نعيش اليوم إنجازات كانت بالأمس حلمًا، فعندما يتسلح الطموح بتخطيطٍ واعٍ وجهود كبيرة من قيادتنا؛ حينها يصبح الحلم حقيقة قبل موعده، فلم تنتظر بلادنا الوقت لتحقق الإنجازات، بل جعلت الإنجازات واقعًا أمام أعيننا قبل موعدها بستة أعوام بفضل من الله -عز وجل- علينا ثم بفضل الرؤية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله ورعاهما-. فبعد مرور تسعة أعوام من انطلاق الرؤية رأينا إنجازاتٍ عظيمة في كل ركنٍ من أركان الدولة ومن كل جانبٍ من حولنا، وبناءً على التقرير السنوي لرؤية 2030 نستندُ على هذه الإنجازات بالأرقام والأدلة ونُبرهن عليها بأعيننا واقعًا نعيشه اليوم وحلمًا لطالما سعينا لتحقيقه، فالجميع واصل الليل بالنهار لنزرع النجاح في كل خطوةٍ من خطواتنا. ولم تكن الرؤية يومًا تحدق في الأفق البعيد فقط؛ بل سبقت وقتها وأثبتت للعالم أجمع أن السعودية قادرة على تحقيق أعظم الطموحات والإنجازات لنسارع الوقت ونكسر الزمن قبل قدومه، فلو تمعنا في النظر من حولنا لرأينا أن المرأة السعودية في مكانة مختلفة تمامًا عن الماضي، فالمرأة السعودية نشهد على إنجازاتها منذ قديم الأزل وعلى دورها الكبير في النهوض بالدولة السعودية. ولكن اليوم يسمع صدى نجاح إنجازاتها العالم أجمع لتقف على قدمٍ وساق وتعزز من صورة المرأة السعودية في مختلف المجالات، فقد أثبتت المرأة نفسها في سوق العمل بكفاءة وساعدتها الرؤية على ذلك من خلال تطبيق خطط واستراتيجيات لتصل نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل إلى 33.5 % مجاوزةً الهدف الذي وضعته الرؤية والذي قُدر ب 30 %، وبعد تحقق الحلم اليوم تهدف الرؤية إلى زيادة هذه النسبة إلى 40 %، حيث إن الرؤية عززت بقوة من دور المرأة لتشارك اليوم في البعثات الإنسانية، والقيادة التعليمية والهيئات الثقافية. كما أن الرؤية ساعدت المرأة في تولي مناصب القيادة العليا في العديد من القطاعات الحكومية والخاصة لتصل إلى نسبة 44 % بمعدل 1707 امرأة في منصب قيادي بدلًا من 1000 امرأة وفقًا لأهداف الرؤية، ودعمت ريادة الأعمال من خلال التمويل والتدريب والاستشارات لتسجل السيدات السعوديات أكثر من 1.3 مليون سجل تجاري، وفتحت لها مجالات عمل واسعة كانت حكرًا على الرجال أمام المرأة لتشارك اليوم بدور فعال وقوي في المجتمع المدني والقطاع العسكري والأمني، والهندسة والتعدين وغير ذلك. بالإضافة إلى أن الرؤية ساعدت في تعديل المناهج التعليمية بين مدارس البنين والبنات لتمكين الفتيات السعوديات وإدخال برامج جديدة لهم، كما سَنت قوانين وأنظمة لمكافحة التحرش والتمييز ضد المرأة، وحسنت من جودة الحياة لها عن طريق السماح بقيادة السيارة لتصل نسبة النساء الذين يقدن 31 % في عام 2023 وبالتالي ساهم ذلك في ارتفاع مساهمة المرأة في سوق العمل. ولم ينته دور الرؤية على تمكين المرأة في سوق العمل فقط؛ بل ساعدت الرؤية الحكيمة في الحد من البطالة والتقليص منها بصورة مثالية، فهدف الرؤية أن ينخفض معدل البطالة بحلول عام 2030 إلى 7 %، ولكن بفضل الله سبحانه وتعالى ثم الدعم الكبير الذي قدمه الأمير محمد بن سلمان استطعنا أن نحقق الحلم قبل موعده لنصل في عام 2024 إلى ما نطمح إليه وتنخفض معدلات البطالة بنسبة 7.8 % بالفعل قبل الستة أعوام المحددة، ويعد هذا الانخفاض تاريخي وتصبح المملكة ضمن الأفضل عالميًا في انخفاض معدل البطالة لتصل إلى المركز الخامس بين الدول العشرين. ولم تنخفض البطالة إلا بجهود الرؤية الجبارة في كافة الجوانب، فمن أهم الأهداف التي سعى ولي العهد -حفظه الله- إلى تحقيقها تعزيز جودة الحياة للمواطنين والمقيمين واتباع الشعار الذي نصت عليه الرؤية منذ البداية «مجتمع حيوي.. واقتصاد مزدهر.. ووطن طموح» عن طريق التعزيز من القيم الإسلامية والوطنية، وزيادة التفاعل الاجتماعي والتطوعي، فهناك العديد من المؤشرات الحسنة والتي جعلتنا نشع أملًا ونزيد تحفيزًا لمواصلة المزيد من التقدم يومًا بعد يومٍ بأمر الله تعالى. حيث أظهرت الإحصائيات التقدم الكبير في زيادة عدد المتطوعين متخطين مستهدف رؤية 2030 البالغ مليون متطوع ليصل عدد المتطوعين في 2024 إلى 1.23 مليون متطوع، وهذا في حد ذاته إنجاز كبير استطعنا تحقيقه في وقت قياسي، بالإضافة إلى أن الرؤية دعمت وبشدة تحسين جودة الحياة لنرى المؤشرات اليوم عاكسةً لفلسفة إدارية تدير الوقت بدلًا من أن تنتظر مجيئه. فالمؤشرات دلت على تحسن جودة الحياة في المجتمع السعودي للجميع، حيث ارتفع معدل ممارسة الرياضة إلى 19% وفقًا لعام 2021، وتطورت المرافق الترفيهية والثقافية لندق ساعة النجاح بأيدينا، كما أظهرت الرؤية دورها الكبير في تنمية الإسكان لنقترب جدًا من النسبة المستهدفة، ففي عام 2024 وصلت نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن 65.4 %، بالإضافة إلى التطور الكبير الذي حدث في الحكومة الرقمية ليساعد المجتمع في الحصول على الخدمات الحكومية بشكلٍ يسير وسريع في ذات الوقت وليعزز من الشمولية وكفاءة الخدمات، حيث احتلت المملكة العربية السعودية المركز السادس على مستوى العالم في تطور وازدهار الحكومة الرقمية بعام 2024. أما في الجانب الثقافي فقد أظهرت الرؤية اهتمامها الكبير بها لنحافظ على التراث السعودي ونعزز منه، ونتمكن من تطوير الصناعة الثقافية والإبداعية، ونعزز بصورة كبيرة من تعزيز التبادل الثقافي الدولي، وها قد مرت الأيام لنرى هذا الاهتمام جليًا أمام أعيننا، فقد حققت المملكة مستهدف رؤية 2030 واستطعنا أن نسجل 8 مواقع تراثية في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، كما أظهرت الإنجازات لدى اليونسكو تسجيل 8 عناصر من التراث الثقافي غير المادي. ووفقًا لعام 2020 زادت عدد المواقع التراثية القابلة لاستقبال الزوار والسائحين إلى 354 موقع، مما أدى ذلك إلى تطور مدينة الدرعية والتي أثبتت نفسها في عام 2024 باستقبال أكثر من 3 ملايين زائر، وقد أثر هذا إيجابيًا على نمو قطاع الترفيه بالمملكة لتتجاوز الشركات العاملة في قطاع الترفيه 1000 شركة، وإطلاق ما يزيد عن 2000 فعالية تطوعية وثقافية ورياضية بحضور أكثر من 46 مليون زائر. لتحقق بهذا تطورًا ملحوظًا في الجانب السياحي، فلم يخفى علينا جميعًا تمتع المملكة بقوة سياحية عظيمة لامتلاكها أهم الوجهات الدينية على وجه البسيطة ولازدهارها بشواطئ وسهول لا مثيل لها في العالم، ولهذا استطاعت الرؤية أن تخلق بيئة ديناميكية تساعد في بناء الطموحات والنجاح، فالمستهدف أن يصل عدد السياح إلى 100 مليون سائح بحلول عام 2030، ولكن بالفعل أصبح هذا واقعًا واستطاعت المملكة تجاوز هذا العدد في عام 2024. حيث زادت أعداد المعتمرين من خارج المملكة إلى ما يزيد عن 16.92 مليون معتمر لعام 2024، متخطين المستهدف لهذا العام بخمسة ملايين معتمر تقريبًا، كما أن الرؤية أوضحت النمو السريع في قطاع السياحة السعودية على مستوى عالمي لتصل إلى 14 %، وذلك بفضل التطورات الكبيرة في الوجهات السياحية الجديدة والتي من أهمها نيوم، والبحر الأحمر، والعلا، والدرعية، والقدية وغير ذلك، حيث نرى بالفعل تحقيق نسب إنجاز متقدمة في استقبال الزوار كوصول منتزه أكواربيا في القدية في عام 2024 إلى نسبة 81 %، كما أن عدد المقرات الإقليمية للشركات العالمية داخل السعودية تجاوزت 571 شركة وبهذا قد تجاوزنا مستهدف 2030. وإنّ تجاوز المستهدفات مبكرًا لا يدل إلا على الطموح الكبير، والعزيمة التي غُرست في قلوبنا لنتحدى الصعاب ونجدد الشغف بداخلنا مع إنجاز كل مرحلة لنستعد لاقتحام أعلى المراحل ونسبق دائمًا الحُلم قبل موعده ليشهد العالم أجمع على التاريخ السعودي والتطورات والإنجازات الجمة التي تزداد بتخطيطٍ عظيم من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- لنبني مستقبلًا لا ينكسر أمام الزمن مهما حدث بإذن الله تعالى.