عندما نكتب على ملف (وورد/ word) من خلال أجهزتنا، فنحن لا نكتب على ورقة باستخدام لوحة مفاتيح. الأمر ليس محاكاة كاملة للكتابة بالقلم على الورقة، ففي الوقت الذي تكون فيه العلاقة بيننا وبين الورقة والقلم علاقة مغلقة ثلاثية، كاتب وأداة كتابة ووسيلة يُكتب عليها. الأمر مختلف في حالة (الوورد) فالوسيلة ليست جماداً نحييه عندما نكتب فوقه كما هي حال الورقة. إنه برنامج ربما لا يحفظ السر ولا توجد له صفة مادية ملموسة، والبرنامج ضمن حزمة برامج، وضمن نطاق خوارزمي يُحتمل جمع كل المعلومات من خلاله، وربما من اللحظة الأولى للكتابة وليس بعد اتمامها أو حفظها ما دام أن هناك اتصال بالشبكة! هذا ينطبق على كل البرامج المكتبية (الأوفس/ Offic) وغيرها من البرامج التي نكتب عليها بأي شكل من الأشكال إذا كان هذا التخمين صحيح، والحقيقة أنني لا أعلم لماذا بدأت بهذا المدخل، وإن كان يبدو أن فكرة مستبطنة ألحت علي وأنا أحاول الكتابة عما حدث لبرنامج (جروك/ Grok) الذي خضع لمحاكمة، والمحاكمة توصيف مجازي أو استعاري لا أجد أنسب منه لما حدث لجروك بسبب معاداته للسامية! عاد برنامج (جروك) بعد غياب، وهو البرنامج الذي سجل نجاحا بعد مدة قصيرة من طرحه على منصة (أكس/ X)، ولكن خضوعه للمحاكمة التي قلنا إنها مجازية التوظيف؛ تركت كثيرا من التساؤلات عن طبيعة تعاملنا مع برامج الذكاء الاصطناعي، وإلى أي مدى سنتجه في أنسنة الآلة أو شيطنتها، وما هي المعطيات المبررة لاتخاذ موقف قانوني تجاه برنامج ذكاء اصطناعي والتي يبدو أنها معطيات تفترض وربما تتيقن بأن التطبيقات الذكية أصبحت مؤهلة لاتخاذ قرارات من تلقاء نفسها وبقناعتها أو أن هذه التطبيقات مجرد واجهات لعمل بشري يضع هذه التطبيقات في الواجهة بينما يقف خلفها مجموعات بشرية تتولى استقبال الأسئلة والإجابة عليها كما حدث مع إحدى أكبر الشركات البريطانية التي أعلنت إفلاسها في الفترة القريبة الماضية بعد انكشاف أمرها بتوظيف عدد ليس بالقليل من الأشخاص للقيام بمهام تُقدم على أن من يقوم بها ذكاء اصطناعي! وحتى لا أترك موضوع استحضار برنامج (الوورد) معلقا دون ذكر سبب لإيراده فيبدو أن موضوع حماية حقوق الملكية الفكرية مقرون بعدة أمور من ضمنها حفظ البيانات المطبوعة على (الوورد) حتى لا يُستولى عليها ويتم وضعها ضمن قاعدة بيانات الذكاء الاصطناعي لتكون ضمن المدخلات التي يعتمد عليها في الإجابة على ما يرد إليه من أسئلة! هذا الهاجس قد يكون مجرد توجس خيفة لا مبرر لها خصوصا وأن برامج (الأوفس) في أيد أمينة وشركة ذات سمعة مطمئنة، مما يجعل إمكانية الوصول إلى المعلومات من خلال برنامج (الأوفس) غير ممكنة وأن الأمر مجرد مبالغة، وهذا يحتاج إلى حديث أهل الاختصاص الأكثر دربة ودراية، ونرجو أن تثبت براءة (الوورد) حتى لا يدخل في محاكمة كما حصل مع برنامج (جروك/ Grok)!