بين جدةومكةالمكرمة على الطريق القديم، محطات تاريخية فارقة، لكل منها تاريخ يضرب في أعماق أرض الحجاز، لكن ضاحية الحديبية تظل الأكثر عمقاً، وأهمية، فهي التي ارتبطت بقدوم نبي الأمة -صلى الله عليه وسلم- في السنة السادسة من الهجرة من المدينةالمنورة إلى مكةالمكرمة. 1441 عاماً هو عمر قصة أمكنة الحديبية، حولتها إلى وجهة تاريخية وسياحية لقوافل المعتمرين من معظم دول العالم، لاستحضار قصة صلح الحديبية، وعيش تفاصيلها. واشتهرت الحديبية التي تبعد عن مكةالمكرمة اليوم بأقل من 20 كم في التاريخ أيضاً بآبارها التي كان الناس يستقون منها، ومن قصصها المشهورة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع سهمًا في بئرها ففارت بالماء يوم صلح الحديبية. وما زالت الحديبية بمسجدها العتيق، وسوقها التقليدية الرائجة، وجبالها الشاهقة، وأرضها الطينية، رمزًا للمهادنة والسياسة الحكيمة، والسلم والصلح، التي أثمرت بنتائج عظيمة، حيث أفضى الصلح لاحقًا إلى إسلام كثير من قريش وفتح مكة. وتحتضن الحديبية أيضًا موقعًا تاريخيًا مهمًا، وهو أسبلة الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- التي أقيمت لسقيا الحجاج وتوفير الماء لهم. وللحديبية اسم آخر اشتهرت به بأم القرى هو "الشميسي"، وأصبحت ضاحية تحتضن مئات الاستراحات لسكان أم القرى، وعدد من المتاحف التاريخية، كما أنها التصقت بمهمة شرعية أخرى كونها أحد مواضع حدود حرم مكةالمكرمة وبوابتها الغربية على طريق جدة القديم.