طوال أربعة أيام من التوتر الشديد، تابع العالم بقلق تبادل الهجمات بين الهند وباكستان التي كانت تنذر بنشوب حرب شاملة بين البلدين النوويين، وقد تباينت ردود فعل الدول تجاه هذه الأحداث لاعتبارات كثيرة، فبينما اكتفت بعض الدول، وخاصة المؤثرة منها، بمراقبة الوضع والانتظار، دعت دول أخرى البلدين المتخاصمين إلى حل النزاع بينهما بالطرق السلمية، لكن قيادة المملكة أدركت خطورة الوضع قبل الآخرين وحركت ماكينتها الدبلوماسية لوقف التصعيد ومنع انتشار رذاذ الحرب إلى منطقة الخليج المحاذية للهند وباكستان برًا وبحرًا في وقت يشهد فيه العالم حالة من الفوضى المنفلتة. ولأن قيادة المملكة تأخذ بالحسبان العوامل الجيوسياسية الحساسة، بينما يرى الآخرون العالم من منظور استثماري وعسكري - تجاري، فقد نشطت من اللحظات الأولى لتفجر الصراع بالاتصال بقيادات الهند وباكستان، لكن الأمر لم يقتصر على اتصالات وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، فقام وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء عادل بن أحمد الجبير، بتوجيه من قيادة المملكة السياسية بزيارة لنيودلهي وباكستان في "إطار مساعي المملكة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية، والعمل على حل كافة الخلافات من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسية"، كما جاء في بيان وزارة الخارجية. وقد نجح الوزير الجبير، صاحب الخبرة الدبلوماسية الطويلة، مستندًا إلى دور المملكة المحوري وثقلها السياسي والمالي، (أكثر من 15 مليونًا من المواطنين الهنود والباكستانيين وتحويلات مالية ومشاريع استثمارية بمئات المليارات من الدولارات) إضافة إلى علاقات الصداقة التي تربط المملكة بالبلدين المتنازعين في إطفاء فتيل الحرب وإقناعهما بوقف القتال الذي كان في جانب منه اختبارًا للقدرات العسكرية للبلدين وأنواع السلاح المستخدم. وتعرف قيادة المملكة أن قضية كشمير سوف تظل مصدر توتر بين الهند وباكستان، لذك فهي تراهن على احتكام قيادات البلدين للعقل لحل هذه المشكلة، وهي بذلك تعطي للآخرين، والدول المؤثرة في العالم درسًا في الدبلوماسية لحل المشكلات قبل تفاقمها بعيدًا عن فوهات المدافع والطائرات الحربية والصواريخ والطائرات المسيّرة، وأنه يمكن لمن يسعون لأمجاد شخصية ويريدون أن يدخلوا التاريخ من خلال الحروب أن يحققوا ذلك من خلال الطرق السلمية والاعتراف بالآخر وحقوقه ومصالحة ومعتقداته. لقد كان دور المملكة محفزًا للآخرين ليتدخلوا في وقف انتشار نار الحرب بين الهند وباكستان، لقد بات العالم يعرف الآن أن الفضل يعود للمملكة في إطفاء لهيب الحرب، وعسى أن يكون هذا درسًا لمن يريدون إنهاء الحروب بأنهم ليسوا الوحيدين الفاعلين في الساحة الدولية، وليتعلموا كيف يصنعون السلام بدلاً من ألاعيب السياسة وازدواج المعايير.