يعد المواطن ركيزة أساسية وبطل منظومة السياحة الداخلية في المملكة، وذلك نتيجة مشاركته في جهود استراتيجية وموارد ضخمة تم توجيهها خلال السنوات الماضية نحو السياحة الداخلية، فالسعوديون هم قلب السياحة الداخلية. وقد بلغ حجم الزيارات من إجمالي 100 مليون زيارة سجلتها المملكة عام 2023، وكان 79-81 مليون زيارة داخلية من المواطنين. فرغم أن الزوار الأجانب ينفقون أكثر، إلا أن المواطن السعودي يُعدّ ضمن أعلى الفئات إنفاقًا عند السفر داخل المملكة. وشكل المواطن السعودي نمواً مستمراً خلال وبعد جائحة كورونا وبعد فتح الحدود، استمر المواطنون بالسفر داخل المملكة بوتيرة متزايدة، فزادوا الرحلات الداخلية حتى بعد عودة السياحة الخارجية. كما أسهم الدعم الحكومي بالمشاركة المحلية وإطلاق منظومة استراتيجية لإشراك المواطن بتعزيز السياحة الداخليه من خلال وزارة السياحة ومؤسسات مثل صندوق تنمية السياحة والهيئة السعودية للسياحة أسهم ذلك بتأهيل المواطنين ببرامج لتطوير البنية التحتية وتدريبهم ببرامج تأهيلية استفاد منها مئات الآلاف من السعوديّات والسعوديين سنويًا للعمل في قطاع السياحة، وتوطين نحو 30-38 % من العاملين في هذا المجال ب2023. إضافة لتنوع الوجهات وتوسيع الفرص من خلال مشاريع ضخمة مثل نيوم، البحر الأحمر، القدية، وأماكن ثقافية وتاريخية مثل الدرعية والعلا والبلد بجدة، والتي تم ترميمها وفتحها للجمهور مع المحافظة على الهوية السعودية. وكل ذلك لخدمة المواطنين والسياح على حد سواء. كما أن المواطن السعودي كان هو المحرك الأول للمواسم والفعاليات بالداخل وتم ربط ذلك في برنامج جودة الحياة ليُنظم فعاليات تغطي معظم مناطق المملكة طوال العام، وهي موجهة للسعوديين تحديدًا. وكان تأثير المواطن على نجاح السياحة الداخلية كبيراً فالطلب المحلي دعم الحجوزات والإقامات الداخلية، خاصة في العطل والمواسم، كما دعم الأسواق وحوّل الإنفاق إلى الداخل بدلاً من السفر للخارج. «شراكة وتحفيز» وعمل المواطن على تعزيز ثقافة السياحة الداخلية واكتشاف مواقع متنوعة وشاملة في الثقافات المحلية. والمواطن السعودي ليس فقط مستهلك رئيسي بل شريك فاعل ومحفّز في منظومة السياحة الداخلية. والحكومة تعمل على توفير البنية والمحتوى، فيما المواطنين يشكّلون سوقًا محليًا قويًا ومنتجًا. وحضورهم المستمر يمثل عنصر ثبات واحتواء يُعتمد عليه لتحقيق أهداف المملكة ضمن رؤية 2030. والمواطن يعد حجر الأساس في نجاح منظومة السياحة الداخلية، ليس فقط كزائر، بل كشريك حقيقي في صناعة تجربة سياحية أصيلة ومتكاملة. فهو المرشد، والمضيف، ورائد الأعمال، وصانع المحتوى، والواجهة الحضارية التي تستقبل الزائر بابتسامة وكرم لا يُضاهى. فالمواطن بخبرته المحلية، ووعيه الثقافي، وشغفه بوطنه، يضفي بعداً إنسانيًا وثقافيًا فريدًا، يجعل من كل زيارة تجربة لا تُنسى. وتمكين المواطن وتفعيل دوره في القطاعات السياحية يساهم في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030، ودعم تنويع الاقتصاد، وتوفير الفرص، ورفع جودة الحياة. فالسياحة ليست مجرد مواقع بل هي قصة يرويها إنسان، وروح ينقلها الوطن. ورؤية المواطن السعودي كقيمة مضافة للسياحة الداخلية هي محور أساسي في تطوير القطاع السياحي، بل يمكن القول إنه أهم عنصر نجاح مستدام للسياحة في المملكة. والمواطن بالممكة يعد صاحب تجربة محلية أصيلة، فهو يمتلك معرفة عميقة بالمكان، والتاريخ، والثقافة، ما يجعله أفضل من يقدّم التجربة للزوار. ويستطيع أن يقدّم الحكايات، الأمثال، التقاليد والعادات بطريقة حية وجذابة. فهو المثال الأفضل للمرشد والسياحي المحلي. وكثيراً مانراه ذلك في العلا يروي قصة الأنباط باللهجة السعودية ويقدم تجربة أغنى من مجرد جولة سياحية تقليدية. ويعد المواطن محرك اقتصادي واستثماري، فالمواطنون هم رواد الأعمال السعوديين الذين يديرون المشاريع السياحية الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. «تأثير مباشر» ولدعم المواطن للسياحة الداخلية عبر التواصل الاجتماعي له تأثير مباشر وكبير على الترويج لها. ويتم هذا الدعم عبر نقل تجربة سياحيَّة مختلفة، حيث ينتج صانعو محتويات محليون موادّ (فيديوهات، صور، مدوَّنات) تستعرض المعالم الطبيعية والثقافية في مناطق مختلفة في المملكة، وتقدم معلومات شيقة ضمن سياق ممتع. وكذلك التعريف بأماكن غير معروفة ويسّلطون الضوء على القرى الصغيرة، الأودية الخلّابة، الأسواق التقليدية، والفعاليات الثقافية التي قد يغيب صيتها بسبب ضعف الترويج. كما يعملون على توفير معلومات سياحيَّة موثوقة مثل كيفية الوصول، التذاكر، الخدمات المتوفّرة في المكان بما يساعد السواح على اتخاذ قراراتهم. ويعمل المواطنون على تعزيز الفخر والانتماء للمملكة فينعكس هذا في طريقة عرض هذه المواقع ضمن سياق يخدم رؤية المملكة ويعمق ارتباط أبنائها بأرضهم. كما أنهم يسهمون في دعم الاقتصاد المحلي حيث ينتج عند الترويج محليًا ارتفاع في إقبال الزوار على تلك المواقع، وبالتالي تستفيد الشركات الصغيرة والأعمال الأسرية في تلك المناطق. إذن فالمواطن صانع محتويات محلي وسفير سياحي بامتياز، يسهم في تنشيط سياحة بلده ويعزز التنمية المستدامة في المناطق الأقل حركة سياحيَّة. وكثير من الشباب السعودي أصبحوا سفراء للسياحة الداخلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيصورون الطبيعة، يعرّفون بالمناطق النائية، ويروجون لمفاهيم مثل: استكشف وطنك، سياحتنا في دارنا. وهذا المحتوى يؤثر مباشرة في قرار السفر لدى الآخرين، ويجذب الزوار المحليين والدوليين. لذا أصبح المواطن كواجهة ترحيبية وإنسانية أيضا بحسن الضيافة فالكرم السعودي جزء أصيل من الهوية. والسياح كثيرًا ما يعبّرون عن إعجابهم بالتعامل الودود والبشوش للمواطنين، وهذه تجربة لا يمكن شراؤها بالمال. فالمواطن يعتبر مشارك في تحقيق أهداف الرؤية بتفاعله، ووعيه، وتبنيه للسياحة كمفهوم وطني، يسهم في تحقيق مستهدفات رفع عدد الزوار، وتحسين جودة الحياة، وإبراز الهوية الثقافية السعودية للعالم. والمواطن السعودي ليس مجرد مستفيد من السياحة، بل هو جزء حي وفاعل فيها، وكلما تم تمكينه أكثر، زادت جاذبية للسياحة الداخلية وكان باعلاً في تميزها بطابعها الأصيل وغير المكرر. «استثمار المواطن» ولقد استثمرت المملكة العربية السعودية في المواطن ضمن خطط سياحة محلية شاملة ضمن رؤية 2030 لتوفير فرص عمل، وتوفير دخل محلي، بالإضافة إلى خلق تجربة سياحة مختلفة يقودها أبناؤها، من خلال التدريب والتأهيل بإطلاق برامج للتدريب في التخصصات السياحيَّة (الإرشاد السياحي، الفندقة، خدمة العملاء، وتوفير ورش عمل للتعريف بأهمية السياحة ودورها في تنمية الاقتصاد). وابتعاث الطلاب للتخصص في المجالات السياحيَّة ضمن الجامعات السعودية والخارجية. وتوفير فرص العمل، وإيجاد أكثر من مليون وظيفة سياحيَّة مباشرة وغير مباشرة ضمن رؤية 2030. إضافة لدعم المنشآت الصغيرة والأفراد لتقديم تجارب سياحيَّة مختلفة (مطاعم محلية، متاحف صغيرة، حرف يدوية، وتمكين الأسر المنتجة والنحالين والحرفيين للتسويق ضمن الفعاليات الثقافية). كما عززت الدولة الشراكات مع المجتمع بإطلاق تطبيقات للتعريف بأحداث سياحيَّة محليَّة يقيمها أفراد المجتمع، ودعم المبادرات الثقافيَّة التي يقودها أفراد محليون للتعريف بتراث مناطقهم. وتحفيز الجمعيات التعاونية على المشاركة في التنمية السياحيَّة. والعمل على التسويق الداخلي بإطلاق حملات للتعريف بأماكن سياحيَّة غير تقليدية ضمن المملكة (مثل نيوم، العلا، الأحساء والتركيز على سياحة المغامرات والثقافة والريف عبر مشاريع سياحيَّة صغيرة يقيمها أفراد محليون). وسنت القوانين واللوائح التنظيمية لتسهيل التراخيص والنطاقات لمزاولة العمل في الخدمات السياحيَّة، وتطبيق أنظمة لحماية المستثمرين المحليين وتوفير التسهيلات الائتمانية. «تدريب وتمكين» وبهذا التمكين، لم تكن السياحة محض مشاريع كبرى تستقطب سياحًا أجانب فقط، بل أصبحت نشاطًا يقوده أبناؤها ويطور الاقتصاد المحلي في مختلف المحافظات. ونتج عن هذا الدعم غير المحدود للمواطنين إنشاء مشاريع سياحيَّة صغيرة يقودها مواطنون ضمن سياق تنشيط السياحة الداخلية في السعودية، ومتاحف صغيرة ضمن المنازل حيث يستعرض أصحابها مقتنياتهم الأثرية ويحافظون على تراث المكان. وكذلك جولات سياحيَّة محليَّة، حيث ينظم أفراد محليون رحلات سياحيَّة للتعريف بأحياء تراثية، أسواق شعبيَّة، مزارع التمر والنخيل، بالإضافة إلى محطات على طرق القوافل. ومتاجر المنتجات الحرفية مثل محال الخزف والنسيج والنحت على الخشب التي يقيمها أفراد ضمن مشاريع صغيرة ضمن الأحياء التراثية. وإنشاء مطاعم بأطباق محليَّة تعمل عزى تقديم الأطباق التقليدية والنكهات الأصلية ضمن تجربة سياحيَّة متكاملة، حيث يتحدث أصحاب المكان عن طريقة التحضير وتاريخ الأطباق. لالإضافة لإطلاق فعاليات سياحيَّة صغيرة مثل المهرجانات الثقافيَّة في القرى (مهرجان التمر في الأحساء، فعالية الخريف في أبها) التي يتطوع أبناؤها في تنظيم أنشطتها. ويسهم الإرشاد السياحي الذي يقوم به مرشدون سياحيون محليون معتمدون حيق يقودون مجموعات سياحيَّة صغيرة للتعريف بأحداث الأماكن وتفاصيلها الثقافيَّة. كما أسهم المواطنون بإنشاء الإقامات الريفيَّة وتأجيرها عبر (الإيجار اليومِي عبر تطبيقات الإلكترونية). وينشئ أفراد محليون بيوت ضيافة ضمن مزارع صغيرة للتعريف بأجوائها الريفيَّة وتقديم تجربة مختلفة. وهناك من يقوم بتقديم ورش عمل للتعلم مثل ورش الخزف والنحت والنسيج والنحاس التي تستقطب سياحًا يرغبون في تجربة التعلُّم ضمن سياق سياحي محلي. وهذه المشاريع تسهم في خلق فرص عمل محليَّة، وتوفير دخل مباشر للأفراد والأُسَر، بالإضافة إلى إبراز الثقافة السعودية ضمن تجربة سياحيَّة مختلفة.