اتجه المضاربون في سوق العملات إلى خفض رهاناتهم قبيل ما أطلق عليه الرئيس ترمب "يوم التحرير"، والذي سرعان ما تحوّل إلى "أربعاء الكارثة" بعد أن فجّر موجة اضطرابات عنيفة في الأسواق العالمية. ضربت الهزة التي أحدثها الإعلان المفاجئ عن الرسوم الجمركية الدولار الأميركي ودفعَت الأسهم وعوائد السندات إلى تراجعات حادة، وخلال الأسبوع المنتهي في 1 أبريل، أظهرت بيانات العقود الآجلة في بورصة شيكاغو (IMM) أن صافي مراكز الدولار الأميركي مقابل سلة مكوّنة من ثماني عملات رئيسة قد عاد إلى موقع شرائي طفيف، مسجلاً 1.2 مليار دولار. وقال أولي هانسن – رئيس استراتيجية السلع في ساكسو بنك، " شهدت سبع عملات من أصل ثماني عمليات بيع صافية، تصدّرتها عمليات تصفية مراكز الشراء في اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري. ورغم الأوضاع المتقلبة، بقي صافي المراكز الشرائية قائماً في الين الياباني (ما يعادل 10 مليارات دولار)، اليورو (7 مليارات دولار)، والجنيه الإسترليني (3 مليارات دولار). في المقابل، سجّل الدولار الكندي والفرنك السويسري أكبر مراكز بيع صافية بقيمة -9 مليارات و-6 مليارات دولار على التوالي. أسواق السلع انتهت فترة التقرير قبل إعلان ترمب عن موجة الرسوم الجديدة، والتي أطلقت شرارة تراجعات حادة عبر الأسواق، بما فيها أسواق السلع الأساسية. وقد غذّت تلك القرارات المخاوف من ركود اقتصادي عالمي، وأدّت إلى إعادة تسعير جذرية لتوقعات الطلب. وفي الأيام التالية، تراجع مؤشر بلومبرغ للسلع بنسبة 7.5 %، ليمحو تقريباً جميع مكاسب العام حتى تاريخه. وعلى الرغم من أن أداء السلع لا يزال أفضل من نظيره في أسواق الأسهم، إلا أن الخسائر كانت فادحة، لا سيما في السلع الدورية مثل الطاقة والمعادن الصناعية، مما دفع المتداولين المموّلين بالرافعة إلى تسريع وتيرة خفض تعرضهم للأسواق، وهو ما زاد من حدة التراجعات على المدى القصير. من أبرز هذه الخسائر: انخفاض خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 17 %، والنحاس بنسبة 14.5 %، والفضة بنسبة 13 %. من المتوقع أن تستمر الضغوط الهبوطية على أسعار السلع في الأجل القصير، بفعل مخاطر الركود والإجراءات التجارية الانتقامية المحتملة. إلا أن هناك عوامل دعم قد تظهر لاحقاً، مثل تقلص المعروض نتيجة تراجع الأسعار، وضعف الدولار، وزيادة التحفيز الاقتصادي، خصوصاً من الصين وربما أيضاً من أوروبا. كما تجدر الإشارة إلى أن فترات الركود التضخمي – التي تتسم بارتفاع التضخم والبطالة وتباطؤ النمو – غالباً ما كانت داعمة لأسعار السلع تاريخياً، لا سيما الذهب. وبما أن هذه التطورات حدثت بعد نهاية فترة التقرير، فإن البيانات المتوفرة تسلط الضوء على السلع التي كانت الأكثر انكشافاً لموجة خفض المراكز التي أعقبت الحدث. كما أدى ارتفاع صافي المراكز الشرائية في عقود خام برنت بنسبة 21 % خلال فترة التقرير إلى جعل السوق عرضة بشكل خاص لموجة بيع لاحقة، في ظل تصاعد المخاوف من الركود وقرار تحالف "أوبك +" المفاجئ بزيادة الإنتاج بدءاً من الشهر المقبل. كما ساهمت الزيادة في مراكز شراء وقود الديزل والبنزين في تعريض القطاع بأكمله لضغوط بيع كثيفة. قطاع المعادن شهدت الفضة تراجعاً حاداً بنسبة 18 % من القمة إلى القاع منذ إعلان الرسوم، بعد أن كانت قد بدأت بالفعل عمليات تصفية مراكز جزئية، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لاحتواء الانهيار الذي تفاقم بسبب اتساع الفارق السعري بين بورصتي كومكس ولندن وتصاعد الهواجس من ركود عالمي. كذلك، خضعت كل من مراكز الذهب والنحاس لعمليات جني أرباح، إلا أن بقاء المراكز الطويلة عند مستويات مرتفعة جعل السوق هشاً أمام أية صدمة.