نما الاقتصاد السعودي في الربع الأول من العام الجاري، محققًا بذلك نموًا للفصل الرابع على التوالي، مدفوعا بارتفاع الأنشطة غير النفطية، ما يعكس استمرار التوسع في القطاعات الصناعية والخدمية، وتعافي الطلب المحلي، في ظل زخم المشاريع المرتبطة برؤية 2030. وبحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء، حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية نمو بنسبة 3.4 % خلال الربع الأول من 2025، على أساس سنوي، مدعومًا بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 4.9 %، وهو أعلى مستوى تسجله خلال الثلاثة فصول الأخيرة، فيما انكمشت الأنشطة النفطية بنسبة 0.5 % خلال تلك الفترة. تشير بينات هيئة الإحصاء إلى تباطؤ نمو الاقتصاد السعودي، مقارنةً بالربع الرابع من العام الماضي الذي حقق خلاله الناتج المحلي الإجمالي نموًا بنسبة 4.4 %، وفق البيانات. وأعلنت الهيئة في مايو الماضي عن قيامها بتنفيذ تحديث شامل لتقديرات الناتج المحلي الإجمالي، لتتوافق مع المعايير الدولية، ووفقًا لذلك تم تحديث سلاسل الناتج المحلي الإجمالي السنوي والربعي بالأسعار الجارية والثابتة. من جانبه، خفض البنك الدولي توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي في السعودية إلى 2.8 % في العام 2025 وبنسبة 4.5 % في العام 2026، مقارنة مع توقعات البنك السابقة بتحقيق السعودية نموا بنسبة 5 % في العام الحالي وبنسبة 4.8 % في العام المقبل. وتتوقع وزارة المالية السعودية نمو اقتصاد المملكة خلال 2025 بنسبة 4.6 %، على أن يسجل معدل نمو 3.5 % في 2026، ويرتفع إلى 4.7 % في 2027، مدفوعا بازدهار الأنشطة غير النفطية، وتعزيز جاذبية الاستثمار الأجنبي. وسجلت الأنشطة النفطية انكماشًا بنسبة 0.5 % في الربع الأول على أساس سنوي، متأثرة بخفض الإنتاج الطوعي في إطار اتفاق "أوبك+" خلال تلك الفترة، ما كبح من وتيرة النمو، رغم الأداء القوي في بقية القطاعات. ونمت الأنشطة الحكومية بنسبة 3.2 % في الربع الأول، مسجلة أعلى مستوى لها في 3 فصول، مدفوعة باستمرار الإنفاق الحكومي على البنية التحتية والخدمات العامة، ما أسهم في تعزيز النشاط الاقتصادي. وسجلت معظم الأنشطة الاقتصادية معدلات نمو إيجابية على أساس سنوي، بقيادة قطاع تجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق الذي حقق أعلى معدلات النمو خلال الربع الأول والتي بلغت 8.4 % على أساس سنوي، تلاه قطاع أنشطة النقل والتخزين والاتصالات بنمو بلغ 6 % على أساس سنوي، كما حققت أنشطة خدمات المال والتأمين وخدمات الأعمال نموًا بنسبة 5.5 % على أساس سنوي. ورجح البنك الدولي أن يستفيد النشاط الاقتصادي في السعودية من الزيادة التدريجية في إنتاج النفط التي يخطط لها تحالف "أوبك+" للفترة من أبريل 2025 إلى سبتمبر 2026 موضحًا أن جهود التنويع مستمرة لدعم نمو القطاعات غير النفطية في السعودية. وبين أن تقلبات أسعار النفط العالمية والتباطؤ المحتمل في الطلب العالمي وزيادة حالة عدم اليقين والضبابية التي تشوب السياسات الاقتصادية العالمية تعد مخاطر محتملة قد تعرقل مسيرة التعافي المتوقع للنشاط الاقتصادي في المنطقة. وقلص البنك الدولي توقعاته لنمو اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعام الجاري بمقدار 0.7 نقطة مئوية إلى 2.7 %، وذلك مقارنةً بتوقعاته السابقة في يناير الماضي، وللعام المقبل بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 3.7 %. في غضون ذلك، استقر نمو الإنتاج الصناعي في السعودية في أبريل عند مستوى 3.1 % على أساس سنوي دون تغير يذكر عن شهر مارس، مع تحسن الأنشطة النفطية، فيما زاد إنتاج النفط والغاز للمرة الأولى منذ خمسة أشهر، وفقًا لبيانات الهيئة العامة للإحصاء. وتلقى نمو الإنتاج الصناعي دعمًا من تحسن أنشطة استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي التي زادت بوتيرة طفيفة بلغت 0.2 %، لكنها أنهت سلسة انكماش مستمرة منذ نوفمبر الماضي. وزاد إنتاج النفط في المملكة في أبريل إلى 9.01 ملايين برميل يوميًا مقارنة مع 8.99 ملايين برميل يوميًا في نفس الفترة من العام الماضي، بحسب بيانات الهيئة. وأظهر نشاط الصناعات التحويلية في المملكة متانة في أبريل، ليقفز مؤشره الفرعي 7.4 % على أساس سنوي، بدعم من ارتفاع نشاط صناعة فحم الكوك والمنتجات النفطية المكررة الذي زاد 22.6 %، وصنع المواد والمنتجات الكيمائية الذي صعد 9.1 %. في سياق منقصل، أكدت وكالة كابيتال إنتليجنس للتصنيفات الائتمانية التصنيف الائتماني للمملكة العربية السعودية بالعملة الأجنبية طويلة الأجل والعملة المحلية طويلة الأجل عند "AA-". كما أكدت الوكالة -في بيان لها- تصنيف المملكة بالعملة الأجنبية قصيرة الأجل والعملة المحلية قصيرة الأجل عند "A1+"، وأبقت النظرة المستقبلية للتصنيفات مستقرة. وارتفعت الأصول الاحتياطية السعودية في الخارج إلى 1721.1 مليار ريال بنهاية مايو 2025، بزيادة 4 % على أساس شهري، وفقا لبيانات البنك المركزي السعودي. وانخفضت قيمة الاحتياطات بالعملات الأجنبية التي تمثل نحو 95 % من إجمالي الأصول بنحو 2 % خلال مايو 2025 مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 1626.6 مليار ريال. وانخفضت قيمة الاحتياطي السعودي لدى صندوق النقد الدولي بنسبة 1 % لتصل إلى 12.7 مليار ريال. فيما ارتفعت حقوق السحب الخاصة خلال الفترة بنسبة 3 % لتبلغ 80.2 مليار ريال. ويسعى صندوق التحوط "كينغ ستريت" لدخول السوق السعودية لينضم إلى موجة متنامية من المستثمرين العالميين الذين يسعون للاستفادة من خطة التحول الاقتصادي البالغة قيمتها تريليوني دولار في المملكة. وتسعى شركة إدارة الأصول البديلة، التي تدير أصولًا بقيمة 28.5 مليار دولار، للحصول على ترخيص من هيئة السوق المالية السعودية، يسمح لها بمزاولة نشاطها وإدارة أموال العملاء في المملكة. وتستثمر "كينغ ستريت" في أدوات الدين، والعقارات، والتزامات القروض المضمونة، كما تدير صناديق تحوط وصناديق سحب رأسمالية تدريجية. في السياق ذاته، أعلنت شركة "بلاك روك" أنها ستحصل على تمويل يصل إلى 5 مليارات دولار من "صندوق الاستثمارات العامة" للاستثمار في الشرق الأوسط، وتأسيس فريق استثماري مقره في الرياض، كما حصلت الشركة على موافقة بإنشاء مقر إقليمي في العاصمة السعودية، وتم تكليفها بالمساهمة في تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهون العقارية في المملكة. بينما تسعى شركة "تام" السلوفينية للحافلات لبدء تجميع مركباتها في السعودية استعدادا للتصنيع الكامل بمكونات محلية خلال عقد. وأنشأت الشركة بالفعل مصنعا في المدينة الصناعية الثالثة في الرياض، وبدأت عمليات التجميع في قطاع السيارات الكهربائية، والحافلات، والشاحنات الخفيفة، وسيارات الفان، مع خطط للتحول إلى التصنيع الكامل خلال 10 إلى 15 عاما. وتعمل الشركة حاليا على تطوير وإنتاج المركبات التجارية، مع التركيز بشكل خاص على الحافلات، وقال الرئيس التنفيذي للشركة: "بينما شهد العقد الأخير توسع (تام) في آسيا وأوروبا، فإن عودتنا إلى السوق السعودية بعد 60 عاما تأخذ طابعا مختلفا. نحن لا نبدأ من الصفر في المنطقة، لدينا تاريخ في السوق المحلية منذ 1961، ولا تزال بعض حافلاتنا القديمة تعمل حتى اليوم". وتعتمد خطة "تام" في السعودية على مرحلتين: الأولى، بناء شبكة مبيعات وصيانة قوية، تشمل توفير الحافلات الكهربائية وحافلات النقل داخل المدن والمركبات اللوجستية، ثم التوسع نحو التصنيع المحلي. ولفت إلى أن العودة للسوق السعودية اليوم جاءت بعد اختبار ميداني صارم، استغرق عامين ونصف بعد الجائحة، للتأكد من ملاءمة المركبات الكهربائية للبيئة المناخية القاسية في البلاد. وقامت الشركة بتشغيل 20 حافلة كهربائية في مطار الرياض في 2021، بالتعاون مع الخطوط الجوية السعودية، وبحسب الرئيس فقد أثبتت التجربة أن الأداء والكفاءة تجاوزا التوقعات، وأسهما في بناء الثقة مع الجهات المشغلة، وأضاف: "ننظر إلى السعودية كمنصة تصنيع إقليمي، وليس فقط كسوق مستهلكة، حيث نمتلك خطة طويلة الأمد تمتد 25 عامًا تستهدف الوصول إلى مركبات مصنوعة بالكامل في السعودية، وبمكون محلي يصل إلى 100 %". فيما تعتزم "الأندية الرياضية" السعودية طرح 30 % من أسهمها في "تداول" من خلال بيع أسهم مملوكة لمساهمين حاليين، وإصدار أسهم جديدة. وتتوزع الأسهم المقرر بيعها بواقع 20.19 % من قبل مساهمين حاليين، و9.09 % أسهم جديدة سيتم طرحها، وفق إفصاح لدى السوق المالية السعودية. ومن المنتظر أن يُعلن عن النطاق السعري وبدء عملية بناء سجل الأوامر للمستثمرين من المؤسسات في 22 يونيو، على أن تنتهي عملية بناء سجل الأوامر في 26 يونيو. وستبدأ فترة اكتتاب الأفراد في 8 يوليو وستستمر لمدة يوم واحد. وتعمل الشركة في قطاع اللياقة البدنية الواعد في المملكة، ولديها 56 ناديًا رياضيًا موزعين على 17 مدينة في السعودية، وفق الموقع الإلكتروني للشركة. ووفق نشرة الطرح، تخطط الشركة لافتتاح ما لا يقل عن 50 فرعًا إضافيًا خلال السنوات الخمس القادمة. وتنوي الشركة استخدام حصيلة الطرح في إنشاء وتجهيز أندية رياضية جديدة، وشراء الأجهزة الرياضية عالية الكفاءة، وتسديد الديون المستحقة. حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للسعودية نمو بنسبة 3.4 % خلال الربع الأول من 2025، مدعومًا بنمو القطاع غير النفطي بنسبة 4.9 %.