يُشبّه الاقتصاديون وقادة الأعمال الذكاء الاصطناعي بالبنسلين، كعلاج ثوري قادر على معالجة تراجع الإنتاجية، مع توقعات بإضافة مليارات الدولارات للاقتصاد العالمي سنويًا، لكن، الذكاء الاصطناعي ليس عصاً سحرية، إنه أقرب إلى العلاج الطبيعي بعد جراحة معقدة، وهذا التوصيف، يتطلب جهدًا متواصلاً، والتزامًا باستراتيجية مدروسة، وتعاونًا مع خبراء قادرين على توجيه هذا التحول بفعالية، وعلى سبيل المثال، أدى الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي إلى الإضرار بخدمة العملاء، مما أجبر الشركات على إعادة توظيف العنصر البشري. عند تطبيقه بحكمة، يستطيع الذكاء الاصطناعي تعزيز الإنتاجية، وتوفير الوقت والجهد، وعلى سبيل المثال، في القطاع القانوني، توفر التطبيقات القانونية الوقت في مراجعة الوثائق وصياغة العقود وترجمتها، وفي قطاع الرعاية الصحية، تسهم التطبيقات الطبية في تشخيص دقيق وسريع قد ينقذ الأرواح ويعالج الأمراض المزمنة، ومع ذلك، فإن حصد مكاسب الذكاء الاصطناعي في كافة القطاعات يعتمد على التنفيذ الذكي وعملية التبني الموثوقة، فالمؤسسات التي تهمل تدريب موظفيها أو إشراكهم في عملية التحول لن تجني النتائج المرجوة، وإذا شعر العاملون بأن الذكاء الاصطناعي يُفرض عليهم دون استشارتهم أو تهيئتهم، فقد يقاومون التغيير، مما يؤدي إلى خسارة خبراتهم القيمة. يرتكز نجاح الذكاء الاصطناعي على الثقة والتبني، وبدون هذه الثقة، يتراجع الحماس وتتلاشى الفوائد، وفي العالم العربي، على وجه الخصوص، لا تزال ثقة الجمهور بالذكاء الاصطناعي متدنية، لأن الناس يميلون لعدم الثقة فيما لا يفهمونه، ولتجاوز هذه الفجوة، يجب إشراك الموظفين منذ البداية، من خلال الاستماع إلى مخاوفهم وتحديد التحديات التشغيلية، حيث يسمح هذا النهج بتطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تدعم العاملين بدلاً من تهميشهم، ويجب أن ندرك أن الاندفاع نحو الأتمتة دون مراعاة العنصر البشري سيؤدي بنا إلى «الأتمتة المتوسطة»، حيث تحل التكنولوجيا محل الموظفين دون تحقيق تحسينات جوهرية في الإنتاجية. تُظهر آخر استطلاعات الرأي، أن 55 % من المديرين التنفيذيين في بريطانيا ندموا على استبدال موظفيهم بالذكاء الاصطناعي، ولهذا، بدلاً من استبدال العاملين، ينبغي للمؤسسات إشراكهم بعمق في عملية التحول، لأن الشركات التي تدمج موظفيها في هذه العملية تزيد من فرص نجاحها بتسعة أضعاف، وباعتقادي، فإن الموظفين المهرة، لا زالوا يمتلكون خبرات عملية لا تدركها الخوارزميات، وهي خبرات ضرورية لتصميم أنظمة ذكاء اصطناعي فعّالة، والحقيقة، أن إشراك العاملين لا يعزز الإنتاجية فحسب، بل يعمق الميزة التنافسية والربحية، ويحقق حلولاً تكنولوجية تلبي احتياجات الموظفين وتطلعاتهم.