مهارة راسخة، في كل فرع من فروعها تجد الإيثار والتعاون وجبر الخواطر والتعاطف وبُعد النظر والتخطيط، تفيض بالحب، تحس بها في بيتك ومجتمعك وعملك. في البيت، ستجد المربي الذي يحاور ويقنع فلا يضرب ولا يوبخ؛ لأن هدفه تعديل السلوك، وتجد الأخت التي تمنح من وقتها لمساعدة إخوتها، والرجل الذي يعين قريبه بماله مراعاة لظروفه، وتراها في الأبناء يتسابقون للبر بوالديهم، وفي الآباء الذين يستثمرون في تعليم أولادهم، ويغرسون فيهم القيم قبل أن يتركوا لهم المال. ستجد من يفشل في تطبيق هذه المهارة في تعامله مع العمالة المنزلية بتأخير رواتبهم أو تكليفهم مالا يطيقون، وتلمسها في الشارع والسوق حين تتنازل عن شيء لتحقيق ما هو أفضل، أو لدفع ضرر محتمل. ومن الأمثال العربية ذات الصلة: "إذا عز أخوك فهن"، فإذا رأيته متمسكاً برأيه، فتنازل أنت لغاية أسمى، إن تبادل الأدوار مهارة رفيعة وسلوك يربى عليه النشء، وكمالها في المبادرة بها دون انتظار طلب. وتجد بيوتاً مطمئنة وأزواجاً في قمة السعادة؛ لأن تبادل الأدوار يرافقهم وتوفيق الله يحيط بهم، وما أعظم ذلك المعلم الذي يبذل كل جهده لأجل طلابه، أو الموظف الذي يلتزم بأخلاقيات المهنة، أو التاجر الأمين البعيد عن الغش والطمع. هي مهارة ترفرف في سماء الوطن فخراً بما تقدمه الدولة -حفظها الله- للمواطنين، من تسهيلات رائدة عبر الخدمات الحكومية الإلكترونية، وخدمات وزارة الصحة المجانية، وقروض بنك التنمية الاجتماعية الخالية من الربح. أحياناً، تنسحب من حوار؛ لأن الهدف لا يتحقق بالاستمرار فيه، بل بالترفع عنه، إنها مهارة ثمرها مربح وريحها طيب، ففي أفضل الجامعات العالمية يبتعث آلاف الطلاب، وفي المقابل يساهم المواطن في بناء وطنه وازدهاره ردًا للجميل. وحين تصبح هذه المهارة جزءاً من حياتنا، تنتهي كثير من المشكلات في بداياتها، ونرى البناء والتنمية في أبهى صورة. ومن الحكم التي تجسدها: "زرعوا فأكلنا، ونزرع ليأكلوا"، حيث يتجلى تبادل الأدوار وتحمل المسؤولية بين الأجيال، أمّا من فقد هذه المهارة، فليعمل على تهذيب نفسه ليعود إليها. وفي الختام، تضيء الوصايا النبوية دربنا في مراعاة الناس وتقدير أحوالهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، فارفق به"، وفي شأن الصلاة -وهي عبادة- قال صلى الله عليه وسلم: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء".