في آخر العهد العثماني وتحديدا في سنة 1908م دخل المستكشف والضابط البريطاني أرثر الى شبه الجزيرة العربية متوجها الى مكةالمكرمة متخفيا بصورة حاج مسلم وكانت تجربته الأولى التي استخدم بها قطار الحجاز قادما من بلاد الشام، وكان القطار مستهدفا من قبائل الحجاز وغيرها من القبائل رفضا للسيطرة الأجنبية على مناطق الحجاز حتى كانوا يقومون باعتراض طريقه ومهاجمته باستخدام السلاح او محاولة تقطيع وقلب عرباته بوضع مواد تتسبب بانحرافه اثناء السير وخروجه عن سكته ما يسبب انقلابه او توقفه لسهولة مهاجمته ونهبه. انطلق القطار كما قال أرثر من الشام متجاوزا جبل الشيخ وكان مقررا ان يقطعوا المسافة الى محطته الأخيرة في الحجاز خلال ثلاثة أيام الا ان سائقه كان متعبا ونام في إحدى محطاته قبل العلا وعند استيقاظه عصرا رفض الركاب المسير لخطورة قطع بقية الطريق ليلا فتأخروا يوما آخر وعند الانطلاق توقفوا بمحطة أخرى لا يسمح لغير المسلمين تجاوزها وهنا يقول أرثر توقفنا لتجديد النشاط والمؤمن وتناول القهوة مفيدا ان كل المحطات جنوب مدائن صالح محصنة بالخنادق والاسلاك الشائكة والمشهد بأكمله كما قال يذكرهم بجنوب افريقيا وقت الحرب وكان هناك قتال طول الوقت والسكك الحديدية في طور الانشاء. ولا تزال القبائل المتجولة تهاجم المواقع وقد مروا بعدد من العربات المحطمة التي خرجت عن المسار واضطروا الى المضي بحذر شديد وحذروا بأنهم قد يتم مهاجمتهم في أي لحظة. الا انهم وصلوا بسلام لمحطة المدينةالمنورة التي حينما اقتربوا منها سمعوا أصوات جلجلة البندقيات وتوقع ارثر ان يشهدوا قتالا دائرا بمحيط مكتب الحجر قبل ان يقال لهم بأن القتال في الوقت الحالي كان على الجانب الاخر من المدينةالمنورة. هنا يقول أرثر من الضروري أن اشرح لكم أسباب هذه الحروب الصغيرة وكيف تسير مبينا ان هذا الجزء من جزيرة العرب هو من الناحية النظرية مقاطعة تركية والقبال العربية التي تسكنها من الرعايا الاتراك بالاسم فقط. بما ان الحاكم غير عربي ويدعى أمير المؤمنين وعليه ان يتولى الوصاية على المدن المقدسة والحفاظ على النظام العام ولكن في واقع الامر فإن البدو وقبائل مستقلة تبقى لكل قبيلة مكانها وحكامها وقوانينها وعاداتها انهم عرق يعلق أهمية كبيرة على علم الانساب والنسب النبيل ويحتقرون بقية العالم ولا يستثنون من يسمون بعرب المدن مختلطو الدم او الشعوب الناطقة بالعربية. يعيش هؤلاء العرب في الصحراء كما يقول ويعرفون بالبدو وهذا يعني ان بلدهم جاف قاحل على وجود البقع الخصبة. انهم فرسان اقوياء واسياد النوق في الجزيرة العربية جسورون شجعان ذوو حيل ودهاء ويراهم بعض الحجاج والمستعمرين متوحشين ولهم أسباب وجيهة لبغضهم والخوف منهم وقد وجد الاتراك أن دفع مبلغ معين لشيوخ قبائل البدو الذين يتعين على قوافل الحج المرور بهم مقابل الحصانة من الهجوم وغير ذلك فإن احتلال الجزيرة العربية والسيطرة عليها سيطرة تجعلها دولة آمنه للمسافر سيكون في الوقت الحاضر أمرا عمليا مثل غزو القمر ولا يمكن لأي عرق اجنبي ان يأمل في تحقيق ما يريد. ان طبيعة البلاد وصعوبة النقل وندرة المياه وطبيعة البشر كما قال من شأنها ان تعجز فعليا جيشا أوروبيا. والبدو أنفسهم انداد أقوياء قساة ومسلحون ببندقيات حديثة وعندهم القدرة على دقة التصويب و على إطلاق النار من مسافات طويلة حول المدينةالمنورة. وقد قيل له ان عدد العرب المقاتلين يصل مئة ألف مقاتل ويمضي الى انه حال الانتهاء من سكة حديد الحجاز حاولت الحكومة التركية على عجل محاولة غير حكيمة لوقف دفع الجزية الإضافية لضمان القبائل في الطريق وهذا في واقع الامر لم يرقى الى حد كبير للبدو لأن الجزء بين سورياوالمدينةالمنورة لم يتسبب في أي مشكلة كبيرة للقوافل ومع ذلك انتشر الخبر عبر الجزيرة العربية واثار قلق القبائل الأكثر أهمية. وعند ما وصل القطار الأول اثار تساؤل بعض الفضوليين أيمكن لهذا الشئ ان يحمل ما يحمله جمل؟ فلما رأوا بعد أيام ان مئات الرجال واطنانا من الأمتعة تنزل منه ادركوا ان شيئا جديدا جاء الى بلدهم المحافظ فمقتوه ونفروا منه وكان من الواضح الى حد ما ان هذا من شأنه ان يجعل السفر على الجمال شيئا من الماضي ومعها جميع ارباحهم المتآتية من توظيف الجمال ودفع الجزية ولما علموا ان القطار وصل بأحماله من الحجاج من سوريا قاطعا المسافة للمدينة المنورة في غضون أربعة أيام تجاوزت دهشتهم كل الحدود. فكانت فكرتهم في البداية ان لا يذهب القطار ابعد من ذلك ويصل آرثر الى انهم وقت وصولهم للمدينة كان الاتراك قد حشدوا نحو عشرة الاف مقاتل مع عشرين مدفعا وكان عدد العرب يزيد عن عشرين ألف مقاتل. (كان العرب مصممون على إيقاف القطار وتقطيع اوصاله وكان ذلك من منطلق مزاحمة مصدر رزقهم ورفضا للمستعمر الأجنبي). المستكشف البريطاني أرثر سكة حديد الحجاز سفينة الصحراء سعود المطيري