد أن وصلت إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2014. وبرغم ارتفاع أسعار الذهب عند التسوية، إلا انها سجلت خسائر أسبوعية. وارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.4 %، ليصل إلى 3.351.18 دولارا للأونصة، بعد أن تراجع بنسبة 1.1 % في الجلسة السابقة، كما سجلت العقود الأميركية الآجلة للذهب ارتفاعاً عند التسوية بنسبة 0.4 % لتستقر عند 3.355.30 دولارات للأونصة. وقال "كلفن وونغ"، كبير محللي السوق في "أواندا"، إن البيانات الأميركية لا تزال تُظهر صلابة اقتصادية، مضيفاً: "من المحتمل أن المتعاملين في السوق لا يزالون يدرسون بحذر الظروف، ولا نتوقع أن يميل مجلس الاحتياطي الاتحادي بقوة نحو التيسير النقدي في هذه المرحلة". وقال إدوارد ماير، محلل المعادن الثمينة في ماريكس: "في قطاع المعادن الثمينة، هناك مكاسب عامة، بفضل ضعف الدولار". وانخفض سعر الدولار الأميركي بنسبة 0.3 %، مما جعل الذهب أرخص للمشترين من حائزي العملات الأخرى. وقال سوكي كوبر، محلل المعادن الثمينة في قسم الأبحاث العالمية في بنك ستاندرد تشارترد: "من المرجح أن تُبقي المخاوف بشأن نمو الدين الأميركي وتحديثات الرسوم الجمركية الإضافية الذهب محط أنظار المستثمرين، ويبدو أن الدعم الحالي قوي". على صعيد التعريفات الجمركية، لا تزال إندونيسيا تعمل على وضع تفاصيل اتفاقها التجاري الجديد مع الولاياتالمتحدة، بينما أبلغت وزيرة الخزانة جانيت يلين رئيس الوزراء الياباني بإمكانية التوصل إلى "اتفاق جيد". في وقت سابق من الأسبوع الماضي، صرّح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه لا يخطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، لكنه ترك الخيار مفتوحًا، وانتقده مجددًا لعدم خفضه أسعار الفائدة. يتوقع المشاركون في السوق خفض أسعار الفائدة الأميركية مرتين بنهاية هذا العام، بإجمالي 50 نقطة أساس. ويزدهر الذهب خلال فترة عدم اليقين الاقتصادي، كما أن انخفاض أسعار الفائدة يعزز طلب المستثمرين عليه كونه أصلًا غير مدر للعائد. وانخفض سعر البلاتين الفوري بنسبة 2 % إلى 1428.65 دولارًا للأونصة، بعد أن سجل أعلى مستوى له منذ أغسطس 2014 في وقت سابق من اليوم. وقال ديفيد ويلسون، كبير استراتيجيي السلع في بي إن بي باريبا ماركتس: "نتوقع أن يؤدي تراجع الطلب الصيني من المستثمرين الماديين والمجوهرات إلى تراجع سعر البلاتين في الربع الثالث من عام 2025". أما البلاديوم فقد تراجع بنسبة 1.6 % ليبلغ 1.259.09 دولار، في حين ارتفعت الفضة بنسبة 0.3 % لتسجل 38.23 دولارا للأونصة. وعلى الرغم من المخاوف طويلة الأمد بشأن نمو السيارات الكهربائية وإمدادات المواد المعاد تدويرها، إلا أن المعنويات تجاه البلاديوم في الصين إيجابية، مع احتمال ارتفاع تحميلات المحفزات قبل تطبيق تشريع الانبعاثات الصيني رقم 7 اعتبارًا من عام 2028، وفقًا للدكتور جوناثان بتلر، رئيس تطوير الأعمال والاستراتيجية في شركة ميتسوبيشي. وبرغم ارتفاع أسعار الذهب يوم الجمعة، إلا انها سجلت خسائر أسبوعية طفيفة، حيث عززت البيانات الاقتصادية الأميركية القوية شهية المخاطرة، مما قوّض الطلب على الملاذات الآمنة. انخفض سعر الذهب الفوري بنحو 0.5 % الأسبوع الماضي، بعد أن حقق مكاسب طفيفة خلال الأسبوعين الماضيين. تعرض المعدن الأصفر لضغوط جراء تراجع الطلب على الملاذات الآمنة، حيث تعززت شهية المخاطرة بفضل سلسلة من نتائج أرباح الشركات الأميركية الإيجابية والبيانات الاقتصادية الإيجابية. كما سلّطت بيانات مبيعات التجزئة الأقوى من المتوقع لشهر يونيو الضوء على مرونة الاقتصاد الأميركي، في حين عززت الدولار الأميركي على خلفية التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يضطر إلى خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا الشهر. كما عززت بيانات التضخم الثابتة لشهر يونيو تراجع توقعات خفض أسعار الفائدة، مما وضع الدولار على مسار ارتفاع بنسبة 0.7 % هذا الأسبوع، مسجلاً مكاسب للأسبوع الثاني على التوالي. وعلى الرغم من هذه الخسائر الأسبوعية، لا يزال الطلب من البنوك المركزية صامداً. وأضافت البنوك المركزية 20 طناً صافياً إلى احتياطياتها العالمية من الذهب في مايو، بزيادة عن الشهر السابق. ومع ذلك، لا يزال هذا الرقم أقل من متوسط 12 شهراً البالغ 27 طناً، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي. وقال محللون في بنك آي ان جي، في مذكرة: "نعتقد أن البنوك المركزية من المرجح أن تواصل إضافة الذهب إلى احتياطياتها في ظل البيئة الاقتصادية التي لا تزال غامضة والسعي إلى تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الدولار الأميركي". وشهدت أسعار المعادن عمومًا أداءً أسبوعيًا متوسطًا، وسط ضغوط من قوة الدولار. ارتفع سعر الفضة الفوري بنسبة 1.2 % ليصل إلى 38.750 دولارًا للأونصة، بينما ارتفعت العقود الآجلة القياسية للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.6% لتصل إلى 9,731.00 دولارًا للطن، بينما ارتفعت العقود الآجلة للنحاس في بورصة كومكس بنسبة 1.1 % لتصل إلى 5.5740 دولارًا للرطل. ويتفوق البلاتين في الأداء بعد تجاوزه مستوى 1,400 دولار للأونصة. تجاوز البلاتين الفوري نظرائه من المعادن النفيسة هذا الأسبوع، وظل عند أعلى مستوياته في أكثر من عقد، حيث اجتاز المعدن الأبيض مستوى مقاومة رئيسيًا. وارتفع سعر البلاتين الفوري عند نحو 1,489.70 دولارًا للأونصة، مسجلًا ارتفاعًا يزيد عن 5% هذا الأسبوع. تجاوز المعدن الأبيض مستوى المقاومة 1,400 دولار للأونصة هذا الأسبوع، وهو ما قال محللو بنك إيه ان زد، إنه ينذر بمزيد من القوة للمعدن. بلغت أسعار البلاتين أعلى مستوى لها في 11 عامًا الأسبوع الماضي، حيث استمر المعدن في الاستفادة من توقعات انخفاض المعروض وتحسن الطلب. وقد تفوق المعدن، إلى جانب الفضة، على الذهب بشكل كبير حتى الآن في عام 2025، حيث دفعت الأسعار المنخفضة نسبيًا المتداولين إلى التحول من السبائك إلى المعادن النفيسة الأخرى. كما كان المعدن الأصفر على وشك تسجيل خسائر أسبوعية طفيفة، مع تزايد قناعة المستثمرين بأن الاحتياطي الفيدرالي لن يخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب. كما أدى عدم اليقين بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب إلى انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة. وفي تحليل الأسواق، قال احمد عسيري استراتيجي الابحاث لدى بيبر ستون، يتحرك الذهب داخل نطاق ضيق أسفل حاجز 3360 دولارا، إذ يفتقر المشترون إلى الزخم الكافي للعودة السريعة الى مستويات اعلى. ومع ذلك ارتد المعدن ثلاث مرات من المتوسط المتحرك لخمسة وخمسين يومًا قرب 3310 دولار، ما يعزز أهميته كمنطقة دعم تكتيكية ولا يزال يقدم منطقة دعم غير مخيبة للامال منذ بداية العام. وقال إن الإغلاق فوق 3360 قد يفتح الطريق إلى 3400 ثم قمة الشهر الماضي عند 3440، بينما استمرار العجز عن تجاوز هذا السقف يبقي المعدن عُرضة لإعادة اختبار خط الاتجاه الصاعد ومستويات المتوسطات التي تبدو الان كمناطق مقبولة للمتداولين. وعلى الجانب الإخباري المتغير بطبيعة الحال أعادت أنباء صياغة دونالد ترمب خطاب لإقالة جيروم باول قبل التراجع عنها الجدل حول استقلالية الاحتياطي الفيدرالي واستمرار الضغوط الهائلة على جورم باول. يترجم الضغط السياسي على الفيدرالي عادة إلى ضعف نسبي في الدولار وقوة دائمة في الذهب ويحفز المشترين وهو ما يمنح سببًا إضافيًا للدفع نحو ايجاد المحفز اللازم للخروج من النطاق الحالي الضيق نسبياً. وقال ميلاد عزار محلل الأسواق المالية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى إكس تي بي، واصل الذهب تداولاته ضمن نطاق عرضي خلال جلسة الجمعة، وسط توقعات ببقاء تحركاته عرضة لتقلبات إضافية، وذلك في ظل احتمالات تغيرات مرتقبة في وتيرة الإقبال على الأصول الآمنة، بالتزامن مع المستجدات المتعلقة بالسياسة التجارية الأميركية، واستقلالية الفدرالي الأميركي، إلى جانب تصاعد المخاطر الجيوسياسية على الساحة الدولية. في حين لا تزال التوترات الجيوسياسية في ذروتها، حيث تواصل الولاياتالمتحدة تسريع وتيرة شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا مع تصاعد حدة الصراع مع روسيا. وفي الشرق الأوسط، يبقى المشهد الإقليمي مضطربًا، مع استمرار الاشتباكات الطائفية في سوريا وتصاعد الهجمات على غزة، الأمر الذي يعزز حالة عدم الاستقرار ويزيد من حدة التقلبات في المنطقة.