النجاحات السياسية والدبلوماسية العظيمة التي حققتها المملكة في تخفيف حدة التوتر وصولاً للإعلان عن وقف نهائي لإطلاق النار بين جمهوريتي باكستانوالهند، خلال فترة قصيرة جداً، تؤكد على ثقة الأطراف المتنازعة –باكستانوالهند– بالمكانة الكبيرة والمتميزة والمحورية للمملكة في المجتمع الدولي وبرسالتها العالمية الداعية للسلام والأمن والاستقرار والازدهار.. العملية الإرهابية التي وقعت بإقليم كشمير في 22 ابريل 2025م مُستهدفة عددا من السياح، تسببت بحالة توتر وتصاعد متسارعة بين جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند. هذا التوتر والتصاعُد المُتسارع تطور لتبدأ معه أزمة سياسية ودبلوماسية عندما أقدمت الهند على خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع جمهورية باكستان الإسلامية تحت ادعاء أن الإرهابيين الذين استهدفوا السياح في إقليم كشمير انطلقوا من داخل الأراضي الباكستانية. وفي مقابل هذه الخطوة السياسية والدبلوماسية التي اتخذتها الهند، ردت باكستان بحظر عبور الطائرات الهندية من مجالها الجوي ثم أتبعتها بتعليق التجارة عبر الحدود الباكستانيةالهندية. وفي مقابل هذه الخطوات السياسية والاقتصادية التي اتخذتها باكستان أقدمت الهند على تعليق العمل باتفاقية تقاسم المياة المعروفة باسم "معاهدة مياه نهر السند" التي تحكم توزيع مياه ستة أنهار تنبع من جبال الهمالايا بالهند وتعتبر مصدراً رئيسياً للري والزراعة وتوليد الكهرباء. وبعد قرابة الأسبوعين من هذا التصاعد المُتسارع واتخاذ الإجراءات العقابية المتبادلة بين باكستانوالهند، أقدمت الهند، في 6 مايو 2025م، بتنفيذ ضربات جوية داخل الأراضي الباكستانية معلنةً أنها استهدفت معسكرات للإرهابيين. وفي مقابل هذه العملية العسكرية الهندية، أعلنت باكستان، في 7 مايو 2025م، أنها اسقطت خمس طائرات هندية، بالإضافة لاشتباكات مسلحة بين الجيشين الباكستانيوالهندي عبر الحدود. وأمام هذه الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية المُتصاعدة والمُستارعة التي قد تؤدي لحرب شاملة بين باكستانوالهند –اللتين تعتبران دولتين مهمتين في السياسة الإقليمية والدولية، وكبيرتين بإمكاناتهما السياسية وقدراتهما الاقتصادية وعدد سكانهما الذي يقارب المليارين نسمه، ومؤثرتين في ميزان الغذاء العالمي لقدرتهما على انتاج مئات الملايين من الاطنان من مختلف المنتجات الزراعية– بادرت المملكة العربية السعودية، كما هو معهود عنها، بالعمل على تخفيف حدة التوتر، والسعي لخل الخلافات بالطرق الدبلوماسية والحوار بين جمهوريتي باكستانوالهند، وهذا الذي أكد عليه البيان الصَّادر عن وزارة الخارجية في 9 مايو 2025م وجاء فيه: "بتوجيه من قيادة المملكة العربية السعودية –حفظها الله–، قام معالي وزير الدولة للشؤون الخارجية عضو مجلس الوزراء ومبعوث شؤون المناخ الأستاذ عادل بن أحمد الجبير، بزيارة لجمهورية الهند وجمهورية باكستان الإسلامية الشقيقة خلال الفترة (8 - 9 مايو 2025م)، وذلك في إطار مساعي المملكة للتهدئة ووقف التصعيد وإنهاء المواجهات العسكرية الجارية، والعمل على حل كافة الخلافات من خلال الحوار والقنوات الدبلوماسية". نعم، لقد بادرت وسعت المملكة لتخفيف حدة التوتر وحل الخلافات بالمفاوضات والطرق الدبلوماسية بين باكستانوالهند، وقد أثمرت هذه المبادرة الكريمة التي وجه بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان –حفظهما الله–، أن تعلن الدولتان الجارتان، باكستانوالهند، عن وقف فوري وشامل لاطلاق النار بينهما والعودة عن الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها كل دولة تجاه الدولة الأخرى مُنذُ العملية الإرهابية في ال22 ابريل 2025م، وهذا الذي أكد عليه البيان الصَّادر عن وزارة الخارجية في 10 مايو 2025م وجاء فيه: "تعرب وزارة الخارجية عن ترحيبها باتفاق وقف إطلاق النار بين جمهورية باكستان الإسلامية وجمهورية الهند، معبرةً عن تفاؤلها في أن يفضي هذا الاتفاق إلى استعادة الأمن والسلم في المنطقة. وتشيد المملكة بتغليب الطرفين للحكمة وضبط النفس، وتجدد في هذا الصدد دعمها لحل الخلافات بالحوار والسبل السلمية، انطلاقًا من مبادئ حسن الجوار، وبما يحقق السلام والازدهار للبلدين ولشعبيهما". نعم، إنها أعمال عظيمة ومساعٍ جبَّارة تلك التي اتخذتها وعملت عليها المملكة تجاه الأزمة المُتصاعدة والتوتر المُتسارع الذي حدث بين باكستانوالهند حتى أوشك أو كاد أن يتطور إلى حرب شاملة بين دولتين تملكان قدرات عسكرية متقدمة جداً منها الأسلحة النووية. نعم، إن إدراك المملكة لأهمية الحلول السلمية بين الأطراف المتنازعة أياً كانت تلك الأطراف الدولية، وإن إدراك المملكة للعواقب السلبية والمدمرة للصراعات والحروب بين الأطراف المتنازعة أياً كانت تلك الأطراف، جعلها تبادر مباشرة –كما هو معهود عنها– لأن تنادي بالحوار والتفاهم، وتدعوا لإنهاء حالة الخلاف، وتطالب بحل المشاكل المتراكمة، بين جمهوريتي باكستانوالهند قبل أن تتصاعد تلك الخلافات والمشاكل لحالة من الحرب الشاملة المدمرة للشعوب والمجتمعات والدول. وهذه المُناداة الصَّادقة، والدعوة الصَّائبة، والمطالب البنَّاءة، التي رفعتها المملكة أكدت عليها الأفعال عندما أرسلت مبعوثاً خاصاً للبلدين المتنازعين –باكستانوالهند– لتكون بذلك الدولة الوحيدة في المجتمع الدولي التي أرسلت مبعوثاً خاصاً رفيع المستوى للبلدين. وإذا كانت المملكة تؤمن إيماناً يقينياً بأهمية الدبلوماسية والمفاوضات والحوار لحل النزاعات والخلافات بين المجتمعات والدول، فإن النجاحات السياسية والدبلوماسية العظيمة التي حققتها في تخفيف حدة التوتر وصولاً للإعلان عن وقف نهائي لإطلاق النار بين جمهوريتي باكستانوالهند، خلال فترة قصيرة جداً، تؤكد على ثقة الأطراف المتنازعة –باكستانوالهند– بالمكانة الكبيرة والمتميزة والمحورية للمملكة في المجتمع الدولي وبرسالتها العالمية الداعية للسلام والأمن والاستقرار والازدهار. وفي الختام من الأهمية القول بأن رسالة السلام العالمية التي تحملها المملكة تجاه جميع أطراف المجتمع الدولي، ومكانتها الدولية الكبيرة والمتميزة في جميع المجالات والمستويات، والثقة المُتصاعدة بسياساتها وحكمة قادتها –حفظهما الله– جعلها محل ثقة جميع الدول بما فيها الأطراف المتنازعة مثل الهندوباكستان، أو روسيا وأوكرانيا، أو روسيا والولايات المتحدة. نعم، لقد نجحت سياسة ودبلوماسية المملكة في تحقيق نجاحات جبارة تمثلت بالتهدئة البناءة وانتهاء بوقف إطلاق النار بين باكستانوالهند انطلاقاً من ثقة هاتين الدولتين الكبيرتين بمكانة المملكة الدولية وبدورها المحوري والدولي والعالمي في ترسيخ الأمن والسلم والاستقرار وتحقيق التنمية الشاملة التي تعود على جميع المجتمعات بالتطور والتقدم والازدهار.