يشكل التطوع ركيزة أساسية في تنمية المجتمع وتعزيز قيم المسؤولية الاجتماعية، وتأتي الجامعات السعودية في طليعة المؤسسات التي تشجع طلابها وطالباتها على الانخراط في العمل التطوعي. وحيث العمل التطوعي يُعد من أعظم القيم الإنسانية التي تُبرز أسمى معاني التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع. فهو يعكس روح العطاء والبذل دون انتظار مقابل، ويُظهر مدى قدرة الإنسان على التأثير الإيجابي في محيطه الاجتماعي. يعتبر العمل التطوعي حجر الأساس في بناء المجتمعات القوية، حيث يساهم في تعزيز الروابط الإنسانية ومساعدة الفئات المحتاجة لتحقيق حياة كريمة. في عالم يشهد تغيرات وتحديات متزايدة، أصبح للعمل التطوعي دور حيوي في تحقيق التنمية المستدامة ودعم الجهود الرامية لتحسين جودة الحياة. سواء من خلال المساهمة في حملات بيئية، أو تقديم الدعم التعليمي والصحي، أو حتى التطوع عن بُعد باستخدام التكنولوجيا الحديثة، فإن للعمل التطوعي أشكالًا متنوعة تلبي احتياجات العصر وتفتح آفاقًا جديدة للعطاء. إن انتشار ثقافة العمل التطوعي يُعبر عن مدى وعي المجتمعات وإيمانها بأهمية التضامن الإنساني. ولهذا، يتطلب منا جميعًا، أفرادًا ومؤسسات، دعم هذه الثقافة والعمل على تعزيزها، لأن العطاء في جوهره لا يُسهم فقط في تحسين حياة الآخرين، بل يُضفي معنى وقيمة على حياتنا الشخصية. وحيث العمل التطوعي هو تجسيد عملي لمعاني الإنسانية، وهو وسيلة لتحويل النوايا الطيبة إلى أفعال ملموسة تُحدث فرقًا إيجابيًا في حياة الأفراد والمجتمعات. لا يقتصر دور التطوع على تقديم الخدمات للمجتمع فحسب، بل يمتد ليشمل تنمية مهارات الطلاب الشخصية والأكاديمية، مما يجعله عنصرًا حيويًا في مسيرتهم التعليمية والحياتية. تتنوع مجالات التطوع داخل الجامعات السعودية لتشمل التطوع في الفعاليات الجامعية مثل المؤتمرات العلمية، والأيام المفتوحة، والمعارض وكذلك برامج خدمة المجتمع كحملات النظافة، والتوعية الصحية، والزيارات إلى دور الرعاية، وكذلك التطوع في الأزمات مثل مبادرات التبرع بالدم إضافة إلى التطوع الرقمي الذي يشمل تصميم المحتوى التوعوي أو إدارة منصات التواصل للأنشطة الطلابية. أما أثر التطوع على الطلاب والطالبات فهو تنمية المهارات الشخصية (يساعد العمل التطوعي في صقل مهارات القيادة، والتواصل، والعمل الجماعي، حيث يتعرف الطلاب على كيفية التعامل مع فريق متنوع من الأفراد، مما يعزز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية) وكذلك تعزيز الانتماء المجتمعي (من خلال المشاركة في المبادرات التطوعية، يدرك الطلاب والطالبات دورهم الفاعل في خدمة وطنهم، مما يعمق شعورهم بالانتماء والمسؤولية تجاه المجتمع.) مع تحسين الفرص الوظيفية (تعد الخبرات التطوعية إضافة قوية للسيرة الذاتية، حيث يبحث أرباب العمل عن المهارات التي يكتسبها الطلاب من خلال التطوع، مثل إدارة الوقت، وحل المشكلات، والمرونة في التعامل مع التحديات)، وكذلك تعزيز الصحة النفسية فقد أثبتت الدراسات أن العمل التطوعي يقلل من التوتر والقلق، إذ يشعر المتطوعون بالسعادة والإنجاز عندما يساهمون في مساعدة الآخرين، مما ينعكس إيجابًا على صحتهم النفسية وأدائهم الأكاديمي. أيضاً تطوير المهارات الأكاديمية (بعض البرامج التطوعية ترتبط بالتخصصات الدراسية، مثل التطوع في المستشفيات لطلاب الطب، أو المشاركة في حملات التوعية القانونية لطلاب الحقوق، مما يسهم في تعزيز فهمهم العملي للمواد النظرية)، ويُعد التطوع في الجامعات السعودية جسرًا يربط بين التعليم والمجتمع، حيث يعود بالنفع على الطلاب والطالبات من الناحية الشخصية والأكاديمية، كما يسهم في بناء مجتمع متكافل ومتعاون. لذا، من الضروري استمرار دعم هذه الثقافة وتذليل العقبات لضمان مشاركة أوسع تُسهم في تحقيق رؤية المملكة الطموحة. تقوم الجامعات السعودية بتوفير البيئة المناسبة لتعزيز ثقافة العمل التطوعي، وتهيئة الطلاب للانخراط فيه، وتوفير الفرص التطوعية، وتقديم التدريب والدعم اللازم للمتطوعين، وتوثيق جهودهم وتقديرها. وتمثل الجامعات السعودية رافدًا أساسيًا لتعزيز ثقافة التطوع، انسجامًا مع أهداف رؤية 2030. ومن خلال مواصلة تطوير البنى التحتية وزيادة الشراكات المجتمعية، يمكن لهذه الجامعات أن تُخرّج جيلًا من الشباب الواعي بأهمية العطاء، مما ينعكس إيجابًا على تماسك المجتمع وازدهاره. ورغم النجاحات، تبقى بعض التحديات قائمة، مثل نقص الوعي بأهمية التطوع في بعض التخصصات. وكذا حاجة بعض البرامج إلى مزيد من التمويل والاستدامة. وضرورة توسيع نطاق التطوع ليشمل مجالات مبتكرة مثل التطوع الرقمي. باختصار، الجامعات السعودية تحوّلت إلى حاضنات للعمل التطوعي لكنها لا تزال في طور التطوير لتحقيق معايير عالمية.